أحكام لبس خاتم الذهب والفضة ولبس الحرير للرجال والنساء
أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بفعل ما يتلائم مع الفطرة، ونهانا عما من شأنه أن يدعوا للفخر والخيلاء لأن فيه كسرا لقلوب الفقراء.
حكم التختم بخاتم الذهب
نهانا رسول الله عن التختم بخاتم الذهب؛ لأن فيه نوعا من الإسراف والخيلاء، وفيه كسر لقلوب الفقراء.
وهو قبل كل ذلك أمر تعبدي ينبغي علينا أن نلتزم به حتى ولو لم نفهم حكمة التحريم.
عن البراء -رضي الله عنه- قال: أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بسبع ونهانا عن سبع: (أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس.
ونهانا عن آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق)[البخاري]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنه نهى عن خاتم الذهب)[البخاري]
وعن أبي أمامة، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا)[أحمد]
حرمة الذهب والحرير على الذكور
هذا النهي الذي سبق عن التختم بخاتم الذهب إنما هو نهي خاص بالرجال؛ لأن الإسلام أباح للنساء الذهب والحرير؛ لأنه أوفق لطبيعة النساء، وحرمهما على الرجال إلا لحاجة أو ضرورة كمرض.
عن أنس بن مالك قال: (رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير، لحكة بهما)[البخاري]
أو لتركيب طرف من الذهب، كما حدث لعرفجة، فعن عبد الرحمن بن طرفة، أن جده عرفجة بن أسعد، قطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من ورق، فأنتن عليه، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتخذ أنفا من ذهب)[أبو داود]
وقال ابن شاهين في “ناسخه”: كان في أول الأمر تلبس الرجال خواتيم الذهب وغير ذلك، وكان الحظر قد وقع على الناس كلهم،
ثم أباحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للنساء دون الرجال، فصار ما كان على النساء من الحظر مباحا لهن، فنسخت الإباحة الحظر”.
عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: إن نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: (أخذ حريرا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبا فجعله في شماله) ثم قال: (إن هذين حرام على ذكور أمتي)[أبو داود]
امتثال الصحابة لأمر النبي
كان الصحابة أشد الناس حرصا على امتثال ما أمر به رسول الله والانتهاء عما نهى عنه، فإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره وإذا نهى عن شيء انتهوا عنه؛ لأنهم يعلمون ان طاعة رسول الله إنما هي طاعة لله، قال الله: (وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ)
عن عبد الله بن عباس: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده!).
فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا والله، لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)[مسلم]
وكان الصحابي من حقه ان يأخذ خاتمه لينتفع بثمنه فإن رسول الله لم يحرم الانتفاع بثمنه وإنما حرم لبسه،
لكن الصحابي بالغ في الأمر وكره أن يأخذ من على الأرض شيئا كرهه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على شدة الامتثال.
عقوبة من لبس الحرير والذهب
من لبس الحرير والذهب في الدنيا عاقبه الله بحرمانه من لبسهما في الجنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
(من لبس الذهب من أمتي، فمات وهو يلبسه، حرم الله عليه ذهب الجنة، ومن لبس الحرير من أمتي، فمات وهو يلبسه، حرم الله عليه حرير الجنة)[أحمد]
حرمة لبس الذهب للرجال بعد الإباحة
كان لبس خاتم الذهب للرجال مباحا في أول الأمر، وكان رسول الله قد اتخذ خاتما من ذهب واتخذ الناس مثله ثم حرمه رسول الله بعد ذلك ونزع الناس خواتيمهم.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصطنع خاتما من ذهب وكان يلبسه، فيجعل فصه في باطن كفه، فصنع الناس خواتيم،
ثم إنه جلس على المنبر فنزعه، فقال: (إني كنت ألبس هذا الخاتم، وأجعل فصه من داخل). فرمى به ثم قال: (والله لا ألبسه أبدا). فنبذ الناس خواتيمهم.[البخاري]
قال النووي: “أجمع المسلمون على إباحة خاتم الذهب للنساء وأجمعوا على تحريمه على الرجال إلاما حكي عن أبي بكر بن محمد بن عمر بن محمد بن حزم أنه أباحه
وعن بعض أنه مكروه لاحرام وهذان النقلان باطلان فقائلهما محجوج بهذه الأحاديث التى ذكرها مسلم مع إجماع من قبله على تحريمه له
مع قوله صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير: إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها قال أصحابنا: ويحرم سن الخاتم إذا كان ذهبا وإن كان باقيه فضة وكذا لو موه خاتم الفضة بالذهب فهو حرام”.
إباحة خاتم الفضة للرجال والنساء
أباح الإسلام خاتم الفضة للرجل والمرأة على حد سواء، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (اتخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاتما من ورق، وكان في يده،
ثم كان بعد في يد أبي بكر، ثم كان بعد في يد عمر، ثم كان في يد عثمان، حتى وقع بعد في بئر أريس، نقشه: محمد رسول الله)[البخاري]