هل حثنا رسول الله على حفظ السنة والعمل بها؟
حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على حفظ السنة والعمل بها وتبليغها لأنها المنبع الأول الذي منه نفهم القرآن الكريم.
حض النبي على حفظ السنة
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- دائما ما يحث أصحابه والأمة من بعدهم على حفظ سنته وتبليغها لمن بعدهم حتى لا يضيع العمل بالقرآن.
لأنه لا فهم ولا معرفة بالقرآن ومراد الله من غير السنة، فكان من وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- العمل بسنته وسنة الخلفاء الرشدين من بعده.
عن العرباض بن سارية قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب.
فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال:
(أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)[أبو داود]
الاعتصام بالقرآن والسنة
أوصانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخروج من الفتن التي نتعرض لها، ومن غوايات الشيطان بالاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال:
(تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم)[الموطأ]
الدعوة بنضارة الوجه
دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنضارة الوجه لمن يحمل سنة النبي -صلى الله عليه- ويبلغها لغيره من الناس.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه)[أبو داود]
الأمر بتبليغ السنة
كان من الأوامر التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها أصحابه وللأمة من بعدهم في شخص أصحابه -رضوان الله عليهم- أن أمرهم بتبليغ كل ما سمعوه من النبي لمن بعدهم من قول أو فعل كثيرا كان أو قليلا؛
لأن هذا من التشريع الذي يجب أن يبلغ للناس، وحذرهم من الكذب عليه؛ لأن من يفعل هذا كأنما يختار لنفسه موضعا في نار جهنم.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)[البخاري]
الحكم بالسنة
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أرسل أحدا من أصحابه لأهل البلاد البعيدة عنه يسأله بماذا سيحكم بين الناس إذا عرض له أمر يحكم فيه فيخبره أنه سيحكم بالقرآن فإذا لم يجد سيحكم بالسنة فيستصوب النبي -صلى الله عليه وسلم- رأيه.
عن معاذ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن فذكر: (كيف تقضي إن عرض لك قضاء؟)
قال: أقضي بكتاب الله. قال: (فإن لم يكن في كتاب الله؟) قال: فبسنة رسول الله قال: (فإن لم يكن في سنة رسول الله؟)
قال: أجتهد رأيي ولا آلو. قال: فضرب صدري فقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما يرضي رسوله)[أحمد]
العمل بالسنة هو عمل بالقرآن
فهم الصحابة -رضوان الله عليهم- أن العمل بالسنة هو عمل بالقرآن، والخروج عن السنة هو خروج عن القرآن.
عن عبد الله بن مسعود قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله.
قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك، أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله؟
فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله. فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته! فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه،
قال الله -عز وجل-: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، فقالت المرأة: فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن؟
قال: اذهبي فانظري. قال: فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا، فجاءت إليه، فقالت: ما رأيت شيئا. فقال: أما لو كان ذلك لم نجامعها)[مسلم]
وروي عن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- أنه كان جالساً في المسجد الحرام يحدث الناس فقال: لا تسألوني عن شئ إلا أجبتكم فيه من كتاب الله،
قال رجل: ما تقول في المحرم إذا قتل “الزنبور” أي “الدبور” فقال: لا شئ عليه.
فقال الرجل: أين هذا من كتاب الله؟ فقال: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
عناية الصحابة بالسنة
لقد اعتنى الصحابة -رضوان الله- عليهم بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أيما عناية، استجابة لأمر النبي لهم وطلبا لأن يكونوا أهلا لدعاء النبي لحامل سنته بالنضارة.
عن عبد الله بن عباس عن عمر قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار، في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل يوما وأنزل يوما،
فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك، فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته، فضرب بابي ضربا شديدا، فقال: أثم هو؟ ففزعت فخرجت إليه،
فقال: قد حدث أمر عظيم. قال: فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: طلقكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: لا أدري،
ثم دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت وأنا قائم: أطلقت نساءك؟ قال: (لا). فقلت: الله أكبر.[البخاري]