العلم هو الميزان الذي توزن به الأقوال والأفعال، وهو الذي يخرجك من الشك إلى اليقين ومن الغي إلى الرشاد، ومن الضلال إلى الهدى.
بالعلم يُعرف الله
إن الله تعالى استشهد الله أهل العلم على أوضح واضح وهو الله، وقرن الله شهادة أهل العلم بشهادته وشهادة ملائكته، وهذا يتضمن تعديل الله لهم؛ لأن الله لا يستشهد بمجروح فقال الله:
(شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ).
شرف أهل العلم
يكفي العلم والعلماء شرفا أن الله فضل أهله على سائر العباد، وكان فضلهم على غيرهم كفضل القمر على سائر الكواكب، وكفضل سيد المرسلين على أدنى الصحابة منزلة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم،
وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب،
إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر)[الترمذي]
طلب الزيادة من العلم
يكفي العلم شرفا أن الله أمرنا أن نسأله الزيادة في العلم؛ لأن الزيادة في العلم يترتب عليها زيادة في اليقين، وزيداة اليقين يترتب عليها زيادة الخشية، فقال الله: (وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا).
فضيلة الفقه في الدين
من علامات إرادة الله الخير لعبده أن يفقهه في الدين، فكلما زاد فقهه كلما زاد إيمانه، وكلما زاد إيمانه كلما ازداد من الله قربا.
عن معاوية قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله)[البخاري]
أنواع الناس تجاه العلم
الناس تجاه العلم النافع الذي جاء به رسول الله على أحوال عدة: منهم من تعلم هذا العلم فانتفع به في نفسه وعلمه غيره، فنفع نفسه ونفع غيره.
ومنهم من تعلمه لكنه لم ينتفع به في نفسه وإنما علمه غيره، ومنهم من لم يقبله أصلا فما انتفع في نفسه ولا نفع غيره.
عن أبي موسى، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا،
فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا،
وأصابت منها طائفة أخرى، إنما قبعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)[البخاري]
طلب الصحابة العلم
كان الصحابة -رضي الله عنهم- بالرغم من كبر سنهم وكثرة مشاغلهم يطلبون العلم ويحضون غيرهم على طلبه.
فهذا هو عمر بن الخطاب كان حريصا على طلب العلم لدرجة أنه كان هو ورجل من الأنصار يتناوبون النزول على النبي -صلى الله عليه وسلم- لئلا يفوتهم شيء من الوحي.
عن عمر قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار، في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل يوما وأنزل يوما،
فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك، فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته، فضرب بابي ضربا شديدا، فقال: أثم هو؟ ففزعت فخرجت إليه، فقال: قد حدث أمر عظيم.
قال: فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: طلقكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: لا أدري، ثم دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت وأنا قائم: أطلقت نساءك؟ قال: (لا). فقلت: الله أكبر.[البخاري]
وهذا هو أبو هريرة -رضي الله عنه- كان من أشد الناس حرصا على ملازمة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى انقطع في مسجد رسول الله وكان من أهل الصفة؛ لئلا يفوته شيء من الوحي، حتى شهد له رسول الله بشدة حرصه على سماع العلم.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟
فقال: (لقد ظننت، يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، خالصا من قبل نفسه)[البخاري]
العلم حياة للقلوب
قال الإمام بن القيم: “هو حياة القلوب، ونور البصائر، وشفاء الصُّدور، ورياض العقول، ولذّة الأرواح، وأنس المستوحشين، ودليل المتحيِّرين”.
وقال أبو علي الثقفي: ” الْعلم حَيَاة الْقلب من الْجَهْل وَنور الْعين من الظلمَة”.
عقاب من لم يعمل بما علم
العلم حجة، فإما أن يكون حجة لصاحبه يدافع عنه، وإما أن يكون حجة على صاحبه، فمن عمل بما علم ارتفع درجات، ومن لم يعمل بما علم هوى في النار دركات.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى،
فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان، ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه)[مسلم]
للاطلاع على المزيد: