مسئولية الوالدين من أجل الحفاظ على صحة أطفالهم
مسئولية الوالدين في الحفاظ على صحة أطفالهم من الواجبات التي أوجبها الإسلام عليهم، وجعل التهاون في ذلك من الأمور التي توجب العقاب.
الحفاظ على النفس
من المبادي الكلية التي أمر الإسلام بها الحفاظ على النفس البشرية، والأطفال هم أولى الناس بهذا الأمر؛ لأنهم لا يستقلون بأمور حياتهم، وقد جعل الله غيرهم مسئولا عنهم وهم الآباء.
فالله قد نهانا عن تعريض أنفسنا للهلكة فقال: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ وَأَحۡسِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ).
فهذه الآية نزلت في الإنفاق في سبيل الله أي لا تمتنعوا عن الإنفاق فتهلكوا، وقيل: المراد بها أن بعض الناس كانوا يخرجون للجهاد وليس معهم مال فربما انقطعوا فلم يستطيعوا أن يواصلوا السير،
وإما كانوا عيالا على غيرهم من الناس فأهلكوا أنفسهم فنهاهم الله عن تعريض أنفسهم للهلاك وأمر من يملكون المال أن ينفقوا من أموالهم.
ونهانا رسول الله -صلى الله عليه سلم- عن تعريض غيرنا للهلاك بأن من يكون مسئولا عن غيره من الزوجة والأبناء والآباء ثم يفرط في هذه المسئولية المنوطة به يكون بذلك قد ارتكب إثما عظيما.
فقال صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته)[مسلم]
قوة المجتمع تتمثل في العناية بالأطفال
أطفال اليوم هم الجيل الذي سينهض بالمستقبل، والتهاون في تربيتهم والإعداد الجيد لهم يتسبب في دمار المستقبل لأنهم سيكون قادة له،
والطفل لا يبقى طفلا وإنما يأخذ مكان الجيل الذي قبله، فالاهتمام بهم من الناحية الصحية والتعليمية إنما هو إعددا لمستقبل أفضل.
والصحة هي أفضل شيء يواجه به الإنسان الحياة حتى يكون قادرا على التعلم وقادرا على البناء،
أما الإنسان المريض جسديا يظل مشغولا بمرضه، وصحة الإنسان هي من أولى الأشياء التي يجب على الإنسان أن يقدم الشكر عليها لله، وهي أول ما يحاسب عليه.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول ما يسأل عنه العبد من النعم أن يقال له: ألم أصح جسمك، ونروك من الماء البارد)
وطلب العافية من الله من أحب الأشياء التي يطلبها الإنسان من ربه، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية).
وإنما كان طلب العافية من أحب الأشياء لأنها لفظة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، شاملة الصحة في الدنيا والسلامة في الدين والنجاة في الآخرة، ومن العافية أن يسلم الإنسان من الأسقام والبلايا.
مسئولية الآباء تجاه الأطفال
المسئولية عن الأطفال منوطة بالأبوين لأن الأطفال لا يستطيعون القيام بما يصلح حالهم ولا يقدرون على رعاية أنفسهم وإنما يحتاجون لمن يقوم على رعايتهم وإحسان تنشئتهم.
فليست مهمة الإنسان أن ينجب أطفالا ويتركهم يواجهون مصيرهم في الدنيا وحدهم، وإنما الإنسان مسئول عن أبنائه، وعن طعامهم وشرابهم وتعليمهم، فيؤجر على إحسانه لهم، ويعاقب على تفريطه في حقهم.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته،
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته).
قال: وحسبت أن قد قال: (والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته)[البخاري]
رعايتة الأطفال والحفاظ على صحتهم
من الأمور التي أوجبها الإسلام على الآباء تجاه أطفالهم رعايتهم والحفاظ على صحتهم؛ لأن الأطفال الأصحاء يكونون عنوانا لمستقبل مجتمع سليم من الأمراض.
والإسلام يحب لأبنائه أن يكونوا أقوياء في كل شيء في صحتهم، في عقولهم، في علومهم في دينهم وكل شيء ينفعهم في الدنيا ويكون سببا في نجاتهم في الآخرة.
فالمؤمن القوي يكون أقدر على الجهاد في سبيل الله، ويكون أقدر من غيره على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ويكون أقدر على تحمل المشاق وأقدر على القيام بما أوجبه الله عليه من العبادات وغيرها.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير.
احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان)[مسلم]
وقاية الأبناء من النار
الإنسان في الإسلام ليس مسئولا عن نفسه فقط أمام الله، وإنما يسأل الإنسان عن نفسه وعمن كان في مسئوليته.
وكل يسأل بقدر مسئوليته، فالحاكم يسأل عن نفسه وعن رعيته، والآباء يسألون عن أنفسهم وعن أنبائهم،
هل علموهم ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم أم لا، فإن قصروا في القيام بهذا الواجب عوقبوا على ذلك.
فقد وجه الله الأمر لنا بأن نقي أنفسنا وأهلنا النار فقال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظ شِدَاد لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ).
للاطلاع على المزيد:
- كيف نربي أطفالنا على الأخلاق الحميدة؟
- كيف كانت معاملة النبي للأطفال
- ضوابط الصداقة على مواقع التواصل الاجتماعي
- تعرف على الوسائل التي وضعها الإسلام للحفاظ على صحة المراهقين والشباب
- تعرف على كيفية التربية الفكرية والعملية الناجحة للطفل
- ما هي الأسس التي وضعها الإسلام للتربية الجنسية للطفل؟