تعرف على الميزان الذي توزن به الأعمال
من العقائد التي يجب الإيمان بها هو الميزان، وهل الميزان حقيقي أم مجازي، وما وقت هذا الميزان.
الدليل على الميزان من القرآن
ورد ذكر الميزان في كتاب الله تعالى حيث قال الله: (وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ).
وذكر الإمام الرازي أن الموازين تجري على حد العدل والقسط، وأكد ذلك بقوله: (فلا تظلم نفس شيئا).
وذهب بعض أئمة السلف إلى أنه سبحانه يضع الموازين الحقيقية فتوزن بها الأعمال، وعن الحسن: “هو ميزان له كفتان ولسان وهو بيد جبريل عليه السلام”.
فمن ثقلت أعماله الصالحة كان من المفلحين، ومن خفت موازين أعماله الصالحة كان من الخاسرين.
قال الله: (وَٱلۡوَزۡنُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّۚ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَظۡلِمُونَ).
الميزان في السنة
وورد ذكر الميزان في عدد من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)[البخاري]
وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق)[أبو داود]
كيفية وزن الأعمال
اختلف العلماء في تصور وزن الأعمال فمنهم من قال: إن أعمال المؤمن تتصور بصورة حسنة، وأعمال الكافر تتصور بصورة قبيحة، فتوزن تلك الصورة؛ لأن الأعمال أعراض فلا توزن بثقل ولا خفة.
وقيل الوزن يعود على الصحف التي يكون مكتوب فيها الأعمال التي عملها العبد ورجح القرطبي هذا، ونقل عن ابن عمر قال: “توزن صحائف الأعمال”. قال: فإذا ثبت هذا فالصحف أجسام فيرتفع الإشكال ويقويه حديث البطاقة.
وحديث البطاقة هذا رواه عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب،
فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فقال: إنك لا تظلم قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء)[الترمذي]
قال ابن حجر: “والصحيح أن الأعمال هي التي توزن وقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه بن حبان عن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من خلق حسن)
وفي حديث جابر رفعه توضع الموازين يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال حبة دخل الجنة ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال حبة دخل النار
قيل فمن استوت حسناته وسيئاته قال: أولئك أصحاب الأعراف أخرجه خيثمة في فوائده”
الأرجح في معنى الميزان
الأرجح في فهم معنى الميزان هو أن نسير فيه على الظاهر من اللفظ وهو أنه ميزان حقيقي، له كفتان ولسان كما ذهب إليه كثير من المفسرين عملا بحقيقة اللفظ لأنها ممكنة.
ولا يحكم فيه بتبديع المخالف ولا تكفيره؛ لأن الأمر اجتهادي وليس فيه نص قطعي، وقد ورد الخلاف في معناه عن المتقدمين.
قال ابن قطلوبغا: “الميزان عرفه في المدة بما يعرف به مقادير الأعمال خيرا كانت أو شرا والعقل قاصر عن إدراك كيفيته”
هل هناك ميزان واحد ام موازين؟
قال الفخر الرازي في تفسيره: “الأظهر إثبات موازين في يوم القيامة لا ميزان واحد والدليل عليه قوله: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة)
وقال في هذه الآية: فمن ثقلت موازينه وعلى هذا فلا يبعد أن يكون لأفعال القلوب ميزان، ولأفعال الجوارح ميزان، ولما يتعلق بالقول ميزان آخر.
قال الزجاج: إنما جمع الله الموازين هاهنا فقال: فمن ثقلت موازينه ولم يقل ميزانه لوجهين:
الأول: إن العرب قد توقع لفظ الجمع على الواحد فيقولون: خرج فلان إلى مكة على البغال.
والثاني: إن المراد من الموازين هاهنا جمع موزون لا جمع ميزان وأراد بالموازين الأعمال الموزونة.
ولقائل أن يقول هذان الوجهان يوجبان العدول عن ظاهر اللفظ وذلك إنما يصار إليه عند تعذر حمل الكلام على ظاهره، ولا مانع هاهنا منه فوجب إجراء اللفظ على حقيقته.
فكما لم يمتنع إثبات ميزان له لسان وكفتان فكذلك لا يمتنع إثبات موازين بهذه الصفة فما الموجب لترك الظاهر والمصير إلى التأويل”
فائدة وضع الموزاين
فائدة وضع الميزان هو ظهور الرجحان في يوم القيامة لأهل القيامة، فمن رجحت حسناته ازداد فرحا وسرورا، ومن رجحت سيئاته ازداد غمه وافتضح أمره بين الناس في موقف الفصل يوم القيامة.
هل كل الناس توزن أعمالهم؟
جعل الله الوزن للأعمال لمن شاء من عباده من أهل السعادة والشقاوة، لكن هناك من أهل السعادة من لا توزن أعمالهم.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الشفاعة: (… ثم قال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: يا رب، أمتي أمتي،
فيقال: يا محمد، أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة…)[مسلم]
وهناك من أهل الشقاوة من لا توزن أعمالهم وإنما يلقون في النار بأخذهم من نواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار، قال الله: (يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِيمَٰهُمۡ فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ).
للاطلاع على المزيد: