السُنة النبوية

تعرف على أسباب الغسل من خلال الأحاديث التي وردت فيه

هناك بعض الأحكام المتعلقة بالغسل من خلال الأحاديث التي وردت فيه منها ما يتعلق بالجماع، وغسل الجمعة، وغسل الميت.

تقسيم الحدث

الحدث الذي يحدثه الإنسان ينقسم إلى قسمين:

الأول: حدث أصغر وهذا يكون مثلا بخروج شيء من أحد السبيلين البول أو الغائط، ففي هذه الحالة يجب الوضوء.

والثاني: حدث أكبر وهذا يكون بإنزال المني بشهوة أو بجماع وهذا يجب منه الغسل بتعميم الماء على جميع البدن.

الغسل بسبب التقاء الختانين

السؤال هنا هل يجب الغسل عند التقاء الختانين من غير أن يكون هناك إنزال؟

اختلفت الأقوال في ذلك بسبب اختلاف الأحاديث الواردة في ذلك، فأما الأحاديث التي تدل على عدم وجوب الغسل عند عدم الإنزال حديث زيد بن خالد الجهني أنه سأل عثمان فقال:

أرأيت إذا جامع الرجل ‌امرأته ‌فلم ‌يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره. قال عثمان: سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبي بن كعب، رضي الله عنهم، فأمروه بذلك.[البخاري]

وحديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى رجل من الأنصار، فجاء ورأسه يقطر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌لعلنا ‌أعجلناك).

فقال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أعجلت أو قحطت فعليك الوضوء)[البخاري]

ومعنى : إذا قحطت. أي لم تنزل في الجماع فعليك بالوضوء.

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين إلى قباء حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على باب عتبان، فصرخ به فخرج يجر إزاره،

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أعجلنا الرجل، فقال عتبان: يا رسول الله، أرأيت الرجل يعجل عن امرأته، ولم يمن ماذا عليه؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌إنما ‌الماء ‌من ‌الماء)[مسلم]

وهذه الأحاديث التي تدل على عدم وجوب الغسل عند عدم الإنزال منسوخة فقال العيني: هذا الحكم منسوخ.

وقال النووي: اعلم أن الأمة مجتمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع وإن لم يكن معه إنزال، وعلى وجوبه بالإنزال، أي وإن لم يكن معه جماع.

فيجب الغسل من الماء ويجب الغسل بالجماع والإيلاج؛ ولأن لفظ الجماع يطلق على من غيب حشفته في فرج دون إنزال، وأن إقامة حد الزنا يجب على من جامع حتى ولو لم ينزل.

وجوب الغسل بعد الجماع

عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا ‌جلس ‌بين ‌شعبها ‌الأربع، ثم جهدها، فقد وجب الغسل)[البخاري]

المراد بالشعب هنا الرجلان والفخذان، وجهدها أي جامعها.

حكم غسل الجمعة

وردت أحاديث ظاهرا يوهم وجوب الغسل يوم الجمعة على من بلغ من أجل صلاة الجمعة، لكن هناك أحاديث أخرى تبين أن هذا الغسل ليس واجبا وإنما هو مستحب.

فمن الأحاديث التي يوهم ظاهرها وجوب الغسل ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌الغسل ‌يوم ‌الجمعة ‌واجب على كل محتلم)[البخاري]

وأما الأحاديث التي تبين أن غسل الجمعة ليس بواجب وأنه مستحب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من توضأ يوم الجمعة ‌فبها ‌ونعمت، ومن اغتسل فهو أفضل)[أبو داود]

ولدفع هذا التعارض لابد وأن نعرف أن لفظ الوجوب الذي ورد في الحديث ليس المقصود منه المعنى الاصطلاحي الذي ورد في كتب الفقه والذي يراد به ما يعاقب الإنسان على تركه ويثاب على فعله،

وإنما المقصود به الاستحباب، ودليل على عدم وجوب الغسل ليوم الجمعة وأنه فقط مستحب حديث عمر مع عثمان.

فعن ‌أبي هريرة قال: (بينما ‌عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل ‌عثمان ‌بن ‌عفان ‌فعرض ‌به ‌‌عمر .

فقال: ما بال رجال يتأخرون بعد النداء! فقال عثمان: يا أمير المؤمنين! ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت.

فقال عمر: والوضوء أيضا! ألم تسمعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)[مسلم]

فلو كان الغسل واجبا لما سمح عمر لعثمان -رضي الله عنهما- بأن يكمل الصلاة إذا كانت صلاة الجمعة لا تجوز إلا بالغسل، فكونه لم يفعل ذلك فهذا دليل على عدم وجوب الغسل وإنما هو مستحب.

والسبب الذي جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يحث على الغسل يوم الجمعة أن الناس كانوا يعملون في مهنتهم ويأتون من أماكن بعيدة فتظهر منهم رائحة بسبب العرق فحثهم رسول الله على النظافة لئلا يؤذوا غيرهم برائحة عرقهم.

قالت عائشة -رضي الله عنها- كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‌عمال ‌أنفسهم، وكان يكون لهم أرواح، فقيل لهم: (لو اغتسلتم)[البخاري]

الغسل من تغسيل الميت

من غسل ميتا هل يجب عليه الغسل؟ اختلف العلماء في هذه المسألة بناء على اختلاف الآثار الواردة في هذا.

فأما الحديث الذي يدل على وجوب الغسل لمن غسل ميتا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌من ‌غسل ‌الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)[أبو داود]

وأما الحديث الذي يدل على عدم وجوب الغسل فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس ‌عليكم ‌في ‌غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم)[المستدرك]

وهنا جمع الإمام الشافعي بين هذين الحديثين حيث حمل الحديث الذي يقول بالغسل من غسل الميت على الاستحباب.

ورد في المختصر: وقد أجمعوا أن من مس حريرا أو ميتة ليس عليه وضوء ولا غسل، فالمؤمن أولى. قال النووي: هذا كلام المزني، وهو قوي.

مواضيع ذات صلة