حكم المريض بسلس البول
“سلس البول من الأعذار الشرعية التي تبيح للإنسان الصلاة حتى مع نزول الماء لأنه صاحب عذر والله تعالى يقول: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)”
حكم المريض بسلس البول
بالطلب المقدم من السيد / ع م أ – السودانى الجنسية المقيم بمدينة بون بألمانيا الاتحادية – المتضمن أن السائل مسلم متدين يصوم شهر رمضان ولكنه لا يصلى، لأنه يعتقد أن صلاته لا تصح لأن حالته المرضية تجعله غير أهل للصلاة، لأن الصلاة يشترط لصحتها طهارة الجسم والثوب وهذا غير متحقق.
ذلك لأنه عندما يتبول ويغسل مكان التبول جيدا تنزل منه قطرات من البول على جسمه وملابسه إذ لا يستطيع التحكم فى منع هذه القطرات من النزول مهما عمل.
وبالرغم من أنه حاول علاج نفسه من هذه الحالة عند أطباء المسالك البولية دون جدوى أو فائدة.
وهو يريد أن يصلى ولكنه يتحرج من الصلاة لهذه الحالة المرضية.
وطلب السائل بيان حكم الشرع فى حالته وكيف تصح صلاته
شروط صحة الصلاة
إن من شروط صحة الصلاة فى الإسلام طهارة الثوب والجسد من النجاسات نجد هذا واضحا وصريحا فى قول الله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين
وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) المائدة 6،
نجد هذا كذلك فى قوله: (وثيابك فطهر) المدثر 4،
ولقد أبانت السنة الشريفة أهمية وضرورة التطهر من البول والتنزه عنه فى الثوب والجسد وحث على هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أنس (نيل الأوطار ج1 – ص 93) (تنزهوا من البول).
وفيما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما (نيل الأوطار ج و1 – ص 93) من أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: (إنهما يعذبان وما يعذبان فى كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشى بالنميمة) وفى رواية لمسلم وأبى داود (يستنزه) .
نواقض الوضوء
وإعمالا لهذه النصوص وغيرها من القرآن والسنة اتفق فقهاء المسلمين على أن الوضوء ينتقض بالخارج من القبل أو الدبر مطلقا فى حال الصحة .
حكم صلاة المريض بسلس البول
فإن كان هذا الخارج حال المرض كسلس البول، بمعنى استرساله واستمرار نزوله وعدم استمساكه كان صاحب هذه الحال معذورا فى عرف الفقهاء وقد أوجبوا على صاحب مثل هذا العذر بعد التبول والاستنجاء عصب مخرج البول بما يمنع نزوله بقدر المستطاع.
تعريف سلس البول
واختلفوا فى حد السلس الذى يصير به صاحبه معذورا.
ففى الفقه المالكى أن يلازم عليه أوقات الصلاة أو نصفها وأن يكون غير منضبط وألا يقدر على رفعه بالتداوى مثلا.
وفى الفقه الحنفى أن من به سلس بول ولا يمكنه إمساكه يقال له معذور ويثبت عذره ابتداء إذا استمر نزول البول وقتا كاملا لصلاة مفروضة.
وفى فقه الإمام أحمد أنه يصير معذورا إذا دام نزول البول دون انقطاع وقتا يتسع للطهارة والصلاة.
حكم المعذور بسلس البول عند الحنفية
وحكم المعذور فى فقه المذهب الحنفى وهو ما نميل للفتوى به فى هذا الموضع – أن يتوضأ صاحب هذا العذر لوقت كل صلاة، ويصلى بوضوئه هذا ما شاء من الفرائض والنوافل، ومتى خرج الوقت الذى توضأ لفرضه انتقض وضوؤه، وعلى ذلك فلا يصلى فرض العصر فى وقته بوضوء فرض الظهر فى وقته.
حكم نزول البول أثناء الصلاة
لما كان ذلك فإذا كانت حالة السائل تجعله معذورا بمعنى أن البول يتقاطر منه بعد الاستنجاء على جسده وملابسه ويعجز (وهذا ما يظهر من واقعات السؤال) وجب عليه أن يحاول قدر الاستطاعة الإقلال من نزول البول بعد الاستنجاء بربط مخرج البول وحشوه، ثم يتوضأ لوقت كل صلاة ويصلى بوضوئه ما شاء من الفرائض والنوافل فى ذات الوقت فإذا خرج الوقت بحلول وقت صلاة فريضة أخرى انتقض وضوؤه ووجب عليه الوضوء للوقت الجديد.
ولا يضره ما يصيب ثوبه أو جسده من تقاطر البول إن لم يمكن حبسه برباط أو غيره ولا يجب غسله، ما دام مريضا أو معذورا بتقاطر البول أو استمراره إذ الإسلام يسر لا عسر فيه.
قال الله تعالى: (وما جعل عليكم فى الدين من حرج) الحج 78، فاستقم على طاعة الله وتوضأ وصل الفرائض والنوافل واستعن بالله ولاتعجز.
فقد قال سبحانه تعليما بعد الأخذ بالأسباب (وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء 80، والله سبحانه وتعالى أعلم. من كتاب فتاوى دار الإفتاء المصرية