أدعية وأذكار

كتاب رياض الصالحين للإمام النووي الجزء الأول

14-‌‌باب في الاقتصاد في العبادة

قَالَ الله تَعَالَى: {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:2] وَقالَ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]

1/142- وعن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها أَن النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دخَلَ عليْها وعِنْدها امْرأَةٌ قَالَ: منْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: هَذِهِ فُلانَة تَذْكُرُ مِنْ صَلاتِهَا قالَ: “مَهُ عليكُمْ بِما تُطِيقُون، فَوَاللَّه لَا يَمَلُّ اللَّهُ حتَّى تَمَلُّوا وكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ ماداوَمَ صَاحِبُهُ علَيْهِ “متفقٌ عليه.
“ومهْ”كَلِمة نَهْى وزَجْرٍ. ومَعْنى”لَا يملُّ اللَّهُ”أي: لَا يَقْطَعُ ثَوابَهُ عنْكُمْ وَجَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ، ويُعَامِلُكُمْ مُعاملَةَ الْمالِّ حَتَّى تَملُّوا فَتَتْرُكُوا، فَينْبَغِي لكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مَا تُطِيقُونَ الدَّوَامَ علَيْهِ لَيَدُومَ ثَوَابُهُ لَكُمْ وفَضْلُه عَلَيْكُمْ.

2/143- وعن أَنسٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: جاءَ ثَلاثةُ رهْطِ إِلَى بُيُوتِ أَزْواجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يسْأَلُونَ عنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَلَمَّا أُخبِروا كأَنَّهُمْ تَقَالَّوْها وقالُوا: أَين نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَدْ غُفِر لَهُ مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فأُصلِّي اللَّيلَ أَبداً، وَقالَ الآخَرُ: وَأَنا أَصُومُ الدَّهْرَ أَبَداً وَلا أُفْطِرُ، وقالَ الآخرُ: وأَنا اعْتَزِلُ النِّساءَ فَلَا أَتَزوَّجُ أَبداً، فَجاءَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إلَيْهمْ فَقَالَ:”أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وكذَا؟، أَما واللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للَّهِ وَأَتْقَاكُم لَهُ لكِني أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصلِّي وَأَرْقُد، وَأَتَزَوّجُ النِّسَاءَ، فمنْ رغِب عَنْ سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّى” متفقٌ عَلَيهِ

3/144-وعن ابن مسعودٍ رضي اللَّه عنه أن النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ” قالَهَا ثَلاثاً، رواه مسلم.
“الْمُتَنطِّعُونَ”: الْمُتعمِّقونَ الْمُشَدِّدُون فِي غَيْرِ موْضَعِ التَّشْدِيدِ.

4/145- عن أَبِي هريرة رضي اللَّه عنه النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: ” إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلَاّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ “رواه البخاري.
وفي رواية لَهُ”سدِّدُوا وقَارِبُوا واغْدوا ورُوحُوا، وشَيْء مِنَ الدُّلْجةِ، الْقَصْد الْقصْد تَبْلُغُوا”.
قوله:”الدِّينُ”هُو مرْفُوعٌ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وروِي مَنْصُوباً، وروِيَ: “لَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ”وقوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”إِلَاّ غَلَبَهُ”: أَيْ: غَلَبَه الدِّينُ وَعَجزَ ذلكَ الْمُشَادُّ عنْ مُقَاومَةِ الدِّينِ لِكَثْرةِ طُرقِهِ.”والْغَدْوةُ”سيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ.”وَالرَّوْحةُ”: آخِرُ النَّهَارِ”والدُّلْجَةُ”: آخِرُ اللَّيْلِ. وَهَذا استَعارةٌ، وتَمْثِيلٌ، ومعْناهُ: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعةِ اللَّهِ عز وجلَّ بالأَعْمالِ فِي وقْتِ نشاطِكُمْ، وفَراغِ قُلُوبِكُمْ بحيثُ تًسْتلذُّونَ الْعِبادَةَ ولا تسأَمُونَ وتبلُغُونَ مقْصُودَكُمْ، كَما أَنَّ الْمُسافِرَ الْحاذِقَ يَسيرُ في هَذهِ الأَوْقَاتِ وَيستَريِحُ هُو ودابَّتُهُ فِي غَيْرِهَا، فيصِلُ الْمقْصُود بِغَيْرِ تَعبٍ، واللَّهُ أَعلم.

5/146-وعن أَنسٍ رضي اللَّهُ عنه قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الْمسْجِدَ فَإِذَا حبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فقالَ:”مَا هَذَا الْحبْلُ؟ قالُوا، هَذا حبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَترَتْ تَعَلَقَتْ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “حُلّوهُ، لِيُصَلِّ أَحدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذا فَترَ فَلْيرْقُدْ” متفقٌ عَلَيهِ.

6/147- وعن عائشة رضي اللَّه عنها أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “إِذَا نَعَسَ أَحدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فإِن أَحدَكم إِذَا صلَّى وهُو نَاعَسٌ لا يَدْرِي لعلَّهُ يذهَبُ يسْتَغْفِرُ فيَسُبُّ نَفْسَهُ “. متفقٌ عليه

7/148- وعن أَبِي عبد اللَّه جابر بن سمُرَةَ رضي اللَّهُ عنهما قَالَ:” كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الصَّلَوَاتِ، فَكَانَتْ صلاتُهُ قَصداً وخُطْبَتُه قَصْداً”رواه مسلم.
قولُهُ: قَصْداً: أَيْ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ.

8/149- وعن أَبِي جُحَيْفَةَ وَهبِ بْنِ عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنه قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَيْن سَلْمَانَ وأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاء مُتَبَذِّلَةً فقالَ: مَا شَأْنُكِ؟ قالَتْ: أَخْوكَ أَبُو الدَّرداءِ ليْسَ لَهُ حَاجةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدرْدَاءِ فَصَنَعَ لَه طَعَاماً، فقالَ لَهُ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ،

قالَ: مَا أَنا بآكلٍ حَتَّى تأْكلَ، فَأَكَلَ، فَلَّمَا كانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْداءِ يقُوم فَقَالَ لَه: نَمْ فَنَام، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُوم فقالَ لَه: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ من آخرِ اللَّيْلِ قالَ سلْمانُ: قُم الآنَ، فَصَلَّيَا جَمِيعاً، فقالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، ولأهلِك عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَذَكر ذلكَ لَه، فقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “صَدَقَ سلْمَانُ” رواه البخاري.

9/150- وعن أَبِي محمد عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرو بنِ العاص رضي اللَّه عنهماقال: أُخْبرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أنِّي أَقُول: وَاللَّهِ لأَصومَنَّ النَّهَارَ، ولأَقُومنَّ اللَّيْلَ مَا عشْتُ، فَقَالَ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “أَنْتَ الَّذِي تَقُول ذلِكَ؟ فَقُلْت لَهُ: قَدْ قُلتُه بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رسولَ اللَّه. قَالَ:”فَإِنكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذلِكَ، فَصُمْ وأَفْطرْ، ونَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحسنَةَ بعَشْرِ أَمْثَالهَا، وذلكَ مثْلُ صِيامٍ الدَّهْرِ قُلْت: فَإِنِّي أُطيق أفْضَلَ منْ ذلكَ قالَ: فَصمْ يَوْماً وَأَفْطرْ يَوْمَيْنِ، قُلْت: فَإِنِّي أُطُيق أفْضَلَ مِنْ ذلكَ، قَالَ:”فَصُم يَوْماً وَأَفْطرْ يوْماً، فَذلكَ صِيَام دَاوود صلى الله عليه وسلم، وَهُو أَعْدَل الصِّيَامِ “. وَفي رواية: “هوَ أَفْضَلُ الصِّيامِ “فَقُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلكَ، فَقَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “لا أَفْضَلَ منْ ذلِكَ” وَلأنْ أَكْونَ قَبلْتُ الثَّلاثَةَ الأَيَّامِ الَّتِي قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَحَبُّ إِليَّ منْ أَهْلِي وَمَالِى.

وفي روايةٍ: “أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصومُ النَّهَارَ وتَقُومُ اللَّيْلَ؟ “قُلْتُ: بلَى يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ:”فَلا تَفْعل: صُمْ وأَفْطرْ، ونَمْ وقُمْ فَإِنَّ لجَسَدكَ علَيْكَ حَقّاً، وإِنَّ لعيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لزَوْجِكَ علَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لزَوْركَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإِنَّ بحَسْبكَ أَنْ تَصْومَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنةٍ عشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِن ذلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ”فشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّه إِنّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ:”صُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ داوُدَ وَلا تَزدْ عَلَيْهِ”قُلْتُ: وَمَا كَان صِيَامُ داودَ؟ قَالَ:”نِصْفُ الدهْرِ “فَكَان عَبْدُ اللَّهِ يقول بعْد مَا كَبِر: يالَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصةَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم.

وفي رواية: “أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تصُومُ الدَّهْرِ، وَتْقَرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَة؟ “فَقُلْتُ: بَلَى يَا رسولَ اللَّهِ، ولَمْ أُرِدْ بذلِكَ إِلَاّ الْخيْرَ، قَالَ:”فَصُمْ صَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ داودَ، فَإِنَّه كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ، واقْرأْ الْقُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ”قُلْت: يَا نَبِيِّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضل مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ:”فَاقْرَأه فِي كُلِّ عِشرِينَ”قُلْت: يَا نبيِّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ:”فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْر”قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضلَ مِنْ ذلِكَ؟

قَالَ:”فَاقْرَأْه في كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ”فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، وقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”إِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعلَّكَ يَطُول بِكَ عُمُرٌ قالَ: فَصِرْت إِلَى الَّذِي قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أنِّي كُنْتُ قَبِلْت رخْصَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم.

وفي رواية:”وَإِنَّ لوَلَدِكَ علَيْكَ حَقًّا”وفي روايةٍ: لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ”ثَلاثاً. وفي روايةٍ: “أَحَبُّ الصَّيَامِ إِلَى اللَّه تَعَالَى صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى صَلاةُ دَاوُدَ: كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يوْماً ويُفْطِرُ يَوْماً، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى”.

وفي رواية قَالَ: أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حسَبٍ، وكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتهُ أي: امْرَأَة ولَدِهِ فَيسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا، فَتَقُولُ لَهُ: نِعْمَ الرَّجْلُ مِنْ رجُل لَمْ يَطَأْ لنَا فِرَاشاً ولَمْ يُفتِّشْ لنَا كَنَفاً مُنْذُ أَتَيْنَاهُ فَلَمَّا طالَ ذَلِكَ عَلَيهِ ذكَرَ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم. فقَالَ: “الْقَني بِهِ” فلَقيتُهُ بَعْدَ ذلكَ فَقَالَ: “كيفَ تَصُومُ؟ “قُلْتُ كُلَّ يَوْم، قَالَ:”وَكيْفَ تَخْتِم؟ “قلتُ: كُلَّ لَيلة، وذَكَر نَحْوَ مَا سَبَق وكَان يقْرَأُ عَلَى بعْض أَهْلِه السُّبُعَ الَّذِي يقْرؤهُ، يعْرضُهُ مِن النَّهَارِ لِيكُون أَخفَّ علَيِهِ بِاللَّيْل، وَإِذَا أَراد أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَر أَيَّاماً وَأَحصَى وصَام مِثْلَهُنَّ كَراهِيةَ أَن يتْرُك شَيئاً فارقَ علَيهِ النَّبِي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم.

كُلُّ هذِه الرِّوَايات صحيِحةٌ مُعْظَمُهَا فِي الصَّحيحيْنَ وقليلٌ منْهَا في أَحَدِهِما 10/151-وعن أَبِي ربْعِيٍّ حنْظَلةَ بنِ الرَّبيع الأُسيدِيِّ الْكَاتِب أَحدِ كُتَّابِ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: لَقينَي أَبُو بَكْر رضي اللَّه عنه فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حنْظلَةُ؟ قُلْتُ: نَافَقَ حنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحانَ اللَّه مَا تقُولُ؟،: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْد رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُذكِّرُنَا بالْجنَّةِ والنَّارِ كأَنَّا رأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرجنَا مِنْ عِنْدِ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عافَسنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلادَ وَالضَّيْعاتِ نَسينَا كَثِيراً قَالَ أَبُو بكْر رضي اللَّه عنه:

فَواللَّهِ إِنَّا لنَلْقَى مِثْلَ هَذَا فانْطلقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْر حَتَّى دخَلْنَا عَلى رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم. فقُلْتُ نافَقَ حنْظَلةُ يَا رَسُول اللَّه، فقالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “ومَا ذَاكَ؟ ” قُلْتُ: يَا رسولَ اللَّه نُكونُ عِنْدكَ تُذَكِّرُنَا بالنَّارِ والْجنَةِ كَأَنَّا رأْيَ العَيْنِ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسنَا الأَزوَاج والأوْلَادَ والضَّيْعاتِ نَسِينَا كَثِيراً. فَقَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ أن لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْر لصَافَحتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُم وَفي طُرُقِكُم، وَلَكِنْ يَا حنْظَلَةُ سَاعَةً وسَاعَةً” ثَلاثَ مرَّاتٍ، رواه مسلم.

قوله:”رِبْعِيٌّ”بكسر الراء.”الأسيِّدي”بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشدَّدة، وقوله:”عَافَسْنَا”هُوَ بِالعينِ والسينِ المهملتين، أي: عالجنا ولاعبنا.”الضَّيْعاتُ”: المعايش.

11/152- وعنِ ابن عباس رضي اللَّه عنهما قَالَ: بيْنما النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرجُلٍ قَائِمٍ، فسأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: أَبُو إِسْرائيلَ نَذَر أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْس وَلا يقْعُدَ، وَلَا يستَظِلَّ وَلَا يتَكَلَّمَ، ويصومَ، فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:”مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ولْيَستَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ ولْيُتِمَّ صوْمَهُ “رواه البخاري

15-‌‌ باب المحافظة عَلَى الأعمال

قَالَ الله تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]

وَقالَ تَعَالَى: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27] وَقالَ تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً} [النحل: 92] وَقالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] .
وَأَمَّا الأَحاديث؛ فمنها حديث عائشة: وَكَانَ أَحَبُّ الدِّين إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيهِ. وَقَدْ سَبَقَ في البَاب قَبْلَهُ.

1/153- وعن عمرَ بن الخطاب رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “منْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْل، أَو عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرأَه مَا بينَ صلاةِ الْفَجِر وَصلاةِ الظهرِ، كُتب لَهُ كأَنما قرأَهُ مِن اللَّيْلِ “رواه مسلم.

2/154- وعن عبدِ اللَّه بنِ عمرو بنِ العاص رضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ لي رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “يَا عبْدَ اللَّه لَا تَكُنْ مِثلْ فُلانٍ، كَانَ يقُومُ اللَّيْلَ فَتَركَ قِيامَ اللَّيْل” متفقٌ عَلَيهِ

3/155- وعن عائشةَ رضي اللَّه عنها قَالَتْ: كَانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنْ اللَّيْلِ مِنْ وجعٍ أَوْ غيْرِهِ، صلَّى مِنَ النَّهَارِ ثنْتَى عشْرَةَ رَكْعَةً”رواه مسلم

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13

مواضيع ذات صلة