العقيدة الإسلامية

العمل بلوازم لا إله إلا الله شرط من شروط دخول الجنة

النصوص المطلقة التي وردت في السنة النبوية والتي تفيد أن من نطق بالشهادتين يدخل الجنة على الإطلاق يجب حملها على النصوص المقيدة التي توضح حقيقتها والمعنى المراد منها.

التلازم بين التوحيد والصلاة

الأحاديث التي وردت في السنة النبوية تبين أن مجرد النطق بكلمة التوحيد يدخل صاحبه الجنة، ليس المقصود منها هذا الإطلاق، وإنما لابد من حمل هذا المطلق على المقيد من الأحاديث التي توضح الحقيقة كاملة.

لو كان الإسلام مجرد كلمة ينطق بها الإنسان بلسانه، ويضمن بها دخول الجنة، لما امتنع أحد من المشركين عن الإيمان بما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما علموا أن النطق بالشهادتين يستلزم الالتزام بالمنهج الذي وضعه الله للعباد، والعمل بما فيه.

ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان أبو بكر -رضي الله عنه- وكفر من كفر من العرب، فقال عمر -رضي الله عنه-: كيف تقاتل الناس؟

وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌أمرت ‌أن ‌أقاتل ‌الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله).

فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها.

قال عمر -رضي الله عنه-: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر -رضي الله عنه- فعرفت أنه الحق.

فهنا في هذا الحديث فهم عمر -رضي الله عنه- وغيره من الصحابة أن مجرد النطق بالشهادتين كاف في النجاة من العقاب،

لذا اعترض على أبي بكر لما عزم على قتال مانعى الزكاة، وكان أبو بكر هو الأصوب في فهمه؛ لأن هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- مكتفيا فيه بالنطق بالشهادتين جاء مفصلا في مواضع أخرى عن صحابة آخرين ذكروا فيه الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة.

فعن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌أمرت ‌أن ‌أقاتل ‌الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله)[البخاري]

ومما يؤكد التفصيل الذي ورد في حديث عبد الله بن عمر قول الله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ).

فإنه لابد من وجود دليل على صدق كلمة التوحيد التي نطقوا بها بألسنتهم، وهي أن يأتوا بالفرائض المترتبة على كلمة التوحيد حتى تثبت لهم الأخوة في التوحيد، لكن التوحيد وحده كاف للتوبة من الشرك.

وبهذا ثبت أن ما ذهب إليه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كان هو الصواب.

أسعد الناس بالشفاعة

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال:

(لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة ‌من ‌قال: ‌لا ‌إله ‌إلا ‌الله، خالصا من قبل نفسه)[البخاري]

وهنا لابد وأن نعلم أن معنى لا إله إلا الله، هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة وإجلالا له، ومحبة وخوفا، ورجاء وتوكلا،

فمن أشرك شيئا مما خلقه الله في هذه الأمور كان مشركا، ولم يكن قد أتى بكلمة الإخلاص كما أمر الله، فلا ينال فضلها.

وهذه معاصي يترتب عليها أن يكون صاحبها مشركا حتى ولو كان ناطقا بكلمة التوحيد.

المعاصي التي يترتب عليها الشرك

هناك كثير من المعاصي التي إذا اقترفها الإنسان أطلق عليها الشرك منها الرياء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أخوف ما أخاف عليكم ‌الشرك ‌الأصغر)

قالوا: وما ‌الشرك ‌الأصغر يا رسول الله؟ قال: (الرياء، يقول الله -عز وجل- لهم يوم القيامة: إذا جزي الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)أحمد

والحلف بغير الله شرك، سمع ابن عمر، رجلا يحلف: لا والكعبة، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من ‌حلف ‌بغير ‌الله فقد أشرك)[أبو داود]

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌سباب ‌المسلم ‌فسوق، وقتاله كفر)[البخاري]

فسمى سباب المسلم فسوق وسمى قتال المسلم لأخيه كفرا.

وهذه المعاصي قد لا يترتب عليها الكفر المخرج من الملة بالكلية لهذا كان السلف يقولون: كُفر دون كفر، وشرك دون شرك.

من جعل الشيء غاية مطلوبة كان عبدا له

إن الإنسان الذي يحب شيئا ويهواه بحيث لا يقدم عليه شيئا آخر، ويطيعه فلا يقدم أمرا آخر عليه يكون عبده له، ويكون هذا الشيء هو إلهه الذي يعبده، حتى ولو كان ينطق بكلمة التوحيد؛ لأنه بذلك يكون قد أتى يما ناقض كلمة التوحيد.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌تعس ‌عبد ‌الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض)[البخاري]

مواضيع ذات صلة