السُنة النبوية

جبر خواطر الزوجات ومراعاة مشاعرهن من أخلاق النبي

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالا للكمال البشري في كل مجالات الحياة، فمن أراد أن يكمل خلقه فليقتد برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو مثال كامل للزوج، والقائد في السلم والحرب، والرحيم بأمته.

ذكر محاسن الزوجة

علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يذكر الرجل محاسن زوجته، فإن بدا منها خلق سيء تذكر لها خلقها الحسن.

فالإنسان بطبعه ناقص إن كمل جانب من أخلاقه نقص جانب آخر منه،  فإن كانت الزوجة عالية الصوت فليذكر لها زوجها خدمتها له ولأبنائه، وإعدادها طعامه وشرابه وثيابه.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌لا ‌يفرك ‌مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)[مسلم]

والمعنى: لا يبغض مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر.

مراعاة مشاعر الزوجة

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يراعي مشاعر زوجته إذا كانت غاضبة، فربما نطقت بما لا يحسن من القول وقت غضبها.

فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى)

قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: (أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: ‌لا ‌ورب ‌محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم)، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك)[البخاري]

جبر الخواطر

من حسن إسلام المرء جبره لمشاعر زوجته، ومحاولة إرضائها فإن هذا لا يعتبر ضعفا منه وإنما هو من كمال رجولته.

عن أنس -رضي الله عنها- قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي تبكي، فقال: (ما يبكيك؟)

فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإنك ‌لابنة ‌نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟) ثم قال: (اتقي الله يا حفصة)[الترمذي]

مواساة الزوجة

من أخلاق الرجال أنهم يواسون زوجاتهم، ويحاولون تخفيف مصابهم إذا نزل بهم ألم.

فعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وحاضت بسرف، قبل أن تدخل مكة، وهي تبكي،

فقال: (ما لك أنفست). قالت: نعم، قال: (إن هذا ‌أمر ‌كتبه ‌الله ‌على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت).

فلما كنا بمنى، أتيت بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا: ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه بالبقر.[البخاري]

رقية الزوجة

كان من هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يرقي أهل بيته أحيانا إذا كان بهم مرض.

عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: (اللهم رب الناس ‌أذهب ‌الباس، اشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما)[البخاري]

احتمال صوت الزوجة المرتفع

ليس من العيب، ولا من قلة الرجولة، إذا ارتفع صوت الزوجة أن يحتملها الزوج وأن يخفف غضبها، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتمل ذلك أحيانا.

فعن النعمان بن بشير قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم- فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأذن له، فدخل،

فقال: يا ابنة أم رومان وتناولها، ‌أترفعين ‌صوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فحال النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبينها،

قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لها يترضاها: (ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك)

قال: ثم جاء أبو بكر، فاستأذن عليه، فوجده يضاحكها، قال: فأذن له، فدخل، فقال له أبو بكر: يا رسول الله أشركاني في سلمكما، كما أشركتماني في حربكما)[أحمد]

احتمال هجر الزوجة لزوجها

كان بعض زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- يراجعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحيانا وربما يهجرنه أحيانا، ورسول الله كان يحتمل ذلك منهن شفقة عليهن ورفقا بهن.

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اللتين قال الله تعالى:

(إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) حتى حج وحججت معه، وعدل وعدلت معه بإداوة فتبرز، ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ،

فقلت له: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اللتان قال الله تعالى: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما)؟

قال: واعجبا لك يا ابن عباس، هما عائشة وحفصة، ثم استقبل عمر الحديث يسوقه قال:

كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد، وهم من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي -صلى الله عليه وسلم- فينزل يوما وأنزل أنا،

فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من وحي أو غيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نسائهم،

فطفق نساؤنا بأخذن من أدب نساء الأنصار، فصخبت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني،

قالت: ولم تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ‌ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل،

فأفزعني ذلك وقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن، ثم جمعت علي ثيابي، فنزلت فدخلت على حفصة فقلت لها: أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي -صلى الله عليه وسلم- اليوم حتى الليل؟

قالت: نعم، فقلت: قد خبت وخسرت، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله -صلى الله عليه وسلم- فتهلكي؟

لا تستكثري النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، يريد عائشة. [البخاري]

مواضيع ذات صلة