كتاب رياض الصالحين للإمام النووي الجزء الثاني

24- باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أَوْ نهى عن منكر وخالف قولُه فِعله
قَالَ الله تَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44] وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:2،3] وَقالَ تَعَالَى إخباراً عن شعيب صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] .
1/198- وعن أَبي زيدٍ أُسامة بْنِ زيد بن حَارثَةَ، رضي اللَّه عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: “يُؤْتَى بالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيامةِ فَيُلْقَى في النَّار، فَتَنْدلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ في الرَّحا، فَيجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّار فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ مَالَكَ؟ أَلَمْ تَكُن تَأْمُرُ بالمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، كُنْتُ آمُرُ بالمَعْرُوفِ وَلَا آتِيه، وَأَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَآَتِيهِ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قولُهُ:”تَنْدلِقُ”هُوَ بالدَّالِ المهملةِ، وَمَعْنَاهُ تَخْرُجُ. وَ”الأَقْتابُ”: الأَمْعَاءُ، واحِدُهَا قِتْبٌ
25- باب الأمر بأداء الأمانة
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وقال تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72]
1/199- عن أَبي هريرة، رضي اللَّه عنه، أن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: ” آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإِذَا آؤْتُمِنَ خَانَ” متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: “وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وزعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ “.
2/200- وعن حُذيْفَة بنِ الْيمانِ، رضي اللَّه عنه، قَالَ: حدثنا رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، حَديثْين قَدْ رَأَيْتُ أَحدهُمَا، وَأَنَا أَنْتظرُ الآخَرَ: حدَّثَنا أَنَّ الأَمَانَة نَزلتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرآنُ فَعلموا مِنَ الْقُرْآن، وَعلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثنا عَنْ رَفْعِ الأَمانَةِ فَقال:
“يَنَامُ الرَّجل النَّوْمةَ فَتُقبضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيظلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ، ثُمَّ ينامُ النَّوْمَةَ فَتُقبضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيظَلُّ أَثَرُهَا مِثْل أثرِ الْمَجْلِ، كجَمْرٍ دَحْرجْتَهُ عَلَى رِجْلكَ، فَنفطَ فتَراه مُنْتبراً وَلَيْسَ فِيهِ شَيءٌ”ثُمَّ أَخذَ حَصَاةً فَدَحْرجَهَا عَلَى رِجْلِهِ، فَيُصْبحُ النَّاسُ يَتبايَعونَ، فَلا يَكادُ أَحَدٌ يُؤدِّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ في بَنِي فَلانٍ رَجُلاً أَمِيناً، حَتَّى يُقَالَ لِلَّرجلِ: مَا أَجْلدهُ مَا أَظْرَفهُ، مَا أَعْقلَهُ، وَمَا في قلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمانٍ.
وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيُّكُمْ بايعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلماً ليردُنَّهُ عَليَّ دِينُه، ولَئِنْ كَانَ نَصْرانياً أَوْ يَهُوديًّا لَيُرُدنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيه، وأَمَّا الْيَوْمَ فَما كُنْتُ أُبايُعُ مِنْكمْ إِلَاّ فُلاناً وَفلاناً “متفقٌ عَلَيهِ.
قوله:”جَذْرُ”بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة: وَهُوَ أصل الشيء. وَ”الوكت”بالتاء المثناة من فوق: الأثر اليسير.”والمجل”بفتح الميم وإسكان الجيم، وَهُوَ تَنَفُّطٌ في اليدِ ونحوها من أثرِ عمل وغيرِهِ. قوله:”مُنْتَبراً”: مرتفِعاً. قوله:”ساعِيهِ”: الوالي عَلَيهِ.
3/201- وعن حُذَيْفَةَ، وَأَبي هريرة، رضي اللَّه عنهما، قالا: قالَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “يَجْمعُ اللَّه، تَباركَ وَتَعَالَى، النَّاسَ فَيُقُومُ الْمُؤمِنُونَ حَتَّى تَزْلفَ لَهُمُ الْجَنَّةُ، فَيَأْتُونَ آدَمَ صلواتُ اللَّه عَلَيْهِ، فَيَقُولُون: يَا أَبَانَا اسْتفْتحْ لَنَا الْجَنَّةَ، فَيقُولُ: وهَلْ أَخْرجكُمْ مِنْ الْجنَّةِ إِلَاّ خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ، لَسْتُ بصاحبِ ذَلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إبْراهِيمَ خَلِيل اللَّه،
قَالَ: فَيأتُونَ إبْرَاهِيمَ، فيقُولُ إبْرَاهِيمُ: لَسْتُ بصَاحِبِ ذَلِك إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلاً مِنْ وَرَاءَ وراءَ، اعْمَدُوا إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلَّمهُ اللَّه تَكْلِيماً، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فيقُولُ: لسْتُ بِصَاحِب ذلكَ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسى كَلِمَةِ اللَّه ورُوحِهِ فَيقُولُ عيسَى: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلكَ. فَيَأْتُونَ مُحَمَّداً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ، وَتُرْسَلُ الأَمانَةُ والرَّحِمُ فَيَقُومَان جنْبَتَي الصراطِ يَمِيناً وشِمالاً، فيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ”
قُلْتُ: بأَبِي وَأُمِّي، أَيُّ شَيءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَالَ:”أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ يمُرُّ ويَرْجعُ في طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الريحِ ثُمَّ كَمرِّ الطَّيْرِ؟ وَأَشَدُّ الرِّجالِ تَجْرِي بهمْ أَعْمَالُهُمْ، ونَبيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصرِّاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعَبَادِ، حَتَّى يَجئَ الرَّجُلُ لا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إلَاّ زَحْفاً، وفِي حافَتَي الصرِّاطِ كَلالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمُكَرْدَسٌ في النَّارِ” وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ جَهنَّم لَسبْعُونَ خَريفاً. رواه مسلم.
قوله:”ورَاءَ وَرَاءَ”هُو بالْفَتْحِ فِيهمَا. وَقيل: بِالضَّمِّ بِلا تَنْوينٍ، وَمَعْنَاهُ: لسْتُ بتلْكَ الدَّرَجَةِ الرَّفيعَةِ، وهِي كَلِمةٌ تُذْكَرُ عَلَى سبِيل التَّواضُعِ. وَقَدْ بسِطْتُ مَعْنَاهَا في شَرْحِ صحيح مسلمٍ، واللَّه أعلم.
4/202- وعن أَبِي خُبَيْبٍ بضم الخاءِ المعجمة عبد اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ، رضي اللَّه عنهما قَالَ: لَمَّا وَقَفَ الزبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلَاّ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وإِنِّي لاأُرَنِي إِلَاّ سَأُقْتَلُ الْيَومَ مَظْلُوماً، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَينْيِ أَفَتَرَى دَيْنَنَا يُبْقى مِنْ مالِنا شَيْئاً؟
ثُمَّ قَالَ: يا بني بعْ مَالَنَا واقْضِ دَيْنِي، وَأَوْصَى بالثُّلُثِ، وَثُلُثِهُ لِبَنِيهِ، يَعْنِي لبَنِي عَبْدِ اللَّه بن الزبير ثُلُثُ الثُّلُث. قَالَ: فَإِن فَضلِ مِنْ مالِنَا بعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيءٌ فثُلُثُهُ لِبَنِيك، قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدُ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازى بَعْضَ بَني الزبَيْرِ خُبيبٍ وَعَبَّادٍ، وَلَهُ يَوْمَئذٍ تَسْعَةُ بَنينَ وتِسعُ بَنَاتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّه: فَجَعَل يُوصِينِي بديْنِهِ وَيَقُول: يَا بُنَيَّ إِنْ عَجزْتَ عنْ شَيءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ بموْلايَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَريْتُ مَا أرادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلَاكَ؟
قَالَ: اللَّه. قَالَ: فَواللَّهِ مَا وَقَعْتُ في كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَاّ قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ، فَيَقْضِيَهُ. قَالَ: فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَاراً وَلَا دِرْهَماً إِلَاّ أَرَضِينَ، مِنْهَا الْغَابَةُ وَإِحْدَى عَشَرَةَ دَاراً بالْمَدِينَةِ. وداريْن بالْبَصْرَةِ، وَدَارَاً بالْكُوفَة وَدَاراً بِمِصْرَ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الذي كَانَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْتَيهِ بِالمالِ، فَيَسْتَودِعُهُ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبيْرُ: لا وَلَكنْ هُوَ سَلَفٌ إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعةَ. وَمَا ولِي إَمَارَةً قَطُّ وَلا جِبَايةً ولا خَراجاً وَلَا شَيْئاً إِلَاّ أَنْ يَكُونَ في غَزْوٍ مَعَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، أَوْ مَعَ أَبِي بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي اللَّه عنهم، قَالَ عَبْدُ اللَّه: فَحَسَبْتُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمائَتَيْ أَلْفٍ، فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبدَ اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ فَقَالَ:
يَا ابْنَ أَخِي كَمْ عَلَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمْتُهُ وَقُلْتُ: مِائَةُ أَلْفٍ. فَقَالَ: حَكيمٌ: وَاللَّه مَا أَرى أَمْوَالَكُمْ تَسعُ هَذِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَرَأَيْتُكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَي أَلْفٍ؟ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ؟ قَالَ: مَا أَرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَىْء مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي. قَالَ: وكَانَ الزُّبَيْرُ قدِ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ ومِائَة أَلْف، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأْلف ألفٍ وسِتِّمِائَةِ أَلْفَ، ثُمَّ قَامَ فَقالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ شَيْء فَلْيُوافِنَا بِالْغَابَةِ، فأَتَاهُ عبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعفر، وكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبعُمِائةِ أَلْفٍ،
فَقَالَ لعَبْدِ اللَّه: إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّه: لا، قَالَ فَإِنْ شِئْتُمْ جعَلْتُمْوهَا فِيمَا تُؤخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه: لا، قَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً، قَالَ عبْدُ اللَّه: لَكَ مِنْ هاهُنا إِلَى هاهُنَا. فَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْهَا فَقَضَى عَنْهُ دَيْنَه، وَوَفَّاهُ وَبَقِيَ منْهَا أَرْبَعةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدم عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعَنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبيْرِ، وَابْن زَمْعَةَ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: كَمْ قَوَّمَتِ الْغَابَةُ؟ قال: كُلُّ سَهْمٍ بِمائَةِ أَلْفٍ قَالَ: كَمْ بَقِي مِنْهَا؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ونِصْفٌ، فَقَالَ الْمُنْذرُ بْنُ الزَّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ مِنْهَا سَهْماً بِمائَةِ أَلْفٍ، وقال عَمْرُو بنُ عُثْمان: قَدْ أَخَذْتُ مِنْهَا سَهْماً بِمِائَةِ أَلْفٍ.
وَقالَ ابْن زمْعَةَ: قَدُ أَخَذْتُ سَهْماً بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ مُعَاوِيةُ: كَمْ بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَ: سَهْمٌ ونصْفُ سَهْمٍ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِخَمسينَ ومائَةِ ألْف. قَالَ: وبَاعَ عَبْدُ اللَّه بْنُ جَعْفَرٍ نصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ. فَلَمَّا فَرغَ ابنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قََضاءِ ديْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبْيرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيراثَنَا. قَالَ: وَاللَّهِ لا أَقْسِمُ بيْنَكُمْ حَتَّى أَنَادِيَ بالمَوْسم أَرْبَع سِنِين: أَلا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيَّرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ. فَجَعَلَ كُلُّ سَنَةٍ يُنَادِي في الْمَوسمِ، فَلَمَّا مَضى أَرْبَعُ سِنينَ قَسم بَيْنَهُمْ ودَفَعَ الثُلث وكَان للزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوةٍ، فَأَصاب كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ ومِائَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْف أَلْفٍ ومِائَتَا أَلْف. رواه البخاري.
26- باب تحريم الظلم والأمر بردِّ المظالم
قَالَ الله تَعَالَى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ} [غافر: 18] {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج: 71] .
وأمّا الأحاديث فمنها حديث أبي ذر رضي الله عنه المتقدم في آخر باب المجاهدة.
1/203- وعن جابر رضي اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ منْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حملَهُمْ عَلَى أَنْ سفَكَوا دِماءَهُمْ واسْتَحلُّوا مَحارِمَهُمْ “رواه مسلم
2/204- وعن أَبِي هريرة رضي اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقيامَةِ حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الْجَلْحَاء مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاء” رواه مسلم.
3/205- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال: كُنَّا نَتحدَّثُ عَنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَيْن أَظْهُرِنَا، وَلَا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الْوداع، حَتَّى حمِدَ اللَّه رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، وَأَثْنَى عَليْهِ ثُمَّ ذَكَر الْمسِيحَ الدَّجَالَ فَأَطْنَبَ في ذِكْرِهِ، وَقَالَ: “مَا بَعَثَ اللَّه مِنْ نَبيٍّ إلَاّ أَنْذَرَهُ أُمَّتهُ:
أَنْذَرَهُ نوحٌ وَالنَّبِيُّون مِنْ بَعْدِهِ، وَإنَّهُ إنْ يَخْرُجْ فِيكُمْ فَما خفِيَ عَليْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفِي عَلَيْكُمْ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيس بأَعْورَ، وَإِنَّهُ أَعورُ عَيْن الْيُمْنَى، كَأَنَّ عيْنَهُ عِنبَةٌ طَافِيَةٌ. ألا إنَّ اللَّه حرَّم علَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوالكُمْ، كَحُرْمَةِ يوْمكُمْ هَذَا، في بلدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُم هَذَا ألَا هَلْ بلَّغْتُ؟ “قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:”اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلاثاً ويْلَكُمْ أَوْ: ويحكُمْ، انظُرُوا: لا ترْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضِ “رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.
4/206- وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ منْ سَبْعِ أَرَضِينَ ” متفقٌ عليه.
5/207- وعن أَبي موسى رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
6/208- وعن مُعاذٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: بعَثَنِي رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ: “إنَّكَ تَأْتِي قوْماً مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب، فادْعُهُمْ إِلَى شََهَادة أَنْ لا إِلَهَ إلَاّ اللَّه، وأَنِّي رَسُول اللَّه فإِنْ هُمْ أَطاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمهُمْ أَنَّ اللَّه قَدِ افْترضَ علَيْهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يومٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلكَ، فَأَعلِمْهُمْ أَنَّ اللَّه قَدِ افْتَرَضَ عَلَيهمْ صدَقَةً تُؤْخذُ مِنْ أَغنيائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرائهم، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلكَ، فَإِيَّاكَ وكَرائِمَ أَمْوالِهم. واتَّقِ دعْوةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْس بَيْنَها وبيْنَ اللَّه حِجَابٌ “متفقٌ عليه.
7/209-وعن أَبِي حُميْد عبْدِ الرَّحْمن بنِ سعدٍ السَّاعِدِيِّ رضي اللَّه عنه قَالَ: اسْتعْملَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم رَجُلاً مِن الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهدِيَ إِلَيَّ فَقَامَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلَى الْمِنبرِ، فَحمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
“أَمَّا بعْدُ فَإِنِّي أَسْتعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعمَلِ مِمَّا ولَاّنِي اللَّه، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَت إِلَيَّ، أَفَلا جَلَسَ في بيتِ أَبيهِ أَوْ أُمِّهِ حتَّى تأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقاً، واللَّه لا يأْخُذُ أَحدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً بِغَيْرِ حقِّهِ إلَاّ لَقِيَ اللَّه تَعالَى، يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، فَلا أَعْرفَنَّ أَحداً مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّه يَحْمِلُ بعِيراً لَهُ رغَاءٌ، أَوْ بَقرة لَهَا خُوارٌ، أَوْ شَاةً تيْعَرُ ثُمَّ رفَعَ يَديْهِ حتَّى رُؤِيَ بَياضُ إبْطيْهِ فَقَالَ:”اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ” ثلاثاً، متفقٌ عليه.
8/210- وعن أَبي هُرِيْرَةَ رضي اللَّه عنه عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ، مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيتَحَلَّلْه ِمنْه الْيوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَملٌ صَالحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقدْرِ مظْلمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ” رواه البخاري.
9/211- وعن عبد اللَّه بن عَمْرو بن الْعاص رضي اللَّه عنهما عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ ويَدِهِ، والْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ “مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
10/212- وعنه رضي اللَّه عنه قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرةُ، فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “هُوَ في النَّارِ” فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فوَجَدُوا عَبَاءَة قَدْ غَلَّهَا. رواه البخاري.
11/213- وعن أَبي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ الحارثِ رضيَ اللَّه عنهُ عن النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّمواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْراً، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة وَذو الْحِجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجُب الَّذِي بَيْنَ جُمادَي وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ “قلْنَا: اللَّه ورسُولُهُ أَعْلَم، فَسكَتَ حَتَّى ظنَنَّا أَنَّهُ سَيُسمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَليْس ذَا الْحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بلَى: قَالَ:
“فأَيُّ بلَدٍ هَذَا؟ “قُلْنَا: اللَّه وَرسُولُهُ أَعلمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سيُسمِّيهِ بغَيْر اسْمِهِ. قَالَ:”أَلَيْسَ الْبلْدةَ؟ “قُلْنا: بلَى. قَالَ:”فَأَيُّ يَومٍ هذَا؟ “قُلْنَا: اللَّه ورسُولُهُ أَعْلمُ، فَسكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّه سيُسمِّيهِ بِغيْر اسمِهِ. قَالَ:”أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْر؟ “قُلْنَا: بَلَى. قَالَ:”فإِنَّ دِماءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وأَعْراضَكُمْ عَلَيْكُمْ حرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا في بَلَدِكُمْ هَذا في شَهْرِكم هَذَا، وَسَتَلْقَوْن ربَّكُم فَيَسْأْلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلا فَلا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فلَعلَّ بعْض مَنْ يبْلغُه أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَه مِن بَعْضِ مَنْ سَمِعه”ثُمَّ قال:”أَلا هَلْ بَلَّغْتُ، أَلا هَلْ بلَّغْتُ؟ “قُلْنا: نَعَمْ، قَالَ:”اللَّهُمْ اشْهدْ “متفقٌ عَلَيهِ.
12/214- وعن أَبي أُمَامةَ إِيَاسِ بنِ ثعْلَبَةَ الْحَارِثِيِّ رضي اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْريءٍ مُسْلمٍ بيَمِينِهِ فَقدْ أَوْجَبَ اللَّه لَه النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ”فَقَالَ رجُلٌ: وإِنْ كَانَ شَيْئاً يسِيراً يَا رسولَ اللَّه؟ فَقَالَ:”وإِنْ قَضِيباً مِنْ أَرَاكٍ “رواه مسلم.
13/215- وعن عَدِي بن عُمَيْرَةَ رضي اللَّه عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه يَقُول: “مَن اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَل، فَكَتَمَنَا مِخْيَطاً فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلُولا يَأْتِي بِهِ يوْم الْقِيامَةِ”فقَام إَلْيهِ رجُلٌ أَسْودُ مِنَ الأَنْصَارِ، كأَنِّي أَنْظرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه اقْبل عني عملَكَ قال:”ومالكَ؟ “قَالَ: سَمِعْتُك تقُول كَذَا وَكَذَا، قَالَ:”وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ: مَنِ اسْتعْملْنَاهُ عَلَى عملٍ فلْيجِيء بقَلِيلهِ وَكِثيرِه، فمَا أُوتِي مِنْهُ أَخَذَ ومَا نُهِِى عَنْهُ انْتَهَى” رواه مسلم.
14/216- وعن عمر بن الخطاب رضي اللَّهُ عنه قَالَ: لمَّا كَانَ يوْمُ خيْبرَ أَقْبل نَفرٌ مِنْ أَصْحابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ، وفُلانٌ شهِيدٌ، حتَّى مَرُّوا علَى رَجُلٍ فقالوا: فلانٌ شهِيد. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “كلَاّ إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّها أَوْ عبَاءَةٍ” رواه مسلم.
15/217-وعن أَبي قَتَادَةَ الْحارثِ بنِ ربعي رضي اللَّه عنه عن رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّهُ قَام فِيهمْ، فذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ الْجِهادَ فِي سبِيلِ اللَّه، وَالإِيمانَ بِاللَّه أَفْضلُ الأَعْمالِ، فَقَامَ رَجلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه أَرَأَيْت إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّه، تُكَفِّرُ عنِي خَطَايَاىَ؟
فَقَالَ لَهُ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “نعَمْ إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّه وأَنْتَ صَابر مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غيْرَ مُدْبرٍ” ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”كيْف قُلْتَ؟ “قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيل اللَّه، أَتُكَفرُ عَنّي خَطَاياي؟ فَقَالَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”نَعمْ وأَنْت صابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقبِلٌ غَيْرَ مُدْبِرٍ، إِلَاّ الدَّيْن فَإِنَّ جِبْرِيلَ قال لِي ذلِكَ “رواه مسلم.
16/218- وعن أَبي هُريرةَ رضي اللَّه عنه، أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: “أَتَدْرُون ما الْمُفْلِسُ؟ “قالُوا: الْمُفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ. فَقَالَ:”إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقيامةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وزَكَاةٍ، ويأْتِي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقذَف هذَا وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسفَكَ دَم هذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هذَا مِنْ حسَنَاتِهِ، وهَذا مِن حسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْلَ أَنْ يقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرحَتْ علَيْه، ثُمَّ طُرِح في النَّارِ” رواه مُسلم.
17/219- وعن أُمِّ سَلَمةَ رضي اللَّه عنها، أَن رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْض، فأَقْضِي لَهُ بِنحْو مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.”أَلْحَنَ”أَيْ: أَعْلَم.
18/220- وعن ابنِ عمرَ رضي اللَّه عنهما قال قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: ” لَنْ يَزَالَ الْمُؤمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَالَمْ يُصِبْ دَماً حَراماً “رواه البخاري.
19/221- وعن خَوْلَةَ بِنْتِ عامِرٍ الأَنْصَارِيَّةِ، وَهِيَ امْرَأَةُ حمْزَةَ رضي اللَّهُ عنه وعنها، قَالَتْ سمِعْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: “إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامةِ” رواه البخاري