الصلاة

التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

تشهد أي: تكلم بالشهادتين، والتشهد يطلق على قول كلمة التوحيد، وعلى التشهد في الصلاة.

معنى التشهد

يطلق التشهد ويراد به قراءة: التحيات لله، وقيل: إن التشهد اسم لمجموع الكلمات المروية عن ابن مسعود -رضي الله عنه- وغيره من الصحابة.

حكم التشهد الأخير

التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة، والدليل من السنة: عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: «كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ، ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌يُفْرَضَ ‌التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ،

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقُولُوا هَكَذَا، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ السَّلَامُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ،أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» [النسائي: 1277]،
ووجه الدلالة: قوله: «قَبْلَ ‌أَنْ ‌يُفْرَضَ ‌التَّشَهُّدُ»، دل على أن التشهد فرض.

صيغة التشهد من حديث بن مسعود

الصيغة الصحيحة للتشهد الأخير في الصلاة هي ما وردت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: ‌السَّلَامُ ‌عَلَى ‌اللهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ:
إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ،
فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْكَلَامِ مَا شَاءَ» [متفق عليه].

في هذا الحديث يخبر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنهم كانوا يقولون في صلاتهم عند التشهد: السلام على الله، ثم يقولون: السلام على جبريل وميكائيل، والسلام على فلان وفلان، فيذكرون بعض أسماء الملائكة،

فلما سمعهم النبي صلى الله عليه وسلم التفت إليهم، وقال لهم: إن الله هو السلام، بمعنى: لا يستقيم أن تقولوا: السلام على الله، فأنكر التسليم على الله، وعلمهم أن ما يقولونه عكس ما يجب أن يقال؛ فإن كل سلامة ورحمة له ومنه، وهو مالكها ومعطيها، ثم علمهم صلى الله عليه وسلم ما يقولونه في التشهد التي وردت في الحديث الشريف.

شرح صيغة التشهد

قوله: التَّحيَّاتُ لله: هي جمع تحية، والمراد بالتحيات أنواع التعظيم‏، والمعنى: أنها كلها مستحقة لله تعالى.
وقوله: والصَّلَواتُ:‏ قيل: المراد بها هنا: الصلوات الخمس، وقيل: العبادات كلها، وقيل: الدعوات، وقيل: الرحمة، وقيل: التحيات: العبادات القولية، والصلوات: العبادات الفعلية، والطيبات العبادات المالية.

وقوله: ‏والطَّيِّباتُ:‏ قيل: هي ما طاب من الكلام،‏ وقيل: ذكر الله خاصة،‏ وقيل: الأعمال الصالحة عامة.
وقوله: ‏السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه: والسلام بمعنى التحية، ومعناها: نوجه إليك التحية والسلام، والمعنى: سلمت من كل مكروه، والبركة: هي الزيادة في الخير.

وقوله: «السَّلامُ علينا» على أنفسنا.
وقوله: «وعلى عِبادِ اللهِ الصَّالحينَ»‏ وهم القائمون بأمر الله وحقوقه وحقوق عباده؛ وتعميم السلام على الصالحين؛ إعلاما منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملا لهم،
ثم أخبرهم أنهم إذا قالوا: «السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ» انتفع بهذا السلام كل عبد صالح في الأرض أو السماء، فتشمل الملائكة والجن والإنس.
وقوله: «‏أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ»‏ فهذه هي الشهادة لله سبحانه بالتوحيد، وأنه لا معبود بحق إلا هو سبحانه.
وقوله: «‏وأشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه» أي: أقر بأن محمد بن عبد الله هو رسول من عند الله للناس أجمعين، وأنه خاتم المرسلين الذي تجب طاعته واتباعه على العالمين.

صيغة التشهد عند عبد الله بن عباس

عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ،
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ” [رواه مسلم].

التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

صيغة التشهد من حديث أبي موسى الأشعري

عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا، وبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا، فقال: “إِذَا صَلَّيْتُمْ فَكَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ، فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ:

التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ [رواه مسلم].

صيغة مكذوبة عن معنى صيغة التشهد

ينشر كثير من الإخوة في بعض المواقع والمنتديات أن: ” (التحيات) اسم طائر في الجنة على شجرة يقال لها (الطيبات)، بجانب نهر يقال له (الصلوات)،

فإذا قال العبد: (التحيات لله والصلوات الطيبات) نزل الطائر عن تلك الشجرة فغطس في ذلك النهر ونفض ريشه على جانب النهر، فكل قطره وقعت منه خلق منها ملك يستغفر لقائلها إلى يوم القيامة”، وبعد البحث تبين لي أن هذه الرواية موضوعة ومكذوبة ولا أصل لها ولا تجوز روايتها.

صيغة الصلاة على النبي عند أبي مسعود الأنصاري

اختلفت الآثار في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فروى مالك عن أبي مسعود الأنصاري؛ قال: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ. فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟

قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “قُولُوا:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ [رواه مسلم: 405].

«اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّدٍ»، أي: عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود،

ولما كان البشر عاجزين عن أن يبلغوا القدر الواجب له من ذلك، شرع لنا أن نحيل أمر ذلك إلى الله تعالى بأن نقول: «اللهم صل على محمد»، أي: لأنك أنت العليم بما يليق به من ذلك.
«وعلى آلِ محمَّدٍ» والمراد: الأزواج ومن حرمت عليهم الصدقة، وتدخل فيهم الذرية، وقيل: يشمل أتباعه المؤمنين.
«كما صلَّيْتَ على آلِ إبراهيمَ»، أي: مثل صلاتك على آل إبراهيم عليه السلام، وهم إسماعيل وإسحاق وذريتهما المؤمنة.

«اللَّهمَّ بارِكْ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ كما باركْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ» أي: أثبت وأدم له ما أعطيته من التشريف والكرامة وزده من الكمالات ما يليق بك وبه،
وقيل: المراد بالبركة هنا الزيادة من الخير والكرامة، وقيل: المراد التطهير من الذنوب والتزكية، والحاصل أن المطلوب أن يعطى من الخير أوفاه، وأن يثبت ذلك ويستمر دائما.

«إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ» أي: إنك حميد فاعل ما تستوجب به الحمد؛ من النعم المتكاثرة والآلاء المتعاقبة المتوالية، مجيد كريم الإحسان إلى جميع عبادك الصالحين، ومن محامدك وإحسانك أن توجه صلواتك وبركاتك وترحمك على حبيبك نبي الرحمة وآله.

صيغة الصلاة على النبي عند أبي حميد الساعدي

وهناك صيغ أخرى وردت في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منها: ما روي عن أبي حميد الساعدي: أنهم قالوا: «يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» [متفق عليه].

وفي رواية أخرى: «أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ‌كَمَا ‌بَارَكْتَ ‌عَلَى ‌آلِ ‌إِبْرَاهِيمَ ‌إِنَّكَ ‌حَمِيدٌ ‌مَجِيدٌ» [متفق عليه].

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة