قصة أصحاب الكهف من خلال سورة الكهف
تحدثت الآيات هنا عن قصة أصحاب الكهف وما كان من عجيب أمرهم، حيث ضرب الله بهم المثل على قدرته على إحياء الموتى حيث ضرب الله على آذانهم فناموا سنين عددا دون أن تتغير أجسامهم.
بداية الحديث عن أصحاب الكهف
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (٩)
سبب نزول آيات أصحاب الكهف
ذكر المفسرون في سبب نزول قصة أصحاب الكهف ما ملخصه:
أن النضر بن الحارث كان شديد العداء للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أرسلته قريش هو وعتبه بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة؛
ليسألوهم عن محمد -صلى الله عليه وسلم- وصفته فإنهم كانوا يؤمنون أنهم أهل كتاب وعندهم من العلم ما ليس عندهم، فقال اليهود لهم : سلوه عن ثلاث:
1 – فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإن حديثهم عجب.
2 – وعن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها.
3 – وعن الروح ما هو؟
فإن أخبركم فهو نبي وإلا فليس بنبي، فلما رجع النضر وعتبه إلى مكة أخبروا الناس بما قاله هؤلاء اليهود فبلغ الأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله: أخبركم بما سألتم عنه غدا.
ولم يستثن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمكث رسول الله خمس عشرة ليلة دون أن يخبرهم بالجواب حتى أرجف أهل مكة به، فشق ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى جاءه جبريل بسورة الكهف،
وفيها معاتبة للنبي على حزنه عليهم، وفيها خبر الفتية، وخبر الرجل الطواف وهو ذو القرنين، وجوابهم عن الروح.
الفرق بين الكهف والغار
هنا يبدأ الحديث عن قصة أصحاب الكهف، ومعنى الكهف أي النقب أو الفتحة المتسعة في الجبل، فإذا لم تكن متسعة سميت غارا.
معنى الرقيم
والرقيم هو اللوح الحجري الذي كتبت عليه أسماؤهم، وهذا من عادة الملوك والعظماء أنهم يكتبون على الأحجار الأسماء والتورايخ ومناقبهم، وهؤلاء الفتية كانوا من أبناء أشراف الروم وعظمائهم.
وأصحاب الكهف والرقيم طائفة واحدة وليسوا بطائفتين لأن الله حدثنا عن أصحاب الكهف ولم يذكر شيئا عن أصحاب الرقيم.
معنى أم حسبت
والآية بدأت بقول الله: “أم”. وهو حرف يدل على الانتقال من كلام لآخر، وهذا الحرف بمعنى “بل” وحرف الاستفهام كأن الله قال: بل أحسبت.
وظاهر الخطاب هنا للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد به غيره، فقد تعجب القوم من قصة أصحاب الكهف، وسألوا عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فرد الله عليهم بقوله: لا تحسبن يا محمد أن العجب في قصة أصحاب الكهف فقط فكل آيات الله عجب، فمن يقدر على خلق السماوات والأرض، وعلى تزيين السماء بالكواكب والنجوم،
وتزيين الأرض بما عليها مما فيه منافع للإنسان ثم يجعل كل هذا ركاما كأنه لم يكن، لا يستبعد في قدرته أن يحفظ طائفة من الناس مدة ثلاثمائة عام وأكثر في نومهم حتى يقوموا من نومهم كأنهم ناموا يوما أو بعض يوم.
الفتية يأوون إلى الكهف
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠)
واذكر يا محمد ما كان من حال هؤلاء الفتية الذين تركوا النعيم الذي كانوا فيه، وتركوا ديارهم وأموالهم خوفا على أنفسهم أن يفتنوا في دينهم،
فذهبوا إلى هذا الكهف في الجبل ليحتموا وليختفوا به عن أعين الظالمين الذين يريدون فتنتهم في دينهم، ثم التجؤا إلى الله وطلبوا منه أن يرحمهم ويحفظ عليهم دينهم ويرزقهم، وأن يصلح لهم شأنهم وينصرهم على أعدائهم.
قال ابن كثير: أي وقدر لنا من أمرنا هذا رشدا أي اجعل عاقبتنا رشدا، كما جاء في الحديث: (وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشدا)
وفي المسند من حديث بسر بن أرطاة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدعو: (اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة). ا هـ.
وفي هذه الآية دليل على أن الإنسان يجب عليه أن يفر بدينه ويترك وطنه وأهله إذا خاف الفتنة على دينه.
إلقاء النوم على أهل الكهف
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (١١)
فضرب الله على آذانهم أي ألقى عليهم النوم وهم في الكهف بعد أن تضرعوا لله، والتعبير بالضرب على الآذان للإشارة إلى تعطل حاسة السمع حتى يغطوا في نوم عميق لا يشعرون ولا يحسون بشيء حتى ناموا عددا من السنين.
أهل الكهف يعودون للحياة من جديد
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (١٢)
ذكر الله الحكمة التي من أجلها أيقظهم من نومهم الذي كان يشبه الموت؛ ليظهر للناس ما علمه الله بشأنهم حتى يتبين أي الفريقين أدق إحصاء لمدة لبثهم.
واختلف المفسرون في الحزبين هنا فمنهم من يرى أن الحزبين هم من أصحاب الكهف أنفسهم حيث قال الله عنهم: (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ).
ومنهم من قال: الحزبان: أحدهم: أصحاب الكهف والثاني: القوم الذي عثروا على أهل الكهف.
وقيل: الحزبان هم من أهل المدينة الذين عثروا على أهل الكهف حيث كان هناك حزبان: مؤمن وكافر.
ما ذكره الله عن أهل الكهف هو الحق
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣)
الله يقص عليك يا محمد خبرهم كما هو دون زيادة أو نقصان، وكأنك تقف على حالهم، وتشاهد الأحداث التي وقعت لهم.
فهم جماعة من الشباب آمنوا بربهم وفروا بدينهم وزادهم الله هدى وتقى.
دلالة وصف الله لقصة أصحاب الكهف بالحق
وقول الله: (نقص عليك نبأهم بالحق). للإشارة إلى أن خبر هؤلاء الفتية كان معروفا لبعض الناس لكنها كانت معرفة تشوبها بعض الأباطيل والأكاذيب، فبين الله أنه سيذكر الحقيقة كاملة دون زيادة عليها.
فائدة التعبير عن أصحاب الكهف بالفتية
والتعبير بالفتية هنا أي الشباب يفيد أن الشباب أرق قلوبا من الشيوخ، وأقرب لقبول الحق من غيرهم، فعامة الذين آمنوا بالنبي -صلى الله عليه سلم- كانوا من الشباب، وأما الشيوخ أي كبار السن من قريش فعامتهم بقي على كفره.
للاطلاع على المزيد:
- سورة الكهف وقت نزولها وموضوعاتها
- تفسير سورة الكهف من الآية رقم 01 إلى الآية رقم 08
- تابع قصة أصحاب الكهف من خلال سورة الكهف
- تفسير سورة الكهف من الآية 18 إلى الآية 20 تابع قصة أصحاب الكهف
- تفسير سورة الكهف من الآية 21 إلى الآية 26 تابع قصة أهل الكهف
- تفسير سورة الكهف من الآية رقم 27 إلى الآية رقم 31
- تفسير سورة الكهف من الآية رقم 32 إلى الآية رقم 44
- تفسير سورة الكهف من الآية رقم 45 إلى الآية رقم 49
- تفسير سورة الكهف من الآية رقم 50 إلى الآية رقم 53
- تفسير سورة الكهف من الآية رقم 54 إلى الآية رقم 59