ورد عدد من الأحاديث تفيد أن الرجل يجوز له أن يتوضأ من فضل ماء المرأة، ويجوز للرجل والمرأة استعمال الماء معا.
معنى فضل ماء المرأة
هو الماء الذي بقي بعد طهارتها وإن لم تمسه، قال الشرواني: “المراد بفضل ماء المرأة ما فضل عن طهارتها وإن لم تمسه، دون ما مسته في شرب أو أدخلت يدها فيه بلا نية”.
حكم استعمال فضل ماء المرأة
وذهب بعض الحنفية، وأحمد في رواية، والمالكية في المذهب، وبعض الشافعية منهم البغوي إلى أن فضل ماء المرأة طاهر مطهر يرفع الحدث مطلقا، فلا يكره استعماله.
وذهب الإمام أحمد في رواية عنه، وداود إلى أنه لا يجوز الوضوء بفضل المرأة، إذا خلت به، وروي هذا عن ابن سرجس والحسن البصري.
الاغتسال من فضل ماء المرأة
عن ابن عباس -رضي الله عنه-قال: (إنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ)[مسلم]
ورد في الإفصاح عن معاني الصحاح: “في هذا الحديث من الفقه أن إدخال المرأة يدها في الماء لا يضره.
وأنه إذا أفضلت المرأة ماء جاز للرجل الوضوء به. وفيه أن الجنب إذا غمس يده في الماء، فالماء طاهر مطهر”.
وقال القاضي عياض: “واختلف العلماء بعدُ فى الاغتسال والتوضؤ بفضل المرأة الجنب أو الحائض أو غيرهما، وفى وضوء المرأة بفضل الرجل، فجمهور السلف وأئمة الفتوى والعلم على جواز ذلك كله كانا مجتمعين أو مُفترقين”.
الماء لا يجنب
عن ابن عباس -رضي الله عنه-قال: (اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جَفْنَةٍ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا فَقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ)[الترمذي]
قال الطيبي في شرح مشكاة المصابيح: “الماء إذا غمس فيه الجنب يده لم ينجس، وإنما قال ذلك لأن القوم كانوا حديثي العهد بالإسلام وقد أمروا بالاغتسال من الجنابة، كما أمروا بتطهير البدن عن النجاسة،
فربما سبق إلي فهم بعضهم أن العضو الذي عليه الجنابة في سائر الأحكام كالعضو الذي عليه النجاسة، فيحكم بجنابة الماء من غمس عضو الجنب فيه، كما يحكم بنجاسته من غمس النجس فيه، فبين لهم أن الأمر بخلاف ذلك”.
اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد
عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: (كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ)[البخاري]
نقل ابن بطال عن المهلب قال: “قوله فى الترجمة: هل يدخل الجنب يده فى الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يديه قذر غير الجنابة،
يريد إذا كانت يده طاهرة من الجنابة ومن سائر النجاسات، وهو جنب، فإنه يجوز له أن يدخل يده فى الإناء قبل أن يغسلها،
وليس شىء من أعضائه نجسًا بسب حال الجنابة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن لا ينجس).
فإن قال قائل: فأين موضع الترجمة من الأحاديث، فأكثرها لا ذكر فيه لغسل اليد، وإنما جاء ذكر اليد فى حديث هشام بن عروة، عن أبيه؟ .
قيل له: حديث هشام بن عروة مُفسِّر لمعنى الباب، والله أعلم، وذلك أن البخارى حمل حديث غسل اليد قبل إدخالها فى الماء الذى رواه هشام، إذا خشى أن يكون قد علق بها شىء من أذى الجنابة، أو غيرها،
وما لا ذكر فيه لغسل اليد من الأحاديث، حملها على يقين طهارة اليد من أذى الجنابة أو غيرها، فاستعمل من اختلاف الأحاديث فائدتين جمع بهما بين معانيها”.
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار: “فوجدنا الأصل المتفق عليه أن الرجل والمرأة إذا أخذا بأيديهما الماء معاً من إناء واحد؛ أن ذلك لا ينجس الماء.
ورأينا النجاسات كلها إذا وقعت في الماء قبل أن يتوضأ منه أو مع التوضي منه أن حكم ذلك سواء.
فلما كان ذلك كذلك وكان وضوء كل واحد من الرجل والمرأة مع صاحبه لا ينجس الماء عليه كان وضوؤه بعدها من سؤرها في النظر أيضاً كذلك”.
حديث النهي عن استعمال فضل المرأة
عن الحكم بن عمرو الغفاري: (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ. أَوْ قَالَ: بِسُؤْرِهَا)[الترمذي]
أشار العلماء أن هذا الحديث يحمل النهي فيه على هي التنزيه لا التحريم وأن الأحاديث الأخرى التي أباحت الاغتسال أو الوضوء من فضل المرأة إنما تدل على الجواز.
قال الطيبي: “هذا الحديث يدل علي الجواز، وذلك علي ترك الأولي، فالنهي تنزيه لا تحريم”.
وقال النووي: ” ليس هو مخالفاً للأحاديث الصحيحة بل يحمل على أن المراد ما سقط من أعضائها، ويؤيده أنا لا نعلم أحداً من العلماء منعها فضل الرجل فينبغي تأويله على ما ذكرته.
إلا أن في رواية صحيحة لأبي داود والبيهقي “وليغترفا جميعاً” وهذه الرواية تضعف هذا التأويل ويمكن تتميمه مع صحتها، ويحملنا على ذلك أن الحديث لم يقل أحد بظاهره، ومحال أن يصح وتعمل الأمة كلها بخلاف المراد منه”.
ومن العلماء من قال بالنسخ لحديث النهي عن الوضوء بفضل طهور المرأة.
للاطلاع على المزيد: