تعرف على أحكام الهبة في الإسلام
الهبة هي عطاء للغير بدون مقابل سواء كانت هذه الهبة مالا أو غير مال، فهي تمليك بلا عوض في الحال، أي في حال الحياة، وهي شاملة للصدقة والهدية.
حكم الهبة
الهبة مشروعة بالكتاب والسنة فقال الله: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا).
وقال الله: (وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ).
ولأن الهدية نوع من الهبة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بالتهادي فقال: (تهادوا تحابوا).
وقد قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- الهدية من المقوقس وهو كافر وقبلها من النجاشي.
وبالرغم من أن الهبة مشروعة لكن قد يطرأ عليها ما يجعلها محرمة كالهبة للظالم إعانة له على ظلمه، أو الهبة بقصد الرشوة من أجل إبطال حق وإحقاق باطل.
الرجوع في الهبة
إذا وهب الرجل أخاه شيئا لا يجوز له أن يرجع في هبته؛ لأنه يكون مثله كمثل الكلب الذي يقيء ثم يأكل قيئه، وهذا الأمر يكون مكروها كراهة تحريم كما قال الإمام زكريا الأنصاري. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العائد في هبته، كالكلب يعود في قيئه)[البخاري]
رجوع الوالد في هبته لولده
إذا كان من المكروه كراهة تحريم أن يرجع الإنسان في هبته لغيره فإن هذا الحكم لا يسري على هبة الوالد لولده، فإنه يجوز للوالد أن يرجع في هبته التي وهبها لولده.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده،
ومثل الذي يعطي العطية، ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه)[أبو داود]
هبة المرأة مهرها لزوجها
إذا طلب الرجل من زوجته أن تهبه مهرها ثم وهبته فطلقها وقد فعل ذلك خداعا لها فإنه في هذه الحالة يجوز لها أن ترجع في هبتها.
قال الزهري فيمن قال لامرأته: هبي لي بعض صداقك أو كله، ثم لم يمكث إلا يسيرا حتى طلقها فرجعت فيه.
قال: يرد إليها إن كان خلبها، وإن كانت أعطته عن طيب نفس ليس في شيء من أمره خديعة جاز، قال الله تعالى: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا)[البخاري]
العدل في الهبة بين الأولاد
يستحب للوالد إذا أراد أن يهب أولاده أن يعدل بينهم في العطية لأن عدم التسوية تؤدي للتباغض والعدواة بين الأبناء.
عن النعمان بن بشير قال: (تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي.
فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفعلت هذا بولدك كلهم؟) قال: لا. قال: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم). فرجع أبي فرد تلك الصدقة.[مسلم]
وهذا الحديث يدل على مشروعية الإشهاد على هبة الوالد لولده، وذهب بعض العلماء إلى وجوب التسوية بين الأبناء مستدلين على ذلك برواية: (لا أشهد على جور).
وقال الجمهور: أن التسوية بين الأبناء تحمل على الندب مستدلين على ذلك برواية: (فأشهد على هذا غيري) إذا لا يأمر رسول الله بمحرم، وأما امتناعه من الشهادة عليه على وجه التنزيه.
التسوية في الهبة بين الذكر والأنثى
تكلم العلماء على مسألة التسوية بين الذكر والأنثى في الهدية فذهب بعض العلماء إلى وجوب التسوية بين الذكر والأنثى في الهبة التي تكون في حال الحياة؛ لأنها ليست ميراثا؛
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالعدل بني الأبناء فشمل الذكور والإناث.
لكن ذهب الجمهور من العلماء إلى أن التسوية بين الذكور والإناث مستحبة.
قبول الهدية والمكافأة عليها
يجوز للإنسان أن يقبل الهدية من غيره وأن يكافئ من أهداه بهدية أيضا، فقد روت عائشة -رضي الله عنها- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية ويثيب عليها)[البخاري]
عن ابن عباس: أن أعرابيا وهب للنبي -صلى الله عليه وسلم- هبة، فأثابه عليها، قال: (رضيت؟) قال: لا. قال: فزاده، قال: (رضيت؟) قال: لا.
قال: فزاده، قال: (رضيت؟) قال: نعم. قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لقد هممت أن لا أتهب هبة إلا من قرشي، أو أنصاري، أو ثقفي)[أحمد]
شروط الواهب
يشترط في الواهب أن يكون أهلا للتبرع بمعنى أن يكون عاقلا؛ لأن المجنون ليس أهلا للتبرع أو الهبة لأنه لا يستقل بأمر نفسه.
وأن يكون بالغا؛ لأن الصبي يحتاج لمن يقوم على أمره ويدبر له شئونه.
وأن يكون مالكا للشيء الذي يهبه لغيره؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
والمحجور عليه بسفه لا يجوز له أن يهب غيره شيئا؛ لأنه ممنوع من التصوف.
ألفاظ الهبة
يصح أن يقول الواهب لمن يهبه شيئا: وهبتك هذا الشيء، أو ما يفيد معنى الهبة بأن يقول له ملكتك هذا الشيء بلا ثمن.
الهبة المعلقة
يجوز للواهب أن يعلق هبته على أمر كأن يقول للموهوب له إن نجحت أعطيتك هذا الشيء هبة لك أو هدية.
فهذه الهبة تكون معلقة على شرط إن تحقق هذا الشرط تحققت الهبة وإن يتحقق الشرط لا تتحقق الهبة.