العقيدة الإسلامية

تعرف على ما يجب وما يستحيل وما يجوز في حق الرسل

شاءت إرادة الله أن يرسل من شاء من عباده؛ ليكون رسولا مبلغا عن الله، وشاء الله أن يكون هذا المرسل على درجة عالية من الأخلاق والفطرة النقية ليكون أهلا لحمل هذه الرسالة العظيمة.

معنى النبي

إيحاء الله لبعض الأنبياء بشيء من العلوم والمعارف هذا يسمى إنباء أي أن الله أنبأ هذا النبي بأمر ما ومن أرسل له هذا الإنباء يسمى نبيا.

وهذا الإنباء يكون بشريعة، هذه الشريعة قد تكون مبتدأة كاملة من عند الله لهذا النبي، وذلك كما في الرسالات الناسخة التي نسخت الرسالات التي قبلها.

وقد تكون تابعة لرسالة نبي من الأنبياء المتقدمين، وقد تكون مكملة لرسالة النبي السابق عليه مع زيادة بعض الأحكام التي أرسل الله بها إليه،

كما في رسالة عيسى -عليه السلام- فهي رسالة مكملة لشريعة موسى -عليه السلام- مع زيادة بعض الأحكام التي أتى بها عيسى كما في قول الله:

(وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ ‌وَلِأُحِلَّ ‌لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ).

وبمجرد نزول الوحي على النبي المختار من عند الله يكون نبيا لكن لا يشترط أن يكون مأمورا بتبليغ هذا الوحي لغيره.

أما الرسول فهو رجل مختار من عند الله أوحى الله إليه بوحي وأمره بتليغ هذا الوحي لغيره.

صفات الأنبياء

هناك صفات يجب اتصاف النبي أو الرسول الذي يختاره الله لنزول الوحي عليه حتى يكون حجة على الناس،

وحتى يكونوا مميزين من بين البشر بما يؤهلهم لأن يكون أهلا لحمل تلك الرسالة، وهذه الصفات منها:

اتصاف الأنبياء بالأمانة

من الصفات التي يجب اتصاف الأنبياء بها صفة الأمانة، ومعناه حفظ الله لبواطن الأنبياء، حتى يحصل لهم ترك المعاصي والمكروهات وغيرها.

فهم معصومون بحفظ الله لهم من أن يتلبسوا بفعل ما لا يليق بهم؛ لأنهم لو فعلوا ما لا يليق لطعن ذلك في الدعوة التي يدعون الناس إليها؛ لأن الناس سيقولون حينها لو كان ما يدعون الناس إليه لكانوا أولى الناس بالانتفاع به.

كما ينبغي أن يكون ظاهر الأنبياء مطابق لباطنهم، بحيث لا يتلبسون بفعل منهي عنه حتى في حال طفولتهم؛ لأن الله صنعهم على عينه، ولأنهم لو صنعوا شيئا من المحرم والمكروه لأصبح فعل ذلك طاعة لأنهم قدوة لنا.

وهذا من لطف الله بأنبيائه ورسله أنه يحملهم على فعل الخير ويزجرهم عن فعل الشر مع بقاء الاختيار لهم.

وإذا كان اتصاف الأنبياء والرسل بالأمانة من الأمور الواجب اتصافهم بها فإن هذا يستلزم نفي الخيانة عنهم؛ لأن هذا مما يخل بأمانة التبليغ.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ بالله من الخيانة دائما فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من ‌الخيانة، ‌فإنها بئس البطانة)[أبو داود]

اتصاف النبي بالصدق

من الصفات التي يجب اتصاف النبي بها أن يكون صادقا في جميع ما يصدر منه من الأقوال والأفعال؛

لأن النبوة في حقيقتها هي صدق في القول مع ثبوت العلامة التي تدل على هذا الصدق من المعجزات التي يؤيد الله بها نبيه.

والصدق يطلق على الكلام الموافق للواقع، فإذا أخبروا الناس أنهم رسل من عند الله أو أن ما يبلغون الناس به هو من كلام الله كان واجبا أن يكون هذا كلاما مطابقا للواقع أنه من عند الله حقا.

