تفسير

تعرف على أحكام السب والشتم في الإسلام

تحدثت الآيات من سورة النور عن أحكام القذف ومنها العقوبة التي تتعلق بالقاذف من إقامة الحد عليه، وعدم قبول شهادته، وكونه في عداد الفاسقين.

الرمي بالزنا

قال الله: (وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ)

بين الله أن الذين يرمون المحصنات وهن النساء الشريفات العفيفات بالزنى ثم لم يأتوا على قولهم بأربعة يشهدون على وقوع تلك الجريمة فإنه يجب إقامة الحد على أمثال هؤلاء الذين يرمون الناس في شرفهم.

والرمي في أصل اللغة يستعمل في رمي الشيء باليد كرمي الحجر أو السهم، ثم استعمل الرمي في القذف والشتم مجازا والمراد هنا السب بالزنا؛ لأنه اشترط وجود أربعة يشهدون على وقوع تلك الجريمة.

والأمر لا يختص بالنساء دون الرجال فإن من قذف رجل وجب إقامة الحد على قاذفه سواء كان رجلا أو امرأة.

معنى الإحصان

والإحصان يأتي بمعنيين: الأول: الزواج فنقول رجل محصن أي متزوج، وامراة محصنة أي متزوجة.

والثاني: العفة والطهارة فنقول امرأة محصنة أي شريفة عفيفة، ورجل محصن أي شريف عفيف، وسميت المرأة العفيفة محصنة لأنها تمنع نفسها من كل سوء.

سر التعبير عن النساء

وجاء التعبير في القرآن عن النساء لأن قذفهن أشنع والعار الذي يلحقهن بسبب ذلك أشد.

سر الإشارة للضرب بالجلد

والتعبير عن الضرب بالجلد للاشارة إلى أن هذا الضرب لابد وأن يكون فيه إيلام، ويكون الجلد قريبا من الجلد فلا يكون هناك حشو يفصل بين الجسم وآلة الضرب.

حد القذف

قال الله: (فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٤)

وهذا الحد يكون ثمانين جلدة لأنهم كذبة في قولهم يطعنون الناس في شرفهم ويتهمون البريئات من المؤمنات، ويخضوضون في الأعراض.

العقوبة المعنوية

وهذه هي العقوبة المادية، وهناك عقوبة معنوية أخرى وهي عدم قبول شهادتهم أبدا ما داموا مصرين على كذبهم ورمي الناس بالباطل؛

لأن هؤلاء بهذا الفعل يكونون خارجين عن طاعة الله، وهناك عقوبة دينية أنهم يكونون في عداد الفاسقين أي الخارجين عن طاعة الله وآدابه وشريعته

فهذا الذي يرمي المؤمنات بالزنى تعلقت به ثلاثة أحكام وهي إقامة الحد عليه ثمانين جلدة، وعدم قبول شهادته طالما أنه مصر على رمي البريئات، ويكون عند الله في عداد الفاسقين.

سبب عقاب القاذف

وسبب عقاب الله للقاذفين بهذا العقاب لأن أقسى شيء على النفوس الشريفة أن ترمى بهذه التهم الباطلة ولعل رأس تلك التهم أن يرمى الإنسان بالزنى.

توبة القاذف

قال الله: (إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٥ )

فإذا تاب هؤلاء الذين يرمون العفيفات بالزنى ورجعوا عن غيهم وأصلحوا من أعمالهم فلم يعودوا لهذا الذنب أبدا فإن الله غفور يعفوا عنهم رحيم بهم، فوصف الفسق لا يزول عن القاذف إلا بتوبته وصلاحه.

شروط إقامة الحد على القاذف

وضع الفقهاء عددا من الشروط التي يجب أن تكون في المحصن إذا قذفه أحد بالزنى وهي:

1 – الحرية فلا حد على من قذف عبدا أو أمة.

2 – الإسلام فلا حد على قاذف مرتد أو كافر لأنه غير محصن، بالرغم من أن الكافر يحد في في إقامة حد الزنا لأن هذا الحد فيه إهانة له.

أما في إقامة حد القذف على قاذفه فهو إكرام له وهو ليس من أهل الإكرام،

ويرى الشافعي وأحمد أنه لا يشترط الإسلام لكي يكون الإنسان محصنا وحجتهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رجم يهودييين في الزنا ولو كان الإسلام شرطا في إقامة الحد ما رجمهما.

3 – العقل والبلوغ

4 – العفة عن الزنى فإذا كان معروفا بارتكابه جريمة الزنا سقطت عفته، وكل مسلم الأصل فيه أنه تثبت له العفة ما لم يقر أو يثبت عليه هذا الأمر بأربعة شهود عدول، ولا يطالب الإنسان بإثبات عفته لأن فيه الأصل فيه أنه عفيف.

حكم قذف المحصن والمحصنة

قذف المحصن والمحصنة حرام وهو من الكبائر التي أمر الله بإقامة الحد على فعلها كما سبق في الآيات، وقد بين رسول الله أنها من الكبائر.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌اجتنبوا ‌السبع الموبقات).

قالوا: يا رسول الله: وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)[البخاري]

حكم التعريض بالقذف

من سب رجلا أو امراة سبا صريحا بالزنى فلا خلاف في وجوب إقامة الحد عليه، وأما من عرض برمي غيره بتلك الفاحشة بأن قال كلاما يحتمل القذف ويحتمل غيره فقد اختلف الفقهاء في ذلك:

فذهب الحنفية إلى أن التعريض بالقذف قذف، كقوله : ما أنا بزان وكقوله : أمي ليست بزانية. لكنه لا يحد لأن الحد يسقط بالشبهة.

وذهب الشافعية إلى أن هذا ليس من القذف وإن نواه، لأن النية تؤثر في اللفظ المنوي إذا كان هناك دلالة في اللفظ واحتمال وهذا اللفظ لا دلالة فيه ولا احتمال.

بم يثبت القذف

يثبت القذف بشهادة شاهدين عدلين ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال في قول عامة الفقهاء،

فعن الزهري أنه قال: جرت السنة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والخليفتين من بعده أن لا تقبل شهادة النساء في الحدود، ولا تقبل فيه الشهادة على الشهادة، ولا كتاب القاضي إلى القاضي؛ لأن موجبه حد يندرئ بالشبهات، وهو قول النخعي والشعبي، وأبي حنيفة وأحمد.

سقوط حد القذف

يسقط إقامة حد القذف بأمور منها:

1- بعفو المقذوف عن القاذف وقد اختلف الفقهاء في هذا هل من حق المقذوف أن يعفوا عن قاذفه أم لا:

فمنهم من قال: هذا حقه. ومنهم قال: ليس من حقه العفو، قال ابن رشد: والسبب في اختلافهم هل هو حق لله أو حق للآدميين أو حق لكليهما؟

فمن قال حق لله: لم يجز العفو كالزنا، ومن قال حق للآدميين: أجاز العفو، ومن قال حق لكليهما وغلب حق الإمام إذا وصل إليه، قال بالفرق بين أن يصل الإمام أو لا يصل، وقياسا على الأثر الوارد في السرقة في حديث صفوان بن أمية في قصة الذي سرق رداءه ثم أراد ألا يقطع، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به).

مواضيع ذات صلة