الإيمان هو التصديق بما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقلب في جميع ما علم من الدين بالضرورة، فالإيمان هو عمل القلب، أما الإسلام فهو عمل الجوارح.
معنى إيمان المقلد
التقليد هو اعتقاد قول الغير على وجه الجزم من غير معرفة الدليل على ذلك.
أحوال المقلد
المقلد الذي يعتقد أركان الدين من التوحيد والنبوة والصلاة والزكاة والصيام والحج له أحوال منها:
المقلد الشاك
وهو الذي يعتقد ويصرح بورود شبهة على تلك الأركان التي يؤمن بها، فهذا كافر.
المقلد غير الشاك
وهو المقلد الذي لا يعتقد جواز ورود شك في الأركان التي يؤمن بها، ويجزم بعدم جوزا ذلك، فهذا اختلفوا فيه:
فمن العلماء من قال إنه مؤمن عاص لتركه النظر والاستدلال، وقال المعتزلة: ليس بمؤمن ولا كافر، وقال أبو هاشم: إنه كافر.
والأول أصح لأنه صدق وآمن بقلبه وإن لم يعرف الدليل.
الإيمان عند اليأس
الإيمان عند اليأس من الحياة لا ينفع صاحبه شيئا كمن يؤمن عند الغرغرة أي سكرات الموت لا يقبل إيمانه، قال الله:
(وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا).
والإيمان عند خروج العلامات الكبرى لا يقبل أيضا، قال الله:
(هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ).
ولا ينفع الإيمان يوم القيامة عند رؤية ومعاينة العذاب، قال الله:
(يَوۡمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحۡرٌ هَٰذَآ أَمۡ أَنتُمۡ لَا تُبۡصِرُونَ ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ).
الإيمان يزيد وينقص
الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال الله: (وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا).
وقال الله: (إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ).
وعن ابن عباس أول ما أتاهم به النبي -صلى الله عليه وسلم- التوحيد فلما آمنوا بالله وحده أنزل الصلاة والزكاة ثم الحج ثم الجهاد فازدادوا إيمانا إلى إيمانهم وأنزل فيها الوقار والعظمة لله ولرسوله ليزدادوا باعتقاد ذلك إيمانا إلى إيمانهم.
نقل النووي عن الإمام ابن بطال في شرح صحيح البخاري قوله: “مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والحجة على زيادته ونقصانه ما أورده البخاري من الآيات يعني قوله عز وجل: (ليزدادوا إيمانا مع ايمانهم)
وقوله تعالى: (وزدناهم هدى) وقوله تعالى: (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى) وقوله تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى)
وقوله تعالى: (ويزداد الذين آمنوا ايمانا) وقوله تعالى: (أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا) وقوله تعالى: (فاخشوهم فزادهم ايمانا) وقوله تعالى: (وما زادهم إلا إيمانا وتسليما)
قال ابن بطال: فإيمان من لم تحصل له الزيادة ناقص قال فإن قيل الإيمان في اللغة التصديق فالجواب أن التصديق يكمل بالطاعات كلها فما ازداد المؤمن من أعمال البر كان إيمانه أكمل وبهذه الجملة يزيد الإيمان وبنقصانها ينقص فمتى نقصت أعمال البر نقص كمال الإيمان ومتى زادت زاد الإيمان كمالا هذا توسط القول في الإيمان”.
وقال الكرماني: “كل ما قبل الزيادة لابد أن يكون قابلا للنقصان ضرورة”.
وقال سفيان بن عيينة: “الإيمان قول وفعل يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم: لا تقل ينقص. فغضب وقال: اسكت يا صبي بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء”.
تحقيق أصل الإيمان
تحقيق الإيمان يكون بالتصديق والإذعان، فالتصديق وحده ليس كافيا وإنما لابد من الإذعان بالتسليم لأحكام الله والخضوع.
فإن فعل المعاصي بعد ذلك وعذبه الله فإنه يخرج بعد أن ينقى من ذنوبه؛ لأن من حقق أصل الإيمان لا يخلد في النار.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى:
أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في نهر الحيا، أو الحياة -شك مالك- فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم أنها تخرج صفراء ملتوية)[البخاري]
مم يتكون الإيمان
الإيمان يتكون من اعتقاد ثم قول ثم فعل، فالاعتقاد لابد منه في الإيمان فمن آمن بلسانه دون قلبه بأن كان يعتقد غير ما ينطقه بلسانه فإنه يكون منافقا.
ثم القول وهو ما يعبر به عما في القلب من الأمور التي يؤمن بها بقلبه، ثم الفعل بأن يفعل المأمورات التي أمر بها الله تعالى، ولا يتم إيمان بدون ذلك.