الصراط هو جسر ممدود على ظهر جهنم بين الموقف والجنة، يرده المؤمنون والكافرون للمرور عليه إلى الجنة، لكن الكافر يسقط فيها قبل أن يتجاوز الصراط.
الدليل على وجود الصراط من القرآن
قال الله: (وَلَوۡ نَشَآءُ لَطَمَسۡنَا عَلَىٰٓ أَعۡيُنِهِمۡ فَٱسۡتَبَقُواْ ٱلصِّرَٰطَ فَأَنَّىٰ يُبۡصِرُونَ).
وقال الله: (ثُمَّ لَنَحۡنُ أَعۡلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمۡ أَوۡلَىٰ بِهَا صِلِيّٗا وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا).
فما من أحد إلا وسيرد على النار عندما يعبر على الصراط وهو الجسر الممدود على ظهر جهنم فينجوا المتقون ويقع في جهنم الكافرون.
الدليل على الصراط من السنة
روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل تمارون في القمر ليلة بدر، ليس دونه حجاب).
قالوا: لا يا رسول الله، قال: (فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب). قالوا: لا.
قال: (فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبع، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت،
وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا،
فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم،
وفي جهنم كلاليب، مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان). قالوا: نعم، قال:
(فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدرعظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار…)[البخاري]
اتساع وضيق الصراط
يختلف الصراط في السعة والضيق بحسب الأعمال التي يعملها الإنسان، فصاحب الأعمال الحسنة يكون الصراط بالنسبة له واسعا فلا يضايقه أحد ولا يسقط من عليه في النار، وصاحب الأعمال السيئة يجد الصراط ضيقا.
صفة الصراط
وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الصراط بأنه دحض مزلة. والمعنى أنه تنزلق عليه الأقدام فلا تثبت، ولا يثبت عليه إلا من ثبته الله لجميل عمله.
ومما ورد في صفة الصراط أنه أدق من الشعرة وأحدّ من السيف، فعن سعيد بن أبي هلال، قال: (بلغنا أن الصراط يكون على بعض الناس أدق من الشعر، وعلى بعض الناس مثل الوادي الواسع).
وورد في عمدة القاري: “والصراط: جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف، عليه ملائكة يحبسون العباد في سبع مواطن ويسألونهم عن سبع خصال:
في الأول عن الإيمان، وفي الثاني عن الصلاة، وفي الثالث عن الزكاة، وفي الرابع عن شهر رمضان، وفي الخامس عن الحج والعمرة، وفي السادس عن الوضوء، وفي السابع عن الغسل من الجنابة”.
أحوال الناس في المرور على الصراط
يمر الناس على الصراط بحسب أعمالهم التي عملوها في الدنيا فيختلف حالهم من حيث البطء والسرعة، فمنهم من يكون سيره على الصراط كالبرق في سرعته أو كالريح، أو كأفضل الخيل ومنهم من يزحف على الصراط.
وروى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: (… ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم).
قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: (مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة
مفلطحة لها شوكة عقيفة، تكون بنجد، يقال لها: السعدان،
المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا،
فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا، في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا،
فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار،
فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول:
اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول:
اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا).
قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرؤوا: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها).
(فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار، فيخرج أقواما قد امتحشوا،
فليقون في نهر بأفواه الجنة يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، إلى جانب الشجرة،
فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل في رقابهم الخواتيم، فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة:
هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه).