العقيدة الإسلامية

هل يجب الإيمان بحوض النبي؟ وما موضع هذا الحوض؟

الإيمان بالحوض حق وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وقد صحت الأخبار بوجود الحوض، وهذا الحوض ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك.

ما ورد من الأحاديث في حوض النبي

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (والذي نفسي بيده، ‌لأذودن ‌رجالا ‌عن ‌حوضي، كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض)[البخاري]

والمعنى لأطردن ولأدفعن عن حوضي أناسا كما تطرد الإبل الغريبة إذا أرادت الشرب مع إبل الراعي.

وصية النبي للأنصار

من الوصايا التي أوصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأنصار أنه أمرهم بالصبر عند اختلاف الزمان والناس حتى يلقوه على الحوض.

عن أنس بن مالك أن أناسا من الأنصار قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- من أموال هوازن ما أفاء، فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل، فقالوا:

يغفر الله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطي قريشا ويدعنا، ‌وسيوفنا ‌تقطر ‌من ‌دمائهم.

قال أنس: فحدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدع معهم أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:

(ما كان حديث بلغني عنكم). قال له فقهاؤهم: أما ذوو آرائنا يا رسول فلم يقولوا شيئا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم،

فقالوا: يغفر الله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطي قريشا، ويترك الأنصار، ‌وسيوفنا ‌تقطر ‌من ‌دمائهم.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعطي رجالا حديث عهدهم بكفر، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعوا إلى رحالكم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به).

قالوا: بلى يا رسول الله رضينا، فقال لهم: (إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على الحوض). قال أنس: فلم نصبر.[البخاري]

النبي سابق الناس على الحوض

عن عبد الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌أنا ‌فرطكم ‌على ‌الحوض، ولأنازعن أقواما ثم لأغلبن عليهم، فأقول: يا رب أصحابي. أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)[مسلم]

والفرط هو الذي يسبق القوم ليهيئ لهم الحوض، والحديث فيه دلالة على أنه سيحرم من الشرب من هذا الحوض أناس ينتسبون لأمة النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنهم في الحقيقة ليسوا منهم؛

لأنهم غيروا وبدلوا وعصوا أمر نبيهم فحرموا من الشرب من حوضه فيقول النبي لهم: بعدا بعدا.

قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم، فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها، فأقول: إنهم مني، فيقال:

إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: ‌سحقا ‌سحقا لمن غير بعدي. وقال ابن عباس: سحقا: بعدا. يقال: سحيق بعيد، وأسحقه أبعده.[البخاري]

صفة حوض النبي

ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- صفة الحوض الذي أعطاه الله له في الآخرة فذكر سعته ولون مائه وريحه وكيزانه.

عن عبد الله بن عمرو قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌حوضي ‌مسيرة ‌شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدا)[البخاري]

ما معنى الكوثر؟

عن ‌أنس قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما. فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال:

أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر) ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟

فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه ‌نهر ‌وعدنيه ‌ربي -عز وجل- عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة،

آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك؟)[مسلم]

اعتمد البعض على لفظ هذا الحديث وقال: إن الكوثر هو الحوض، وقال بعضهم: هو نهر يصب في الحوض.

موضع الحوض النبي

قال ابن حجر: “وظاهر الحديث أن ‌الحوض ‌بجانب ‌الجنة لينصب فيه الماء من النهر الذي داخلها.

وفي حديث ابن مسعود عند أحمد ويفتح نهر الكوثر إلى الحوض. وقد قال القاضي عياض ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الحوض:

(من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا) يدل على أن الشرب منه يقع بعد الحساب والنجاة من النار؛ لأن ظاهر حال من لا يظمأ أن لا يعذب بالنار”.

هل لكل نبي حوض؟

ورد في فتح القريب المجيب: “حوض نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أعظم ماء وأكثر أكوابًا وأعظم واردًا،

فإذا شرب المؤمنون منه وجدوا من اللذة والبرد والراحة من ألم الموقف والاستبشار بالخلاص من يوم القصاص والصعق وإلى نعيم الجنان ما تسري لذته في حبة الجَنَان”.

فليس الحوض من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما لكل نبي حوض على قدر رتبته وقدر أمته.

عن سمرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن ‌لكل ‌نبي ‌حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة)[الترمذي]

مواضيع ذات صلة