إذا كان قد ثبت لله كل كمال يليق بذاته المقدسة، فقد نُفِي عن الله واستحال في حقه كل نقص؛ لأن النقص عجز والعجز محال على الله.
استحالة العدم في حق الله
يستحيل في حق الله تعالى العدم؛ لأن العدم ينافي الوجود، وإذا كان الله قد ثبت له الوجود وأنه هو الذي أوجد كل شيء، وأنه الخالق لكل شيء فقد انتفى عنه العدم.
قال الله: (هُوَ ٱلۡحَيُّ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۗ).
استحالة الحدوث في حق الله
من المستحيل في حق الله تعالى الحدوث بمعنى أن يكون قد وجد بعد عدم ككل المخلوقات فإنها لم تكن موجودة ثم وجدت، وهذا معناه أن هناك من أوجدها.
فالله تعالى قد ثبت له القدم واستحال في حقه الحدوث، حيث قال الله: (هو الأول والآخر).
استحالة المشابهة للمخلوقات
الله تعالى يستحيل أن يكون مماثلا أو مشابها لشيء مما خلق؛ لأنه لو كان مماثلا للحوادث لكان هذا معناه الحدوث بعد عدم.
ولو كان مماثلا للمخلوقات لكان في احتياج للمكان، والتحيز، وكل هذا من صفات الحوادث وهو مستحيل في حق الله، قال الله: (لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ).
استحالة عدم القيام بالنفس
عدم القيام بالنفس معناه أن الله لا يستطيع أن يستقل بأمور نفسه وإنما يحتاج لغيره، وهذا عجز والعجز محال على الله بل ثبت لله صفة القيام بالنفس وهذا معناه عدم الاحتياج لغيره، وعدم الاحتياج لمحل ليقوم به.
استحالة تعدد الآلهة
يستحيل في حق الله عدم الوحدانية بأن يكون مع الله إلها أو آلهة أخرى؛ لأنه لو كان هناك مع الله آلهة أخرى لحدث نوع من التنازع بينهم فبينما هذا يريدالإيجاد لشيء يريد الآخر الإعدام له.
فإذا تغلب أحدهما على الآخر كان المغلوب عاجزا والعاجز لا يكون إلها، وإذا لم يترجح فعل أحدهما على الآخر لترتب على ذلك اجتماع الضدين وهذا محال.
قال تعالى: (أَئِنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّآ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ).
وقال الله: (أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ)
استحالة الجهل على الله
الله تعالى قد ثبت له العلم بكل معلوم فلا يغيب عنه شيء في الأرض ولا في السماء.
قال الله: (وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ).
وقال الله: (أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ)
فإذا ثبت لله العلم استحال عليه الجهل، والجهل نوعان: عدم العلم بالشيء أصلا وهو جهل بسيط.
أو معرفة الشيء على خلاف حقيقته وهذا جهل مركب، وكلاهما محال على الله؛ لأنه نقص والناقص لا يكون إلها.
استحالة وقوع الشك من الله
الشك هو تردد بين أمرين، وهو خلاف اليقين، وهذا محال في حق الله، وقد جاء الشك في بعض المواضع من القرآن الكريم بمعنى اليقين كما في قول الله: (ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ).
قل ابن منظور: “الظن شك ويقين إلا أنه ليس بيقين عيان إنما هو يقين تدبر فأما يقين العيان فلا يقال فيه إلا علم”.
قال الله: (وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا).
استحالة الغفلة على الله
الغفلة هي غياب الشيء عن بال الإنسان، إما على سبيل الإهمال أو على سبيل الإعراض عنه، قال الله: (وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ وَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ).
وقال الله: (ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ).
والغفلة مستحيلة في حق الله؛ لأنه لا يغيب عنه شيء لا إهمالا ولا إعراضا، ولو كان كذلك لغاب ميزان العدالة في الفصل بين الناس؛
لأنه غابت عنه أشياء كان من الممكن أن ترجح كفة المظلوم لكنه جهلها وهذا عجز ونقص والنقص والعجز محالان على الله.
استحالة النسيان على الله
ورد في بعض الآيات وصف الله بالنسيان كما في قول الله: (نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ)، وهذا مما يجب تأويله؛ لأن النسيان لا يجوز في حق الله وإلا لكان هذا نقصا.
فقد فسر غير واحد من المفسرين معنى النسيان هنا بالترك أي تركوا الله فتركهم؛ لأنه لما كان النسيان نوعا من الترك وضعه موضع النسيان.
وقيل: تركوا أمر الله فتركهم، كما في قول الله: (قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ)، أي ترك آيات الله فتركه الله في النار.
استحالة النوم والموت على الله
النوم هو غشية ثقيلة تهجم على القلب فتقطع عنه المعرفة بالأشياء، وهو مزيل للقوة البدنية والعقل.
فلو كان الله ينام أو يموت لفسد أمر العالم ولهلك كل ما فيهما في حال نومه أو في حال موته وكلاهما لم يحدث فلا يزال أمر العالم يسير بتسيير الله له، قال الله: (ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ).
استحالة العجز والفتور على الله
العجز نقيض الحزم، وأعجزه الشيء أي عجز عنه، قال الله: (والذين سعوا في آياتنا معاجزين) أي ظانين أنهم يعجزوننا؛ لأنهم ظنوا أنه لا يعث ولا حساب ولا جنة ولا نار، وقال الله: (وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء)
قال أبو إسحاق: “ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم في السماء”.
والله يستحيل عليه الفتور وهو ضعف وانكسار وخمول، ومنه فتر العامل عن عمله إذا قصر فيه، وهذا محال على الله.
للاطلاع على المزيد: