أدعية وأذكار

كتاب رياض الصالحين للإمام النووي الجزء الثاني

48-‌‌ باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين

قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَااكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب:58] وَقالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْوَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى:10،9] .
وأما الأحاديث، فكثيرة مِنْهَا:
حديث أَبي هريرة رضي الله عنه في الباب قبل هَذَا: “مَنْ عَادَى لِي ولياً فقد آذنته بالحرب”.
ومنهاحديث سعد بن أَبي وَقَّاص، رضي الله عنه السابق في”باب ملاطفة اليتيم”وقوله صلى الله عليه وسلم: “يَا أَبَا بَكْرٍ لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُمْ، لَقَدْ أغْضَبْتَ رَبَّكَ”.

1/389-وعن جُنَدَبِ بنِ عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال: قالَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَهُوَ في ذِمَّةِ اللَّه، فَلا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ، يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ” رواه مسلم

64-‌‌ باب فضل الغَنِيّ الشاكر وهو من أخذ المال من وجه وصرفه في وجوهه المأمور بِهَا

قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:5-7] وقال تَعَالَى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَالأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل:17-21]

وقال تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:271] وقال تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران:92] .والآيات في فضلِ الإنفاقِ في الطاعاتِ كثيرة معلومة.

1/571- وعن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي اللَّه عنه قال: قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “لَا حَسَدَ إِلَاّ في اثَنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلكَتِهِ في الحَقِّ. ورَجُلٌ آتَاه اللَّهُ حِكْمَةً فُهو يَقضِي بِها وَيُعَلِّمُهَا” متفقٌ عَلَيْهِ وتقدم شرحه قريباً.

2/572- وعن ابْنِ عمر رضي اللَّه عنهما عن النَّبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “لا حَسَد إِلَاّ في اثنَتَين: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه القُرآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيل وآنَاءَ النَّهارِ. وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالاً. فهوَ يُنْفِقهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وآنَاءَ النَّهارِ” متفقٌ عليه

“الآنَاءُ”السَّاعَاتُ.

3/573- وعَن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه أَنَّ فُقَرَاءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوْا رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم. فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجاتِ العُلَى. والنَّعِيمِ المُقِيمِ. فَقَال:”ومَا ذَاكَ؟ ”

فَقَالُوا: يُصَلُّونَ كمَا نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كمَا نَصُومُ. وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، ويَعتِقُونَ وَلَا نَعتقُ فَقَالَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيئاً تُدرِكُونَ بِهِ مَنْ سبَقَكُمْ، وتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُم إِلَاّ مَنْ صَنَعَ مِثلَ مَا صَنَعْتُم؟ ”

قالوا: بَلَى يَا رسولَ اللَّه، قَالَ:”تُسبحُونَ، وتحمَدُونَ وتُكَبِّرُونَ، دُبُر كُلِّ صَلاة ثَلاثاً وثَلاثِينَ مَرَّةً”فَرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إِلى رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَقَالُوا: سمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَموَالِ بِمَا فَعلْنَا، فَفَعَلوا مِثْلَهُ؟ فَقَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يشَاءُ” متفقٌ عَلَيْهِ، وَهَذا لفظ روايةِ مسلم.
“الدُّثُورُ”: الأَموالُ الكَثِيرَةُ، واللَّه أعلم

65-‌‌ باب ذكر الموت وقصر الأمل

قَالَ الله تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَاّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:185]

وقال تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34] وقال تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61]

وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَولا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون:9-11]

وقال تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَاّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}

إِلَى قَوْله تَعَالَى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:99-115] وقال تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] وَالآيات في الباب كَثيرةٌ معلومة.

1/574- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قَالَ: أَخَذَ رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِمنكِبِي فَقَالَ: “كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَو عابرُ سَبِيلٍ “وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما يقول: إِذا أَمسَيتَ، فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِن صِحَّتِكَ لَمَرَضِك وَمِن حَيَاتِكَ لمَوتِكَ”رواه البخاري.

2/575- وعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: “ما حَقُّ امْرِيءٍ مُسلِمٍ لَهُ شَيءٌ يُوصِي فِيهِ. يبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَاّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ” متفقٌ عَلَيْهِ. هَذَا لفظ البخاري.
وفي روايةٍ لمسلمٍ:”يَبِيتُ ثَلاثَ لَيَالٍ”قَالَ ابن عمر: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنذُ سَمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ ذلِكَ إِلَاّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.

3/576- وعن أَنس رضي اللَّه عنه قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خُطُوطاً فَقَالَ: “هَذا الإِنسَانُ وَهَذا أَجَلُهُ. فَبَيْنَما هُوَ كَذَلِكَ إِذ جَاءَ الخَطُّ الأَقْرَبُ “رواه البخاري.

4/577- وعن ابن مسعُودٍ رضيَ اللَّه عنه قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَطًّا مُرَبَّعاً، وخَطَّ خَطًّا في الْوَسَطِ خَارِجاً منْهُ، وَخَطَّ خُططاً صِغَاراً إِلى هَذَا الَّذِي في الوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي في الوَسَطِ، فَقَالَ: “هَذَا الإِنسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطاً بِهِ أَوْ قَد أَحَاطَ بِهِ وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الُخطَطُ الصِّغَارُ الأَعْراضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا، نَهَشَهُ هَذا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذا نَهَشَهُ هَذا “رواه البخاري. وَهَذِهِ صُورَتَهُ الأجل -الأعراض -الأمل

5/578- وعن أبي هريرة رضيَ اللَّه عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً، هَل تَنْتَظِرُونَ إلَاّ فَقْراً مُنْسِياً، أَو غِنَى مُطغِياً، أَوْ مَرَضاً مُفسِداً، أَوْ هَرَماً مُفَنِّداً، أَو مَوتاً مُجْهزِاً، أَو الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وأَمَرُّ؟،” رواهُ الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.

6/579- وعنه قالَ: قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:” أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ” يَعني المَوْتَ، رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

7/580- وعن أَبي بن كعبٍ رضي اللَّهُ عنه: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا ذَهَبَ ثُلثُ اللَّيْلِ، قامَ فقالَ: “يَا أَيها النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّه جَاءَتِ الرَاجِفَةُ تَتْبَعُهُا الرَّادِفَةُ، جاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ”قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لكَ مِن صَلاتي؟ قال:”مَا شِئْتَ”

قُلْتُ الرُّبُعَ؟ قَالَ:”مَا شئْتَ، فَإِنْ زِدتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ”قُلُتُ: فَالنِّصْفَ؟ قالَ”مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيرٌ لكَ”قُلْتُ: فَالثلثَينِ؟ قالَ:”مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيرٌ لكَ”قُلْتُ: أَجْعَلُ لكَ صَلاتي كُلَّها؟ قَالَ: إذاً تُكْفي هَمَّكَ، ويُغُفَرُ لكَ ذَنْبُكَ” رواه الترمذي وقال: حديث حسن

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13

مواضيع ذات صلة