الفقه

أحكام البيع في الإسلام تعرف عليها

البيع معناه المبادلة أي مقابلة شيء بشيء، وكلمة البيع من كلمات الأضداد التي تطلق على الشيء ونقيضه، ككلمة الشراء.

البيع قسيم الشراء

يطلق البيع ويراد به تمليك الغير شيئا على وجه مخصوص، والشراء هو تملك الشيء بوجه مخصوص.

الدليل على جواز البيع

البيع من المعاملات التي شرعها الله للعباد؛ لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد أخيه، فيحتاج لتبادل المنافع،

ولا يستطيع الإنسان أن يتجاسر ليأخذ منفعته من أخيه دون مقابل فإذا كان هناك مقابل يدفع عن طريق البيع مثلا فلا يكون هناك حرج في طلب الإنسان المنفعة التي يحتاج إليها من أخيه، من أجل ذلك أحل الله البيع، قال الله: (‌وَأَحَلَّ ‌ٱللَّهُ ‌ٱلۡبَيۡعَ).

وتبادل المنافع هذا يتم بطيب نفس ورضى من الطرفين، قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ ‌تِجَٰرَةً ‌عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ).

وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إنما ‌البيع ‌عن ‌تراض)[ابن ماجه]

أطيب الكسب

من أطيب المكاسب التي يحصل عليها الإنسان أن يكون من عمل يده، وكل بيع لا غش فيه ولا خيانة ولا خداع.

عن رافع بن خديج، قال: قيل: يا رسول الله، ‌أي ‌الكسب ‌أطيب؟ قال: (عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور)[أحمد]

حكم بيع الخمر والميتة والخنزير

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عام الفتح، وهو بمكة:

(إن الله ورسوله ‌حرم ‌بيع ‌الخمر ‌والميتة والخنزير، والأصنام). فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟

فقال: (لا، هو حرام). ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: (قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه)[البخاري]

فهذا الحديث دل على حرمة بيع الخمر والميتة التي زالت عنها الحياة بغير الزكاة الشرعية، وحرم بيع الخنزير؛ لأن هذه الأشياء نجسة العين.

وحرم بيع الأصنام أي ما يعبد من دون الله، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شحوم الميتة أيجوز بيعها من أجل طلاء السفن بها وإنارة المصابيح بها فقال: لا.

أي أن التحريم للبيع فقط وليس التحريم للانتفاع بها كما قال بعض العلماء وذهب البعض إلى أن التحريم للبيع والانتفاع.

ثم دعا رسول الله على هؤلاء اليهود الذين حرم الله عليهم الشحوم احتالوا على حكم الله فأذابوا تلك الشحوم ثم باعوها وقالوا: إن اسمها بعد الإذابة ودك وليست شحوم، وهذا الحديث فيه جواز الدعاء على من فعل المحرم أو احتال لفعل المحرم.

ثمن الكلب وأجرة الزانية

ذهب الشافعية والحنابلة والمشهور عند المالكية إلى عدم صحة بيع الكلب، أي كلب كان سواء كان معلما أو غير معلم.

واستدلوا على ذلك بحديث أبي مسعود قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن)[البخاري]

وفرق بعض المالكية بين الكلب المأذون في اتخاذه ككلب الصيد وكلب حراسة الماشية وبين الكلب الغير مأذون باتخاذه، فحرموا غير المأخوذ باتخاه وأباحوا بيع المأذون باتخاذه.

والبغي هي الزانية التي تؤجر نفسها من أجل الزنى بها، لا خلاف بين العلماء في تحريم ذلك.

وأما حلون الكاهن فهو ما يأخذه الكاهن على كهانته، فقد كان العرب في الجاهلية قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعينون بقول هؤلاء الكهان الذين يستعينون بالشياطين الذين يسترقون السمع، فلما بعث الله نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- منعت الشياطين من استراق السمع.

الفرق بين الكاهن والعراف

الكاهن هو من يخبر عن الأمور الكائنة في المستقبل، ويدعي معرفة الأسرار.

وأما العراف فهو من يخبر عن الأمور الكائنة في الماضي كالشيء الذي سرق وعن مكان الضالة.

البيع بشرط

يجوز للبائع أن يشترط تأجيل تسليم المبيع للمشتري فترة ينتفع فيها البائع ثم يسلمه بعد ذلك كامل الأوصاف للمشتري.

عن جابر -رضي الله عنه- أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضربه، فدعا له فسار بسير ليس يسير مثله، ثم قال: (بعينه بوقية). قلت: لا.

ثم قال: (بعينه بوقية). فبعته، فاستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمنا ‌أتيته ‌بالجمل ونقدني ثمنه، ثم انصرفت، فأرسل على إثري قال: (ما كنت لآخذ جملك، فخذ جملك، فهو مالك)[البخاري]

هذا الحديث فيه معجزة من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث جعل جمل جابر يسرع في مشيه بعد مرضه.

وفيه من مكارم أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث رد عليه جمله ودراهمه على سبيل الهبة له.

وفي الحديث جواز أن يشترط البائع أن ينتفع بالمبيع قبل أن يسلمه للمشتري.

لكن ذهب الحنفية والشافعية إلى عدم جواز بيع وشرط لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع وشرط.

لكن البعض من العلماء يقولون بأن حديث النهي عن بيع وشرط فيه مقال، ومنهم من حمل هذا النهي على الشرط المجهول أي إذا اشترط البائع شرطا مجهولا لا يصح.

وذهب البعض إلى أن هذا الشرط إذا كان ينتفع أجنبي عن العقد فلا يصح هذا الشرط.

مواضيع ذات صلة