ضرب الله –تعالى-في القرآن الكريم الكثير من الأمثال، فضرب المثل الذي بيبين لنا الحقيقة الكاملة للمنافقين.
معنى ضرب الأمثال
المثل:هو تشبيه شيء بشيء من أجل تقريب الصورة المعقولة أو المعنوية الخفية إلى الصورة المحسوسة الظاهرة، حتى يستطيع العقل أن يربط بين المحسوس الذي يدركه بإحدى حواسه والمعقول الذي لا يدركه بإحدى الحواس فيتصوره تصورا صحيحا.
ضرب المثل للمنافقين
قال الله –تعالى-: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ)
حال المنافقين
ضرب ربنا في القرآن المثل لحال المنافقين الذين أضاء الله لهم طريق الحق للوصول إليه، ونيل سعادة الدنيا والآخرة بمحمد –صلى الله عليه وسلم- فهو كالنور بالنسبة للعين، فلولا النور لما رأت العين شيئا،
وقد وصف نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالنور فقال: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) هذا النور هو محمد –صلى الله عليه وسلم- وهذا الكتاب المبين الذي أفصح وبَيَّن ما أمر الله به عباده هو القرآن الكريم.
وأضاء الله لهؤلاء المنافقين الطريق بالقرآن فهو النور الذي أنزله الله لينير به الدنيا، فقال الله: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). فمحمد -صلى الله عليه وسلم- نور، والقرآن الكريم نور، وكلا النورين يدل على الآخر.
لكن المنافقين أعلنوا في ظاهر أمرهم إيمانهم بمحمد والقرآن الذي أنزله الله عليه، لكنهم لم يؤمنوا بقلوبهم، فكان ظاهرهم الإيمان وباطنهم الكفر، لذلك لم ينتفعوا بهذا النور الذي جاءهم من عند الله، وظلوا في حيرة وظلمات الكفر.
وإنما هذه الحيرة التي صاروا إليها بسبب أن نور الإيمان لم يصل إلى قلوبهم، وإنما إيمانهم كان مجرد زعم كاذب باللسان إما طمعا في الغنائم وإما حقنا لدمائهم.
حال من يعيش في الظلمات
شبه الله هذه الحال السابقة للمنافقين بحال رجل استوقد نارا لتضيء له ما حوله، فالنار هي أصل النور، فلما أضاءت له النار ورأى ما حوله وأدرك كل شيء، أطفأ الله هذه النورفصار في ظلام دامس لا يبصر شيئا، ولا يهتدي لسبيل، وصار في حيرة واضطراب.
وجاء التعبير القرآني بلفظ الإضاءة؛ لأن الضوء أصل والنور فرع عنه، لذلك نسب الله الضياء للشمس؛ لأن نور الشمس منها، ونسب الله النور للقمر؛ لأنه يستمد نوره من غيره وهو الشمس، قال الله –تعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا).
وهنا نجد أن المشبه وهو حال المنافقين، قد حُذِف واكتفى القرآن بذكر حال المشبه به وهو ذهاب نور من استوقد نارا حتى صار في ظلام دامس، وتلك استعارة تمثيلية وهي صورة من صور البيان والإيجاز.
للاطلاع على المزيد: