أجمع العلماء على أن الرضاع يحرم ما يحرمه من النسب، وقد ورد من الأحاديث ما يدل على أن جميع القرابات المحرمات بالنسب تحرم بالرضاع.
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
ورد عدد من الروايات لهذا الحديث منها حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (إن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها، فحجبته،
فأخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لها: (لا تحتجبي منه، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)[مسلم]
وعن عائشة قالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت:
فقلت: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أراه فلانا). لعم حفصة من الرضاعة،
قالت عائشة: لو كان فلانا حيا -لعمها من الرضاعة- دخل علي؟ فقال: (نعم، الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)[البخاري]
قال الإمام النووي: “اختلف العلماء في عم عائشة المذكور فقال أبو الحسن القابسي هما عمان لعائشة من الرضاعة أحدهما أخو أبيها أبي بكر من الرضاعة ارتضع هو وأبو بكر -رضي الله عنه- من امرأة واحدة
والثاني أخو أبيها من الرضاعة الذي هو أبو القعيس وأبو القعيس أبوها من الرضاعة وأخوه أفلح عمها وقيل هو عم واحد وهذا غلط”.
المحرمات من النسب
لكي نعرف المحرمات من الرضاع لابد وأن نعرف المحرمات من النسب أولا وهن الأمهات وما فوقهن، والبنت والأخت والعمة والخالة وبنات الأخ وبنات الأخت.
يدل على ذلك قول الله: (حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُمۡ وَعَمَّٰتُكُمۡ وَخَٰلَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ)
وهؤلاء محرمات على التأبيد لا يحل الزواج بهن بأي حال من الأحوال.
قال الشعبي: كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- يقولون: لا يجمع الرجل بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يصلح له أن يتزوجها. وهذا إذا كان التحريم لأجل النسب.
المحرمات من الرضاعة
يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، فإذا رضع الطفل من امرأة غير أمه كانت هذه الأم محرمة عليه، وصار بنات هذه الأم محرمات عليه، وأخت الأم محرمة عليه، وأم الأم محرمة عليه.
فصار واحدا من هذه الأسرة يحرم عليه ما يحرم على إخوته من الرضاعة، قال الله: (وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ)
وهنا ف هذه الآية اقتصر الله على ذكر الأم التي تمثل الأصول، وذكر الأخت التي تمثل الفروع ولم يزد على ذلك.
لكن السنة أتمت البيان فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
ولما قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم- ألا تتزوج ابنة حمزة؟ قال: (إنها ابنة أخي من الرضاعة)، وذلك لأن حمزة عم النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أخا له من الرضاعة.
شروط التحريم بالرضاع
يشترط لكي يكون هذا الرضاع محرما لما يحرم من النسب أمور منها:
1 – وصول اللبن إلى موضع الطعام والشراب من جوف المولود.
2 – أن يكون هذا اللبن من امرأة.
3 – أن يكون هذا الرضاع في الحولين وهو الوقت الذي ينمو فيه الجسم من اللبن.
4 – ألا يكون هذا اللبن مختلطا بغيره
5 – وأن يكون الرضاع خمس رضعات متفرقات، عن عائشة أنها قالت:
(كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن)[مسلم]
يصل التحريم لصاحب اللبن
التحريم من الرضاع يشمل صاحب اللبن أي الرجل الذي كان سببا في نزول هذا اللبن الذي ارتضعه المولود من تلك المرأة، فيصير صاحب اللبن أبا للطفل.
دل على ذلك ما ورد في السنة مما روي عن عائشة أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليها بعد ما أنزل الحجاب، قالت عائشة: فقلت:
والله لا آذن له حتى أستأذن رسول -صلى الله عليه وسلم- فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته، قالت:
فلما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: ائذني له، فإنه عمك تربت يمينك، وكان أبو القعيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة.
المحرمات بالمصاهرة
المصاهرة هي القرابة الناتجة بسبب النكاح، فمن المحرمات بالمصاهرة أم الزوجة التي دخل بها الرجل تصير من المحرمات حرمة مؤبدة بسبب الدخول بالبنت.
وبنت الزوجة تصير من المحرمات إذا دخل الرجل بأمها، فالدخول بالأمهات يحرم البنات، والدخول بالبنات يحرم الأمهات.
وزوجة الابن من الصلب يحرم الزواج بها وهي من المحرمات حرمة مؤبدة، وزوجة الأب من المحرمات حرمة مؤبدة.
والجمع بين المرأة وأختها، أو عمتها أو خالتها، وهذه حرمة مؤقتة بمعنى أنه إذا طلق الرجل زوجته أو ماتت حل له الزواج بأختها أو عمتها أو خالتها.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها)[مسلم]
كما يحرم الزواج من المرأة المتزوجة حتى تتطلق من زوجها أو يموت عنها وتنقضي عدتها،
قال الله: (وَأُمَّهَٰاتُ نِسَآئِكُمۡ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ
وَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنۡ أَصۡلَٰبِكُمۡ وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ)
للاطلاع على المزيد: