ذِكر الله من أفضل الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله، وليس الذِكر قاصرا على التسبيح والتحميد بل كل طاعة هي ذكر لله.
آداب ذكر الله
من الآداب التي ينبغي على الذاكر لله تعالى أن يلتزم بها أن يتوجه نحو القبلة متذللا لله، خاشعا.
وأن يذكر الله في موضع طاهر خال كالمساجد وغيرها، وأن يكون نظيف الفم بأن يطهره بالسواك.
فإذا ذكر الله بغير هذه الآداب فإن هذا الذكر يكون مقبولا لكنه يكون بذلك قد ترك الأفضل.
الأوقات التي لا يستحب فيها الذكر
وذكر الله مستحب في جميع الأحوال إلا في حال قضاء الحاجة أو في حال الجماع؛ لأن هذه الأحوال لا يليق بالإنسان أن يكون ذاكرا لله وهو متلبس بها.
ولا يذكر الله في مكان قضاء الحاجة، ولا يذكر الله في حال سماع الخطبة في يوم الجمعة؛ لأنه يطلب منه الإنصات للخطيب.
ولا يذكر الله أثناء نعاسه لأنه ربما يذهب يدعوا لنفسه فيدعوا عليها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ وهو يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حتَّى يَذْهَبَ عنْه النَّوْمُ، فإنَّ أحَدَكُمْ إذَا صَلَّى وهو نَاعِسٌ، لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ)[البخاري]
هل للذكر وقت؟
ما من عبادة فرضها الله على العباد إلا وجعل لها وقتا محددا إلا الذكر فإن الله لم يحدد له وقتا بحيث لا يصح إلا فيه.
فقال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا) والذكر الكثير ألا ينساه أصلا.
وقال الله: (فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ).
وعن عبد الله بن بسر، أن رجلا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله)[الترمذي]
أوقات وأماكن الذكر
يستحب ذكر الله في كل الأوقات وفي كل الأحوال وفي كل الأماكن، لكن من الأوقات التي يستحب ذكر الله فيها على غيرها هو وقت الصباح والمساء،
ليبدأ المسلم يومه بذكر الله فيكون هو أول عمل يعمله، ولينهي يومه بذكر لله فيكون خاتمة يومه،
قال الله تعالى: (قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمۡزٗاۗ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ كَثِيرٗا وَسَبِّحۡ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ).
ومن الأماكن التي يستحب ذكر الله فيها المساجد؛ لأنها أماكن العبادة وهي أماكن طهر وتعليم وهي أماكن تحضرها الملائكة وتنزل فيها السكينة على الذاكرين.
قال الله: (ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
ذكر الله باللسان
ذكر الله باللسان أقل درجة من ذكر الله باللسان والقلب معا؛ لأنه يستعمل أكثر من جارحة في الذكر.
لكن ذكر الإنسان لربه بلسانه فقط دون قلبه أولى من ألا يذكره أصلا؛ لأن فيه تزيين للسان بذكر الله، فالزم ذلك حتى يفتح الله لك بذكر الله بالقلب.
قيل لبعضهم: ما لنا نذكر الله باللسان والقلب غافل؟ فقال: اشكر الله على ما وفق من ذكر اللسان، ولو أشغله بالغيبة ما كنت تفعل.
ذكر الله بالقلب واللسان
ذكر الله بالقلب واللسان معا هو أفضل الذكر؛ لانشغال أكثر من جارحة به، لكن إن اقتصر على أحدهما فذكر الله بالقلب أفضل؛ لأن القلب هو محل الخشوع والتدبر والتأمل.
ولا يجوز للمرء أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من الرياء لأن ترك الطاعة والعبادة خوفا من الرياء رياء.
قال الإمام الغزالي: إن المؤثر النافع هو الذكر على الداوم مع حضور القلب فأما الذكر باللسان والقلب لاه فهو قليل الجدوى.
الجلوس في حلق الذكر
يستحب للإنسان أن يذكر في حلق الذكر، فهي مجالس تنزل عليها السكينة وتحفها الملائكة، عن أنس بن مالك، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
(إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا) قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: (حلق الذكر)[الترمذي]
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
(لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده)[مسلم]
هل الذكر قاصر على التسبيح والتحميد؟
ذكر الله ليس قاصرا على ما هو معلوم من الأذكار من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بل كل طاعة يقوم بها المرء هي في مقام الذكر.
قال عطاء: “مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج، وأشباه ذلك”.
وقال عطاء أيضا: من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قول الله: (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات)
الحصن الحصين
ذِكر الله هو الحصن المنيع الذي يحفظ الإنسان به نفسه من الشيطان، فعن الحارث الأشعري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها…
وآمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله)[الترمذي]