موضوعات اسلامية

مواساة أهل الميت وتعزيتهم وحثهم على الصبر

من أشد المصائب التي تنزل بالإنسان مصيبة الموت، ولا يستطيع الإنسان أن يتجاوزها إلا بالصبر وتقوى الله، وينبغي على الأصحاب والأهل والجيران إعانة أهل البلاء على الصبر على بلائهم.

الوصية بتقوى الله والصبر

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال لامرأة من أهله: تعرفين فلانة؟ قالت: نعم، قال: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بها وهي تبكي عند قبر، فقال:

(‌اتقي ‌الله ‌واصبري). فقالت: إليك عني، فإنك خلو من مصيبتي. قال: فجاوزها ومضى، فمر بها رجل فقال:

ما قال لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: ما عرفته، قال: إنه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-

قال: فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابا، فقالت: يا رسول الله، والله ما عرفتك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الصبر عند أول صدمة)[البخاري]

ففي هذا الحديث نجد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر المرأة بالصبر؛ لأن الله وعد بالأجر الجزيل عليه.

فكل عمل قد يعلم الإنسان جزاءه إلا الصبر قال الله: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

وأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا تجتمع على المرأة مصيبتان الأولى : مصيبة الموت. والثانية: مصيبة الجزع الذي يحبط الأجر.

وفي هذا الحديث دليل على جواز زيارة المرأة القبور؛ لأنه لو لم يكن جائزا لما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيان.

التعزية عند المصيبة

عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره، فيقعده بين يديه، فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه، فحزن عليه.

ففقده النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (مالي لا أرى فلانا؟)، قالوا: يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك،

فلقيه النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك، فعزاه عليه، ثم قال:

(يا فلان، أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غدا ‌إلى ‌باب ‌من ‌أبواب ‌الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك)،

قال: يا نبي الله، بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي، قال: (فذاك لك)[النسائي]

ويستفاد من هذا الحديث أمور منها:

1 – تعزية أهل الميت عند المصيبة.

2 – فضل موت الولد صغيرا لأنه يكون سببا في دخول والديه الجنة.

3 – استحباب إحضار الأولاد مجالس العلم والذكر.

4 – حسن معاشرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه وسؤاله عنهم وتفقده لأحوالهم.

5 – ينبغي على العاقل أن يختار نعيم الآخرة على نعيم الدنيا حيث فضل الرجل أن يجد ابنه في الآخرة يفتح له أبواب الجنة أفضل من أن يعيش فيتمتع به في دنياه.

من مات له ولد فصبر

من مات له ولد أو مات واحد من أحبابه ممن صفا في قربه ومودته ثم صبر على هذا الفقد واحتسبه عند الله عوضه الله عن ذلك الجنة.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت ‌صفيه ‌من ‌أهل ‌الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة)[البخاري]

ما يقال في التعزية

عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رسول إحدى بناته تدعوه إلى ابنها في الموت.

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ارجع، فأخبرها إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب).

فأعادت الرسول أنها أقسمت لتأتينها، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل، فدفع الصبي إليه ونفسه تقعقع كأنها في شن، ففاضت عيناه.

فقال له سعد: يا رسول الله ما هذا؟ قال: (هذه ‌رحمة ‌جعلها ‌الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)[البخاري]

جزاء الصبر على فقد الولد

عن أبي سنان قال: دفنت ابني سنانا، وأبو طلحة الخولاني جالس على شفير القبر، فلما أردت الخروج أخذ بيدي، فقال:

ألا أبشرك يا أبا سنان؟ قلت: بلى، فقال: حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

(إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: ‌قبضتم ‌ولد عبدي، فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده، فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد)[الترمذي]

ما يصنع لأهل الميت

ينبغي على جيران أهل الميت أن يصنعوا طعاما ويهدوه لهم؛ لأنهم مشغولون بأمر ميتهم.

عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌اصنعوا ‌لآل ‌جعفر طعاما، فإنه قد أتاهم أمر شغلهم)[أبو داود]

ماذا يفعل من نزلت به مصيبة؟

من نزلت به مصيبة فعليه أن يذكر مصابه في النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه ليست هناك مصيبة أشد على المسلمين من موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛

لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أمنة لأمته، فما فتح عليهم باب الفتن والمحن إلا بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن نزلت به مصيبة فليصبر قلبه بتذكره موت النبي -صلى الله عليه وسلم-.

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابا بينه وبين الناس، أو كشف سترا، فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر، فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم، ورجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم فقال:

(يا أيها الناس أيما أحد من الناس، أو من المؤمنين أصيب بمصيبة، ‌فليتعز ‌بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي)[ابن ماجه]

مواضيع ذات صلة