من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان حريصا على تعليم زوجاته ما ينفهم ويزيدهم من الله قربا، فيأمرهن بالاجتهاد في الطاعة والعبادة والمداومة على ذكر الله.
تربية الزوجات على المسئولية
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصا على تعليم زوجاته الالتزام بالمسئوليات التي تسند إليهم.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته،
فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته).
قال: فسمعت هؤلاء من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحسب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (والرجل في مال أبيه راع، وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)[البخاري]
فكل راع سيحاسب عن رعيته ويسأل عنهم، ماذا فعل بهم، وماذا علمهم، وبماذا أمرهم، وعن ماذا نهاهم.
وهذه المسئولية تشمل الإمام الذي يده على الجميع، وتشمل الرجل في بيته عن زوجته وأبنائه وخادمه، والمرأة في بيتها تسأل عن مال زوجها وعن أبنائها.
التربية على العبادة
عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: استيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (سبحان الله، ماذا أنزل من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن، من يوقظ صواحب الحجر -يريد به أزواجه حتى يصلين- رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)[البخاري]
والمعنى: أيقظوا الزوجات للصلاة والاستعاذة من الفتن التي نزلت، ويؤخذ من هذا الحديث أنه يستحب للرجل أن يوقظ أهله ليلا للصلاة ولذكر الله.
فرب كاسية في الدنيا بثياب شفافة لا تستر الجسد فهي في الحقيقة عارية، أو فرب كاسية في الدنيا بالمال عارية في الآخرة من الحسنات.
العشر الأواخر من رمضان
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، ويحث زوجاته على ذلك حتى ينلن من الخير معه.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)[البخاري]
والمعنى: شد المئزر كناية عن الاجتهاد في العبادة زيادة عن المعتاد، بحيث يترك الجماع في مثل هذه الأيام حتى لا يفوته شيء من الخير في تلك الأيام، وأيقظ أهله بحثهن على العبادة والاجتهاد معه حتى لا يحرمن الخير.
وعن علي بن أبي طالب، (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان)[الترمذي]
تعليم الأذكار
كان رسول الله -صل الله عليه وسلم- حريصا على تعليم زوجاته الأذكار، فعن جويرية بنت الحارث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال:
ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)[مسلم]
تعليم الأيسر في العبادة
عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فأدخلني في الحجر فقال:
(صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت، فإن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت)[أبو داود]
الاقتصاد في العبادة
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: (ما هذا الحبل).
قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا، حلوه، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فإذا فتر فليقعد)[البخاري]
والمعنى أن زينب -رضي الله عنها- كانت تربط حبلا بين عمودين في المسجد حتى إذا عجزت عن القيام تعلقت به،
فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الواحد منا في حال نشاطه وقوته، لأنه ربما انهكه التعب فأراد أن يدعوا لنفسه فيدعوا عليها من شدة تعبه ولعدم انتباهه.
المداومة على العمل
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول:
(خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا). وأحب الصلاة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما دووم عليه وإن قلت، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها)[البخاري]
ومعنى: (فإن الله لا يمل حتى تملوا) لا يقطع عنكم الثواب والفضل حتى تنقطعوا عن العمل الصالح.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (أدومها وإن قل). وقال: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون)[البخاري]