نسبة الجواز لا تكون لذات الله ولا لصفاته وإنما تكون لما يصدر عن الله من أفعال، فكل أفعال الله جائزة وليس فيها واجب؛ لأنه لا يجب على الله شيء.
إيجاد الممكنات
من الجائز في حق الله تعالى إيجاد الممكنات وإعدامها، فيخلق ما يشاء ويعدم ما يشاء، قال الله: (وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ).
إرسال الرسل
من الممكنات في حق الله تعالى إرسال الرسل فيجوز أن يرسل أو ألا يرسل، ويجوز في حق الله أن يرسل لقوم ولا يرسل لآخرين.
قال الله: (وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ).
رؤية الله
الرؤية عبارة عن نوع من الإداراك زائد على العلم، ويحصل بصفة البصر وكون الذات بصيرا.
فرؤية الله في الآخرة من الممكنات في حق الله تعالى دون إحاطة، ودون تحديد في جهة من الجهات؛
لأن الله منزه عن الحد، والجهة، والجسمية، وهذا جائز في حكم العقل، فالضوء نراه محيطا بنا دون أن نحيط برؤيته، ودون أن نحدده في جهة من الجهات.
وقد ثبتت رؤية الله في الآخرة بالقرآن وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذه الرؤية لا تحصل لأحد إلا في الجنة، فقال الله: (وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ).
وهذا معناه أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة، وقد طلب موسى -عليه السلام- رؤية ربه في الدنيا فقال الله: (رب أرني أنظر إليك)
فطلب موسى الرؤية يدل على جوازها فلا يمكن أن يسأل نبي الله موسى الرؤية إذا كانت مستحيلة.
فالأنبياء هم أعرف البشر بربهم فلا يمكن أن يجهلوا ما عرفه المعتزلة والشيعة الذين يقولون باستحالة رؤية الله.
وعن جرير قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فنظر إلى القمر ليلة -يعني البدر- فقال: (إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا).
ثم قرأ: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)البخاري
يجوز في حق الله الإسعاد والإشقاء
من الأمور الجائزة في حق الله أن يخلق القدرة على الهداية بأن يرسل الرسل لبيان طريق الحق للناس.
وأن يخلق في قلب الإنسان الإيمان باعتبار أن الله هو الخالق لكل شيء، وأن دور الإنسان مع الأشياء التي خلقها الله هو الكسب فالثواب والعقاب يكون على الكسب.
ويجوز في حق الله أن يخلق الكفر والعبد هو الذي يختاره فيحاسب على اختياره وكسبه.
وسعادة الإنسان لا تتم إلا بالإيمان بالإسلام؛ لأنه هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده وبه تكون سعادة الدنيا والآخرة.
فمن مات على الإيمان فقد فاز فوزا عظيما، ومن مات على الكفر فقد خسر خسرانا مبينا.
قال الإمام الأشعري: “إن المعتبر في السعادة والشقاوة إنما هو لحظة الموت فإن كان مؤمنا كان سعيدا لما يترتب على ذلك من الفوز في الحياة الأبدية وإلا كان شقيا”.
لا يجب على الله الصلاح والأصلح للعباد
ليس من الواجب على الله أن يراعي الأصلح للعباد في دينهم ودنياهم إنما خلق الله الخلق في هذه الدنيا للاختبار والتكليف فلله أن يكلف عباده بما شاء وكيف شاء.
فالله قادر على أن يحمل الناس جميعا على الإيمان به، لكن الله أراد أن يمتحن عباده بما شاء وكيف شاء.
قال الله: (وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَأٓمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِيعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ).
فلو كان الصلاح والأصلح واجبا على الله لما وجدنا في هذه الدنيا فقيرا كافرا، ولما وجدنا طفلا متألما وهو لا تكليف عليه، فليس شيء من ذلك واجبا على الله؛ لأن الله لا يترك واجبا عليه كان يجب أن يفعله.
الله لا يجب عليه شيء
من الأمور المقررة عند أهل السنة أن الله لا يجب عليه شيء، فليس هناك شيء إلا يكون بإرادة الله.
وبهذا لا يصح القول بأن الله يجب عليه إيجاد بعض المخلوقات، فلو شاء الله ألا يخلق شيئا من العالم لم يخلقه ولما كان ممتنعا في حقه تعالى.
الله هو من يوجب على نفسه
يستحيل أن يكون هناك من يوجب عليه شيئا، لكن الله إذا وعد بأنه يفعل شيئا فلا يمكن أن يتخلف وعد الله أبدا.
فالله وعد المؤمنين بالجنة، والكافرين بالنار، فلا يمكن أن نقول إن الله سيدخل المؤمنين النار والكافرين الجنة؛ لأن هذا يكون على خلاف وعد الله، أو يكون الله غير صادق في وعده وهذا محال على الله.
قال الله: (قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُل لِّلَّهِۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ).
للاطلاع على المزيد: