موضوعات اسلامية

ما ينبغي على المسلم معرفته في مجال العلم والفكر

العلم الصحيح هو الضابط الذي يضبط سلوك الإنسان وتصرفاته، وينتج عنه عمل نافع لصاحبه في الدنيا والآخرة.

تقديم العلم على العمل

ينبغي على المسلم أن يتعلم أولا قبل أن يعمل حتى لا يبذل جهدا كبيرا ويقطع زمانا طويلا في عمل يكتشف في نهاية الأمر أنه عمل باطل وينطبق عليه قل الله عز وجل:

(قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم ‌بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا)

لذلك أمرنا الله بالعلم أولا ثم يكون بعد العلم الصحيح العمل على أساس صحيح، قال الله: (‌فَٱعۡلَمۡ ‌أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ).

فأمر الله بالعلم بتوحيده أولا، ثم ثنى بالاستغفار ثانيا وهو العمل.

وبين الله أن أشد الناس خشية لله هم العلماء الذي علموا أولا ووقفوا على عظمة الله وقدرته فإن هذه المعرفة هي التي جعلتهم يعظمون الله حق تعظيمه.

قال تعالى: (إِنَّمَا ‌يَخۡشَى ‌ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).

لقد عقد الإمام البخاري في صحيحه بابا سماه: باب: العلم قبل القول والعمل. وذكر تحت هذا الباب عددا من الآيات والأحاديث التي تؤيد هذا العنوان الذي وضعه لهذا الباب.

القيام بأمانة العلم

من الأمور التي فرضها الله على أهل العلم أن يكونوا امناء على علمهم الذي تعلموه، فلا يقومون بتزوير هذا العلم من أجل أن يتكسبوا من وراء هذا عرضا من الدنيا.

لقد كان سحرة فرعون أمناء على العلم والمعرفة التي عرفوها من تعلم السحر ومعرفة طرقه والتفوق فيه، وكان فرعون قد استدعاهم من أجل أن يقوموا بإبطال معجزة موسى ووعدهم بأنهم سيكونون مقدمين عنده وسيكون لهم الأجر الكبير منه.

لكن بمجرد أن ألقو سحرهم وألقى موسى عصاه تحققوا أن ما جاء به موسى ليس من السحر في شيء فهم أعرف الناس بأمر السحر وأمهر الناس فيه يعرفون ما هو منه وما ليس منه.

في هذه الحالة ظهرت أمانتهم وأذعنوا لموسى واعترفوا أن ما جاء به موسى ليس من السحر في شيء وتلك هي أمانة العلم التي تفرض نفسها على أهلها.

وحق الناس على أهل العلم أن يجدوا الحقيقة عندهم، فلم يطمع السحرة في المكانة التي كانت تنتظرهم عند فرعون، ولم يرهبهم إرهاب فرعون لهم، وإنما أعلنوا إيمانهم بموسى -عليه السلام-.

قال الله: (قَالَ لَهُم مُّوسَىٰٓ أَلۡقُواْ مَآ أَنتُم ‌مُّلۡقُونَ * فَأَلۡقَوۡاْ حِبَالَهُمۡ وَعِصِيَّهُمۡ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡغَٰلِبُونَ *

فَأَلۡقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلۡقَفُ مَا يَأۡفِكُونَ * فَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ * قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ).

ولم يزدهم إرهاب فرعون إلا إصرارا على إيمانهم فقال الله: (قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَ فَلَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِينَ * قَالُواْ لَا ضَيۡرَۖ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * إِنَّا نَطۡمَعُ أَن يَغۡفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَٰيَٰنَآ أَن كُنَّآ أَوَّلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ).

ما ينبغي على المسلم معرفته في مجال العلم والفكر

التخصص في العلم

يجب على من يتولى الكلام في علم من العلوم أن يكون متخصصا فيه وعلى دراية تامة به، وخاصة من يتعرضون للفتيا في أمر الدين حتى يكونوا مصابيح هدى يدلون الناس على خالقهم، ويبلغون الناس بما أمرهم الله به.

فمنوط بأهل العلم أن يكونوا سببا في حياة الناس لا قتلهم بجهلهم، فعن عبد الله بن عباس قال: أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات،

فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (‌قتلوه ‌قتلهم ‌الله ألم يكن شفاء العي السؤال)[أبو داود]

فالخطأ في الفتوى قد يترتب عليه قتل نفس بغير حق بسبب الجهل بحقيقة الفتوى، والجهل بمقاصد هذه الشريعة.

لقد توعد الله هؤلاء الذين ينسبون لله ما لم يقله، أو يفترون على الله الكذب، قال تعالى: (قُلۡ إِنَّ ٱلَّذِينَ ‌يَفۡتَرُونَ ‌عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ).

فأهل الدعوة إلى الله لابد وأن يكونوا على معرفة وبصيرة بما يدعون الناس إليه، قال الله: (قُلۡ هَٰذِهِۦ ‌سَبِيلِيٓ ‌أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ).

الفهم مقدم عى الحفظ

ليس الغرض من نزول هذه التشريعات الإلهية أن نقوم بحفظها دون أن نتعمق في فهمها تدبرها، فالتدبر هو المقصد الأول من نزول تلك الشريعة فقال الله: (كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ ‌لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ).

لم يرد الله منا الحفظ دون تعقل ودون تدبر وإنما طلب منا التفقه وهو الفهم العميق فقال الله:

(وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ ‌لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ).

وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من علامة إرادة الله الخير بالعبد أن يرزقه التفقه في دين الله فقال صلى الله عليه سلم:

(‌من ‌يرد ‌الله ‌به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله)[البخاري]

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع، ‌فرب ‌مبلغ ‌أوعى من سامع)[الترمذي]

وقال صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرأ سمع منا حديثا، فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب ‌حامل ‌فقه ‌ليس بفقيه)[أبو داود]

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة