كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعامل مع الأطفال برفق ولين، ويحرص على أن يغرس القيم السامية في نفوسهم؛ لأنهم هم الجيل الذي سيقوم بالواجب الذي عليه تجاه المستقبل.
مصاحبة الأطفال
الصحبة من الأمور التي تلعب دورا كبيرا في التنشئة الجيدة للأطفال، فجو الرهبة والخوف لا يساعد في التنشئة الجيدة للأطفال.
وجو التسيب والتراخي أيضا لا يساعد على التنشئة الصالحة للأطفال، لكن المصاحبة وإتاحة المال للطفل ليعبر عما بداخله من أنجح الأساليب في التربية وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصاحب الأطفال ويعلمهم ما ينفعهم.
فقد صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عباس وهو غلام صغير وأردفه خلفه.
وصحب أطفال عمه جعفر بن أبي طالب، وصحب أسامة بن زيد، وقد كان هؤلاء الأطفال هم رجال المستقبل الذين يروون الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهم كان يقوم بواجب الجهاد في سبيل الله فقاموا بالواجب عليهم تجاه الإسلام.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة، استقبلته أغيلمة بني عبد المطلب، فحمل واحدا بين يديه وآخر خلفه)[البخاري]
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن أسامة -رضي الله عنه- كان ردف النبي -صلى الله عليه وسلم- من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل، من المزدلفة إلى منى،
قال: فكلاهما قال: لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة)[البخاري]
اختيار الأصحاب للأطفال
من الأمور الواجبة على الآباء تجاه أبنائهم تخير الأصحاب لهم؛ لأن الأصحاب هم أكثر الناس لهم تأثير على الأبناء، فهم يتعلمون من أصحابهم ويقبلون منهم أكثر من آبائهم.
والإنسان يعرف بمن يصاحبه فإن كان يصاحب الأشرار فإنه يكون شريرا مثلهم، وإن كان يصاحب الأخيار يكون صالحا مثلهم؛ لأن الطفل يكون على شاكلة من يصاحب.
عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)[أبو داود]
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك: إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد: يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحا خبيثة)[البخاري]
فتأمين الأصدقاء الصالحين للأبناء مطلوب كتأمين الطعام الحلال لهم، لأن هؤلاء عامل من العوامل القوية المساعدة في تربية الأبناء.
إدخال السرور على الأبناء
إدخال الفرح على قلب الأطفال من العوامل التي يكون لها أكبر الأثر على نفسية الأطفال، فهذا العامل يعطي الطاقة الإيجابية لهم، وهذا كان هو المنهج الذي كان يتبعه رسول الله مع الأبناء فيقبلهم ويمازحهم ويعطيهم الهدايا.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (قدم ناس من الأعراب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقالوا: نعم. فقالوا: لكنا والله ما نقبل! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأملك إن كان الله نزع منكم الرحمة)[مسلم]
رحمة الأبناء تجلب رحمة الله
من الطرق التي يفوز الإنسان بسببها برحمة الله وينال بها رضوانه هو رحمة الأطفال الصغار، والحنو عليهم.
عن أنس بن مالك قال: جاءت امرأة إلى عائشة -رضي الله عنها- فأعطتها عائشة ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة،
فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما، فعمدت إلى التمرة فشقتها، فأعطت كل صبي نصف تمرة،
فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته عائشة فقال: (وما يعجبك من ذلك؟ لقد رحمها الله برحمتها صبييها)[الأدب المفرد]
رحمة النبي بالأطفال
من صور رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأطفال أنه ربما كان يتجوز في الصلاة فيقصرها حين يسمع بكاء صبي أثناء الصلاة رحمة به وبأمه.
عن أبي قتادة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي، كراهية أن أشق على أمه)[البخاري]
وقد عزل عمر بن الخطاب أحد عماله لأنه وجده قاسيا على أبنائه، فقد استعمل عمر بن الخطاب رجلا على عمل فرأى عمر يقبل صبيا له فقال: تقبله وأنت أمير المؤمنين لو كنت أنا ما فعلته.
فقال عمر: فما ذنبى إن كان نزع من قلبك الرحمة، وإن الله لا يرحم من عباده إلا الرحماء ونزعه عن عمله وقال: أنت لا ترحم ولدك فكيف ترحم الناس.
ممازحة النبي للصبيان
كان من صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان متواضعا يمازح الأطفال ويقوم بزيارتهم، ويلاطفهم بطلاقة الوجه.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: إن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخالطنا، حتى يقول لأخ لي صغير: (يا أبا عمير، ما فعل النغير)[البخاري]
والنغير هو طير صغير كالعصفور أحمر المنقار ويسميه أهل المدينة بالبلبل.
وعن يعلى بن مرة أنه قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعينا إلى طعام فإذا حسين يلعب في الطريق، فأسرع النبي -صلى الله عليه وسلم- أمام القوم، ثم بسط يديه،
فجعل يمر مرة ها هنا ومرة ها هنا، يضاحكه حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى في رأسه، ثم اعتنقه فقبله،
ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحب الحسن والحسين، سبطان من الأسباط)[الأدب المفرد]