الحج في الإسلام أركانه وواجباته وسننه

لما كانت أعمال فريضة الحج كثيرة كان من تيسير الله على عباده أن جعل أعمال هذه الفريضة مختلفة المراتب فمنها ما هو من الأركان ومنها ما هو من الواجبات ومنها ما هو من السنن.

تعريف الركن والواجب والسنة

تعريف الركن: هو الشيء الذي إذا سقط بطل الحج بسببه، وهذه الأركان قليلة جدا يسهل على الإنسان الإتيان بها على الوجه الأكمل،

تعريف الواجب: هو الشيء الذي إذا تركه الحاج وجب عليه دم حتى يجبر النقص الذي وقع منه بتركه لهذا الواجب.

تعريف السنة: هي الشيء الذي إذا تركه الحاج لا يلزمه دم وحجه صحيح.

أركان الحج

للحج أركان لا يصح الحج إلا بها وهي:

الإحرام للحج

وهو نية الدخول في الحج، فكل عبادة لابد وأن تصاحبها النية التي تحددها، فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)]البخاري[.

وهذا الإحرام له زمان محدد قلا يكون إلا في أشهر الحج: وهي شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة وهذا هو الميقات الزماني الذي حدده الله لهذه الفريضة فلا يصح الإحرام بالحج في غير هذه الأشهر؛

لقول الله تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) ]البقرة: 197[.

وهناك الميقات المكاني وهو الأماكن التي حددها النبي –صلى الله عليه وسلم- لأهل كل بلدة ليحرموا بالحج منها، فلا يجوز لهم أن يتجاوزوها بدون إحرام.

الوقوف بعرفة

ويكون في اليوم التاسع من ذي الحجة، ويبدأ وقته من زوال الشمس أي وقت الظهر وينتهي بفجر يوم النحر وهو اليوم العاشر، وقيل: يبدأ من فجر يوم عرفة.

فمن وقف في هذا الوقت ولو للحظة واحدة في أي موضع فقد تحقق له الوقوف بعرفة، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (الحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ، أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)[الترمذي].

طواف الإفاضة

ويكون بعد الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ويكون بالطواف حول البيت سبعا، قال الله تعالى: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق)]الحج: 29[، ولأن النبي –صلى الله عليه وسلم حين أخبر عن صفية بنت حيي أنها حاضت وذلك في حجة الوداع قال: (أحابستنا هي؟ فقالت عائشة: إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت، قال: فلتنفر)]البخاري[.

السعي بين الصفا والمروة سبعا

قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي)]أحمد[ ، ووقت السعي للمتمتع يكون بعد طواف الإفاضة، وأما القارن والمفرد فله أن يسعي بعد طواف القدوم.

فهذه هي الأركان الأربعة التي لا يصح الحج بدونها، وإذا ترك الحاج شيئا منها لا يجبر بدم بل لا بد من فعله.

واجبات الحج

للحج عدد من الواجبات التي إذا لم يات بها الحاج وجب عليه دم وهي:

الإحرام من الميقات

وهذا ليس معناه نية الإحرام فإن النية ركن من الأركان أما الإحرام من الميقات فهو من الواجبات والمقصود به هنا بالنسبة للرجال هو التجرد من المخيط ولبس ملابس الإحرام والامتناع عن التطيب وقص الشعر والأظافر وغير ذلك من محظورات الإحرام،

وأما بالنسبة للمرأة فهو الامتناع عن لبس النقاب والقفازين والتطيب وقص الشعر والأظافر وغير ذلك من محظورات الإحرام.

وقد بين النبي –صلى الله عليه وسلم الموضع الذي يحرم منه أهل كل بلدة من القادمين على مكة، عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال:

(إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك، فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)]البخاري[.

المبيت بمزدلفة

قال الله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)]البقرة: 198[،

والمقصود فإذا خرجتم من عرفات جموعا كثيرة متجهين إلى المشعر الحرام وهو المزدلفة فبتم بها ثم صليتم الفجر فاذكروا الله بحمده والثناء عليه والتكبير والتهليل ثم اذهبوا إلى منى قبل طلوع الشمس،

وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لضعفة أهله أن يدفعوا إلى منى قبل صلاة الفجر ليجنبهم الزحام،  عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ)]البخاري[.

المبيت بمنى ليالي أيام التشريق

والمبيت يتحقق بقضاء معظم الوقت في منى، قال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)]البقرة: 203[، والأيام المعدودات هي أيام التشريق.

ورخص رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لرعاة الإبل أن يتركوا المبيت بمنى في ليالي أيام التشريق؛ لاشتغالهم بالرعي، يعنى رخص لهم أن يرموا يوم النحر جمرة العقبة، ثم لم يرموا اليوم الأول من أيام التشريق، ثم يرموا في الثاني منها رمي يوم القضاء والأداء،

وهذا يدل على وجوب المبيت لغير عذر، فقد روى أبو داود (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص لرعاء الإبل في البيتوتة يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد بيومين ويرمون، يوم النفر)

رمي الجمرات

رمي الجمار يكون في أربعة أيام: في يوم العيد يرمي الحاج جمرة العقبة وذلك بعد طلوع الشمس، ويجوز للنساء والصبيان والضعفة أن يرموها ليلة العيد، ويمتد وقتها إلى غروب شمس يوم العيد، ولا حرج على من أخره لآخر الليل بسبب شدة الزحام أو لبعده عن الجمرات.

وفي اليوم الحادي عشر يرمي الجمار الثلاث: الأولى والوسطى وجمرة العقبة، يرمي بسبع حصيات في كل جمرة يكبر مع كل حصاة.

ثم في اليوم الثاني عشر يفعل ذلك، ويستقبل القبلة ويدعو الله عند الأولى والثانية ويطيل في الدعاء وأما الجمرة الأخيرة وهي جمرة العقبة لا يقف عندها ولا يدعو، ثم إذا غابت الشمس وهو في منى في اليوم الثاني عشر بات ورمى الجمرات في الثالث عشر، وإذا نفر في اليوم الثاني عشر إلى مكة قبل غروب الشمس فليس عليه رمي.

ووقت رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاث يبدأ من زوال الشمس أي وقت الظهيرة وينتهي بآخر الليل فإذا كانت هناك مشقة وزحام يجوز أن يرمي إلى طلوع الفجر ولا يحل التأخير لبعد الفجر.

الحلق أو التقصير

والحلق أفضل من التقصير؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ) قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ) قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَهَا ثَلاَثًا، قَالَ: (وَلِلْمُقَصِّرِينَ)]البخاري[.

طواف الوداع

آخر ما يفعله الحجاج قبل مغادرتهم لأوطانهم من مكة أن يطوفوا بالبيت طواف الوداع، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ)]مسلم[.

هذه هي الواجبات التي يصح الحج بترك شيء منها لكن يجب أن يجبر هذا الترك بدم بذبح شاة أو سُبْع بدنة أو سبع بقرة، تُذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم؛ لقول ابن عباس -رضي الله عنهما- : (من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دماً).

سنن الحج

للحج سنن كثيرة وهي

  1. الاغتسال للإحرام
  2. لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين
  3. التلبية من حين الإحرام بالحج إلى أن يرمي جمرة العقبة.
  4. المبيت بمنى في اليوم الثامن وهو يوم التروية.  –
  5. استلام الحجر وتقبيله.
  6.  وطواف القدوم، والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى بإسراع المشي، والاضطباع في طواف القدوم بأن يجعل وسط الرداء تحت كتفه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر.
  7.  الإتيان بالأذكار والأدعية المأثورة.

وغير ذلك من السنن، فهذه السنن إذا سقطت فالحج صحيح ولا يلزم الحاج دم، لكن ينبغي على الحاج ألا يفرط في هذه السنن ليتحقق له كمال الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.

Exit mobile version