وإذا كان من الواجب اتصاف النبي بالصدق، فإن هذا يستلزم عصمتهم عن تعمد الكذب؛ لأنه لو جاز الكذب في كلامهم للزم الكذب في كلام الله؛

لأن الله هو الذي أمرنا بتصديقهم بتلك المعجزات التي أيدهم الله بها، وتلك المعجزات هي أمور خارقة للعادة يخرق الله بها نواميس هذا الكون ولا يمكن لأحد من الناس أن يأتي بها أو أن يتعلمها من غيره.

وجوب التبليغ

يجب على الأنبياء أن يقوموا بتبليغ الأحكام التي أمرهم الله بتبليغها للناس، ولا يصح أن يتوهم أحد أنه يجوز عليهم كتمان شيء مما أمرهم الله بتبليغه؛

لأن البلاغ مهمتهم التي أمرهم الله بها قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ ‌بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا ‌بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ)

ولا يجوز عليهم أن ينقصوا شيئا مما أمرهم الله بتبليغه أو الزيادة عليه؛ لأن هذا يستلزم نسبة الكذب لهم.

اتصاف النبي بالفطانة

الفطانة هي حدة الذكاء، فلا يجوز أن يكون النبي غبيا لأن رسالته قائمة على عنصر الإقناع وإقامة الحجة على العباد.

فقوام الرسالة إقامة الحجة كما في قول الله: ( رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ ‌حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا).

وأن يكون النبي قادرا على عرض تلك الرسالة بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض حتى يتم إقامة الحجة على العباد.

قال الله: (وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحۡذَرُواْۚ فَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلۡبَلَٰغُ ‌ٱلۡمُبِينُ).

فمن البدهيات أن الحكيم لا يختار لرسالته إلا أكفأ الناس وأجدرهم بتبليغ الرسالة على الوجه الأكمل.

فإذا ثبت وجوب اتصاف الأنبياء بالفطانة دل هذا على استحالة اتصافهم بشيء من البلاهة والغفلة والبلادة.

عصمة الأنبياء عن الكفر والذنوب

أجمعت الأمة على وجوب عصمة الأنبياء عن الكفر قبل البعثة وبعدها، وأما الذنوب منها كبائر وصغائر، ومنها ما يفعله الإنسان عمدا او سهوا.

فأما وقوع الأنبياء في الكبائر عمدا فمنعه الجمهور من العلماء، وأما وقوع النبي في الصغيرة عمدا فجوزه الجمهور في غير الصغائر التي تلحق صاحبها بالأراذل والسوقة من الناس، وأما صدور الصغائر من النبي سهوا فجائز باتفاق العلماء.

ما يجوز على الرسل

يجوز في حق الرسل كل عرض بشري لا ينقص من مراتبهم بأن لا يكون شيئا من الأمور المنهي عنها، ولا شيئا من المباحات التي لا تليق بذوي المقامات العلية؛ لأنه يؤدي لسقوطهم من أعين الناس.

كذلك لا يجوز في حقهم مرض من الأمراض المزمنة التي تؤدي لنفور الناس منهم.

قال شارح الخريدة في حاشيته: “إن ما ورد من نحو مرض سيدنا أيوب -عليه السلام- أنه بلغ أن الدود صار يخرج من جسده ونفر عنه الناس ومع ذلك صبر فضرب به المثل وقيل: صبر أيوب،

فذلك كله باطل لا أساس له من الصحة وهي روايات باطلة لا تقوم لها قائمة عند البحث الصحيح.

قال الله: (وَقَالُواْ مَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمۡشِي فِي ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوۡلَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَلَكٞ فَيَكُونَ مَعَهُۥ نَذِيرًا أَوۡ يُلۡقَىٰٓ إِلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ تَكُونُ لَهُۥ جَنَّةٞ يَأۡكُلُ مِنۡهَاۚ وَقَالَ ٱلظَّٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلٗا مَّسۡحُورًا

ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَٰلَ فَضَلُّواْ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ سَبِيلٗا تَبَارَكَ ٱلَّذِيٓ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيۡرٗا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ وَيَجۡعَل لَّكَ قُصُورَۢا بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا)

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة