من هو الولي وهل للولي كرامة وما حكم الإيمان بكرامات الأولياء

الولاية تطلق في القرآن ويراد بها كل مؤمن تقي، وتطلق أحيانا ويراد بها الخاصة من عباد الله الذين يكونون نورا وهداية لغيرهم.

معنى الولاية

الولاية لها معان متعددة منها المولى وهو الناصر، ويطلق المولى على السيد الذي أعتق عبده، وتطلق على العبد فهي من أسماء الأضداد.

والولاية يدور معناها على القرب من المولى وعلى ذلك فولي الله قريب منه دائما، وعلامة القرب من الله في الدنيا هي العمل بأومر الله واجتناب نواهيه.

لذلك عرفه البعض بقولهم: الولي هو القائم بحقوق الله وحقوق العباد حسب الإمكان.

ومن يتولى القرب والطاعة لله يتولى الله حفظه وحراسته على الدوام، قال الله تعالى: (وهو يتولى الصالحين).

ذكر الولي في القرآن

الأولياء هم أنصار الله الذين يتولون طاعة الله ويتولاهم الله بكرامته لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا.

قال الله: (أَلَآ إِنَّ ‌أَوۡلِيَآءَ ‌ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ).

هل يعلم الولي أنه ولي؟

قال القشيري في الرسالة: “واختلف أهل الحق في الولي هل يجوز أن يعلم أنه ولى أم لا، فكان الإمام أبو بكر بن فورك رحمه الله يقول: لا يجوز ذلك لأنه ‌يسلبه ‌الخوف ويوجب له الأمن.

وكان الأستاذ أبو علي الدقاق رحمه الله يقول بجوازه، وهو الذي نؤثره ونقول به، وليس ذلك بواجب في جميع الأولياء حتى يكون كل ولي يعلم أنه ولي واجبا.

ولكن يجوز أن يعلم بعضهم كما يجوز أن لا يعلم بعضهم فإذا علم بعضهم أنه ولي كانت معرفته تلك كرامة له انفرد بها وليس كل كرامة لولي يجب أن تكون تلك بعينها لجميع الأولياء”.

الولاية ترتبط بالعمل بالشريعة

ولاية الولي تتقيد بالعمل بالشريعة، وتزداد ولاية الولي مرتبة كلما التزم بالعمل بأوامر الله، قد جاء رجل لأبي سعيد يوما فدخل المسجد بقدمه اليسرى أولا، فرده أبو سعيد وقال له: من لا يعرف كيفية دخول منزل الحبيب لا يليق بنا.

هل يسقط التكليف عن الولي

وعلى هذا فليس من الولاية قول بعضهم أن الولي إذا وصل لمرتبة معينة ارتفعت عنه التكاليف؛ لأن هذا نوع من الإلحاد.

فالعبد لا يرفع عنه التكليف أبدا مهما طال بقاؤه في الدنيا ومهما علت منزلته، ولو كان هذا يجوز لأحد لجاز لأنبياء والمرسلين لكن هذا لم يحدث وإنما ظلوا ملتزمين بالطاعة والعبادة طول حياتهم حتى أدركهم الموت، قال الله تعالى: (وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ ‌يَأۡتِيَكَ ‌ٱلۡيَقِينُ)

ما معنى الكرامة

الكرامة هي أمر خارق للعادة يظهره الله على يد ولي، وهي علامة تدل على صدق من ظهرت عليه.

فأما من لم يكن صادقا فلا تظهر على يديه مثل هذه الكرامة، ولابد وأن تكون هذه الكرامة أمرا خارقا للعادة لا يمكن تعلمها واكتسابها حتى لا يدعيها من ليس من أهلها.

هل يجب أن تكون للولي كرامة

ليس من شرط الولاية ظهور الكرامة فقد يكون الإنسان وليا لكن لا تظهر كرامة له، وهذا بخلاف النبي لابد من ظهور المعجزة له؛ لأن المعجزة هي دليل صدقه أمام الناس.

فمن لم يأت بمعجزة تدل على أنه مرسل من عند الله فمن حق الناس ألا يؤمنوا به؛ لأنه لم يأت بدليل صدقه للناس، أو أنه النبي المبعوث إلى الناس.

وهذا الدليل الذي يأتي به النبي يدل على صدقه، وأن يكون هذا الدليل على مستوى من ينسب الرسالة له وهو الله.

وأقل مقدور لله هو أن يخرق له نواميس الكون التي يعجز عنها كل ما سوى الله.

الفرق بين الكرامة والمعجزة

تتفق الكرامة والمعجزة في أن كلا منهما أمر خارق للعادة، لا يمكن تعلمهما ولا اكتسابهما، وخرق نواميس الكون ليس في مقدور أحد إلا الله.

لكن الكرامة تظهر على يد ولي من أولياء الله، وأما المعجزة فتظهر على يد نبي يؤيده الله في دعواه وليثبت للناس أنه مرسل من عند الله.

قال الإمام أبو بكر بن فورك رحمه الله فكان يقول: المعجزات دلالات الصدق ثم إن ادعى صاحبها النبوة فالمعجزات تدل على صدقه في مقالته،

وإن أشار صاحبها إلى الولاية المعجزة على صدقه في حاله، فتسمى كرامة ولا تسمى معجزة، وإن كانت من جنس المعجزات”.

وقال أيضا: “وكان رحمه الله يقول: من الفرق بين المعجزات والكرامات أن الأنبياء عليهم السلام مأمورون بإظهارها

والولي يجب عليه سترها وإخفاؤها والنبي -صلى الله عليه وسلم- يدعي ذلك ويقطع القول به والولي لا يدعيها ولا يقطع بكرامته لجواز أن يكون ذلك مكرا”.

من كرامات بعض الأولياء

من الكرامات التي أظهرها الله لبعض أوليائه ما حدث في قصة سليمان في قول الله: (قَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِي بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ

قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ ‌طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ).

سارية الجبل

عن ابن عمر قال: وَجَّه عُمَرُ جَيْشًا وَأَمَّر عَلَيْهِم رَجُلًا يُدْعَى بِسَارِيَة، فَبَيْنَا عُمَرُ يَخْطُبُ يَومًا يُنَادِى: يا ‌سَاريةُ ‌الْجَبَلَ -ثَلاثًا- ثُمَّ قَدمَ رَسُولُ الْجَيْشِ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ، فَقَالَ:

يَا أَميرَ الْمُؤْمنينَ لَقِينَا عَدُوَّنَا فهزَمَنَا، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذلَكَ إِذ سَمِعنَا صَوْتًا يُنَادِى: يَا ‌سَارِيَةُ: ‌الْجَبَلَ -ثَلاثًا- فَأَسْنَدْنَا ظُهُورنَا إِلَى الْجَبَلِ فَهَزَمَهُم اللَّه، فَقِيلَ لِعُمَرَ: إِنَّكَ كُنْتَ تَصيحُ بِذَلِكَ”.

قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: إسناده حسن.

Exit mobile version