صلاة التسبيح أو التسابيح من الصلوات النافلة وهي صلاة تؤدى بهيئة مختلفة عن الصلوات المعهودة.
لماذا سميت صلاة التسبيح بهذا الاسم
سميت بصلاة التسابيح بهذا الاسم لكثيرة التسبيح فيها، ففي كل ركعة منها خمس وسبعون تسبيحة.
دليل صلاة التسابيح
روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للعباس بن عبد المطلب:
يا عباس يا عماه، ألا أعطيك ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك – عشر خصال – إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله، وآخره، قديمه، وحديثه، خطأه، وعمده صغيره، وكبيره، سره، وعلانيته، عشر خصال:
أن تصلي أربع ركعات: تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة.
ثم تركع وتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا.
فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل،
فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة.
حكم حديث صلاة التسابيح
اختلف لمحدثون في حديث صلاة التسابيح فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه ومنهم من اختلف قوله فيه فتارة صححه وتارة ضعفه.
من صحح حديث صلاة التسابيح من المحدثين
قال الزركشي عن هذا الحديث: صحيح وليس بضعيف.
وقال ابن الصلاح: حديث صلاة التسابيح حسن.
وقال المنذري: رواته ثقات.
وقال الإمام أبو المعالي المناوي في كتاب كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح عن حديث صلاة التسابيح:
وقد اتفقوا على أنه لا يعمل بالموضوع، وأنه يعمل بالضعيف في الفضائل، وفي الترغيب والترهيب، وقد أخرج حديثها أئمة الإسلام وحفاظه:
أبو داود في “السنن”، والترمذي في “الجامع”، وابن خزيمة في “صحيحه”، لكن قال: إن ثبت الخبر، والحاكم في “المستدرك” وقال “صحيح الإسناد”، والدارقطني أفردها بجميع طرقها في جزء، ثم فعل ذلك الخطيب،
ثم جمع طرقها الحافظ أبو موسى المديني في جزء سماه “تصحيح صلاة التسابيح”.
وقد تحصل عندي من مجموع طرقها عن عشرة من الصحابة من طرق موصولة وعن عدة من التابعين من طرق مرسلة.
من ضعف حديث صلاة التسابيح من المحدثين
قال الإمام ابن حجر في التلخيص: الحق أن طرقه كلها ضعيفة، وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه وعدم الشاهد والمتابع من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات:
قال: وقد ضعفها ابن تيمية والمزني، وتوقف الذهبي، حكاه ابن عبد الهادي في أحكامه. اهـ
وقال العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس: وباب صلاة التسابيح لم يصح فيه حديث.
من اختلف قوله في الحديث من المحدثين
الإمام أحمد ممن اختلف قوله في صلاة التسابيح فقد نقل الشيخ الموفق بن قدامة عن أبي بكر الأثرم قال: سألت أحمد عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يعجبني، ليس فيها شيء صحيح، ونفض يده كالمنكر.
قال الموفق: لم يثبت أحمد الحديث فيها، ولم يرها مستحبة، فإن فعلها إنسان فلا بأس
وورد عن الإمام أحمد أنه رجع عن قوله هذا فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يصح فيها عندي شيء. قلت: المستمِر بن الريان عن أبي الحريراء عن عبد الله بن عمرو؟ فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، قال: المستمر ثقة، وكأنه أعجبه.
وهذا يبين أنه رجع عن قوله بتضعيف الحديث.
وأما الإمام النووي فقد اختلف قوله في صلاة التسابيح، فضعفها في كتاب شرح المهذب فقال: حديثها ضعيف وفي استحبابها عندي نظر لأن فيها تغييرا لهيئة الصلاة المعروفة فينبغي أن لا تفعل وليس حديثها بثابت.
وقال في تهذيب الأسماء واللغات: قد جاء في صلاة التسبيح حديث حسن في كتاب الترمذي وغيره وذكره المحاملي وغيره من أصحابنا وهي سنة حسنة.
حكم صلاة التسابيح عند الفقهاء
اختلف قول الفقهاء في الحكم على صلاة التسبيح بناء على اختلافهم في صحة الأحاديث الواردة فيها:
1 – ذهب الشافعية إلى أن صلاة التسابيح مستحبة، وقال الإمام النووي في بعض كتبه: هي سنة حسنة.
2 – وقال الحنابلة بجواز صلاة التسابيح، وقالوا: لو لم يثبت الحديث فيها فهي من فضائل الأعمال التي يكتفى فيها بالحديث الضعيف.
3 – قالوا : إنها غير مشروعة، لأن فيها تغيير لنظام الصلاة المعروفة ولا يثبت ذلك إلا بالحديث وحديثها ليس بثابت، من هؤلاء الإمام النووي في المجموع، والإمام أحمد.
وورد في الموسوعة الفقهية: ولم نجد لهذه الصلاة ذكرا فيما اطلعنا عليه من كتب الحنفية والمالكية، إلا ما نقل في التلخيص الحبير عن ابن العربي أنه قال: ليس فيها حديث صحيح ولا حسن.
كيفية صلاة التسابيح
ورد في كيفية صلاة التسابيح التي وردت في حديث ابن عباس أنها أربع ركعات، تؤدى بنية صلاة التسبيح، في غير الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وتكون بسلام واحد.
وقد استحب البعض إن كانت بالنهار أن تكون بسلام واحد، وإن كانت بالليل أن تكون بسلام في كل ركعتين.
ثم يقرأ الفاتحة وسورة بعدها، ثم يسبح ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمس عشرة مرة بعد القراءة وقبل الركوع، وبه قال جمهور الفقهاء.
ثم يقول هذا التسبيح السابق عشر مرات في الركوع، فإذا رفع من الركوع قاله عشرا، فإذا سجد قاله عشرا، فإذا قام من السجود قاله عشرا، فإذا سجد ثانيا قاله عشرا، فإذا جلس من السجود وهي جلسة الاستراحة قاله عشرا، فتلك خمس وسبعون في كل ركعة.
ما يقرأ من الآيات بعد سور الفاتحة
يجوز قراءة أي سورة بعد الفاتحة، لكن قال بعض الشافعية : الأفضل أن يقرأ فيها تارة من المفصل بأن يقرأ أربعا من التسابيح وهي:
الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن للمناسبة بين هذه السورة واسم صلاة التسبيح.
وتارة بأن يقرأ بـ “إذا زلزلت الأرض” والعاديات، والعصر، والإخلاص، وتارة بالتكاثر، والعصر، وقل يا أيها الكافرون، والإخلاص.
كم مرة تؤدى صلاة التسابيح
من قال باستحباب صلاة لتسابيح قال: إن استطعت أن تؤديها في كل يوم فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة، فإن لم تستطع ففي كل شهر، فإن لم تستطع ففي كل سنة، فإن لم تستطع ففي العمرة مرة.
للاطلاع على المزيد: