الأحكام المتعلقة بالخلع في ضوء الشريعة الإسلامية
الخُلع معناه في اللغة النزع، ويقولون: خالعت المرأة زوجها إذا افتدت نفسها منه وطلقها، والمقصود به إزالة ملك النكاح مقابل عوض تلتزم به الزوجة.
الدليل على جواز الخلع
الخلع جائز لقول الله تعالى: (فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَا فِيمَا ٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعۡتَدُوهَاۚ).
عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس، ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أتردين عليه حديقته). قالت: نعم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة)[البخاري]
وامرأة ثابت كان اسمها جميلة بنت أبي بن سلول، تقول عن زوجها لا أعتب عليه ولا ألومه، لكن أخاف أن أقع في أسباب الكفر من سوء العشرة مع الزوج ونقصانه حقه، فأمرها رسول الله أن تعطيه حديقته وهو المهر الذي أعطاه لها، ثم أمره بطلاقها.
حقيقة الخلع
ذهب بعض الفقهاء إلى أن الخلع يقع به طلاق بائن لأن غرضها من التزام البدل أن تتخلص من الزوج ولا يحصل ذلك إلا بالبينونة.
لكن الحنفية أن الزوج إن نوى بالخلع ثلاث تطليقات فهي ثلاث، لأنه بمنزلة ألفاظ الكناية، وذكر ابن حزم أن الخلع طلاق رجعي.
وذهب البعض إلى أن الخلع فسخ، لأنه فراق حدث بين الزوجين خلى عن صريح الطلاق ونيته فكان فسخا كسائر الفسوخ.
عدة المختلعة
عدة المرأة المطلقة تكون بثلاث حيضات كما في قول الله: (وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ).
وأما عدة المتوفى عنها زوجها فهي أربعة أشهر وعشرة أيام، قال الله: (وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ).
لكن عدة المرأة المختلعة اختلف الفقهاء فيها فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن عدة المختلعة كعدة المطلقة،
واحتجوا على ذلك بقول الله: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وقالوا لأن الخلع فرقة بين الزوجين في الحياة بعد الدخول فكانت العدة ثلاثة قروء كالطلاق.
وفي قول عن أحمد تكون بحيضة واحدة، عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء، أنها اختلعت على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أمرت أن تعتد بحيضة)[الترمذي]
وعن ابن عباس، أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- (فأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تعتد بحيضة)[الترمذي]
وقال الترمذي بعد رواية هذا الحديث: فقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم: إن عدة المختلعة عدة المطلقة ثلاث حيض، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد، وإسحاق.
حكم الخلع
الخلع جائز سواء كان في حالة الوفاق أو الشقاق، قال الشافعية: يصح الخلع في حالتي الشقاق والوفاق، ثم لا كراهة فيه إن جرى في حال الشقاق،
أو كانت تكره صحبته لسوء خلقه، أو دينه، أو تحرجت من الإخلال ببعض حقوقه، أو ضربها تأديبا فافتدت.
وألحق الشيخ أبو حامد به ما إذا منعها نفقة أو غيرها فافتدت لتتخلص منه.[الموسوعة الفقهية الكويتية]
وذهب الحنابلة إلى أن الخلع على ثلاثة أضرب:
1 – خلع مباح في حالة كره المرأة زوجها وخوفها ألا تؤدي حقه ولا تقيم حدود الله فلها أن تفتدي نفسها منه لقول الله: (فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَا فِيمَا ٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ).
2 – خلع مكروه وذلك عند طلبها الخلع من غير سبب مع استقامة حاله، لما روي عن ثوبان قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
(أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة)أبو داود
3 – خلع محرم كأن يمنع الرجل زوجته حقها من أجل أن تفتدي نفسها منه بالخلع حتى لا يعطيها شيئا من حقوقها، قال الله: (وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ).
الخلع بلا قاضي
لا يشترط للخلع أن يكون أمام القاضي فكما جاز الطلاق بلا قاض جاز الخلع بدونه إذا تراضى الزوجان.
لكن هذ الحسن البصري إلى أنه لا يقع الخلع دون السلطان استدل بقول الله: (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله)
وقال: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها)، قال: فجعل الخوف لغير الزوجين ولم يقل فإن خافا.
وقت الخلع
الطلاق له نوعان: طلاق سني وهو أن يوقعه الرجل في طهر المرأة وهذا هو ما يطلب من الرجل.
أما الطلاق البدعي هو أن يوقع الطلاق في حيض أو في طهر جامعها فيه، والحكمة من النهي عن الطلاق البدعي هو تطويل مدة العدة.
لكن بالنسبة للخع فهو جائز سواء في الطهر أو في الحيض، لأنها تختلع لرفع الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والتقصير في حق الزوج،
وضرر ذلك أعظم من ضرر تطويل مدة العدة على رأي من يقول بأن عدة المختلعة كعدة المطلقة، وهناك من يقول بأن عدة المختلعة تكون بحيضة واحدة.
أركان الخلع
للخلع أركان خمسة: الموجب: وهو الزوج أو ولي الزوج، والقابل: وهو الملتزم للعوض، والمعوض: وهو الاستمتاع بالزوجة،
والعوض: وهو الشيء المخالع به، والصيغة: وهي الإيجاب والقبول من الألفاظ التي يقع بها الخلع.
للاطلاع على المزيد:
- حكم من أفسد المرأة على زوجها من أجل الزواج بها
- هل يطلق الرجل زوجته لأن والده يأمره بطلاقها؟
- رجل طلق زوجته ويريد أن يردها فماذا يفعل؟
- حكم من طلق زوجته برسالة مكتوبة
- لماذا شرع الله الطلاق ولماذا جعله الله ثلاثا؟