من العقائد التي يجب على المسلم الإيمان بها هي عقيدة النشر أي بعث وإحياء الموتى من قبورهم بعد جمع أجزائهم الأصلية.
الدليل على النشر بعد الموت
ورد في القرآن الكثير من الأدلة التي تدل على وقوع النشر بعد الموت، وهو أن يبعث الله الموتى من قبورهم ويعيد الروح لأجسامهم.
منها قول الله: (ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّهُۥ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَأَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٞ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡعَثُ مَن فِي ٱلۡقُبُورِ).
وقال الله: (ثُمَّ إِنَّكُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تُبۡعَثُونَ )
إنكار المشركين للبعث
من العقائد التي أنكرها الكفار هي عقيدة البعث بعد الموت؛ لأنهم لا يطيب لهم عيش إذا آمنوا بتلك الحقيقة؛ لأنهم يدركون جيدا أنه إذا كان هناك بعث وحساب سيكونون في أسوأ حال؛ لأنهم لم يطيعوا أوامر الله، ولم يقدموا لأنفسهم خيرا في الآخرة.
قال الله: (وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَا يَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُۚ بَلَىٰ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخۡتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ كَانُواْ كَٰذِبِينَ).
إعادة الإنسان من عجب الذنب
قد يبلى جسد الإنسان بعد موته إلا عجب الذنب وهو العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص، فهو الجزء الذي لا يبلى من الإنسان، فإذا أراد الله إحيائه أعيد تركيبه من عجب الذنب.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما بين النفختين أربعون) قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يوما؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت.
(ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل). قال: (وليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة)[مسلم]
وهنا لم يجزم أبو هريرة بالمراد بالأربعين هل يوم أم شهر أم سنة، لكن ورد في غير رواية مسلم بأن المراد أربعين سنة.
إمكانية وقوع البعث بعد الموت
جاء أحد المشركين يوما بعظام بالية ففتتها في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: أتزعم أن الله يبعث هذا بعدما بلي وأرم.
فقال: نعم يبعثه ويبعثك ويدخلك النار. وهنا نزل قول الله وهو يرد على أمثال هؤلاء المنكرين للبعث بأن من قدر على الإيجاد من العدم قادر على الإعادة وهي في حكم العقل أهون.
قال الله: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ)
وقال الله: (وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ).
الإيجاد من العدم دليل على البعث
من الأدلة التي ساقها القرآن الكريم على إمكانية البعث هو خلق الإنسان من العدم، قال الله: (وَيَقُولُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوۡفَ أُخۡرَجُ حَيًّا أَوَلَا يَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ يَكُ شَيۡـٔٗا).
الاستدلال بمراحل خلق الإنسان على البعث
من الأدلة التي ساقها القرآن الكريم كدليل على البعث بعد الموت مراحل خلق الإنسان حيث خلقه الله من نطفة ثم صار علقة إلى غير ذلك من تقلبه في مراحل الخلق حتى صار إنسانا.
قال الله: (أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ فَجَعَلَ مِنۡهُ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ)
أقسم الله على البعث
أقسم الله بنفسه على أن بعث الناس بعد موتهم كائن لا محالة، فقال الله: (فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِيّٗا).
قصة أصحاب الكهف
مما يدل على قدرة الله على بعث الناس بعد موتهم قصة أصحاب الكهف أولئك الذين ضرب الله عليهم النوم في كهفهم ثلاثمائة عام ثم أيقظهم الله من نومهم، قال الله: (وَلَبِثُواْ فِي كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا).
فكان هذا دليلا على قدرة الله على إحياء الموتى بعد موتهم، فإن الذي يقدر على حفظ الأجسام هذه المدة الطويلة دون أن تتحلل وأيقظهم من هذا النوم الطويل،
ثم أماتهم بعد أن أظهر الله للناس قدرته على البعث، قادر على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم.
قال الله: (وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ
فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا).
قصة نبي الله إبراهيم
لنبي الله إبراهيم قصة في أمر البعث حيث طلب من الله أن يريه كيفية إحياء الموتى لم يكن هذا على سبيل الشك من نبي الله وإنما كان يريد أن ينتقل من يقين السمع إلى يقين الرؤية، فيرى كيفية إحياء الله للموتى.
فأمره الله أن يأخذ أربعة من الطير ويقطعهن أجزاء ويخلط الأجزاء ببعضها ثم يضع على كل جبل منهن جزءا ثم يدعهن فإذا فعل ذلك ركب الله كل طائر من أجزائه وأتته تسعى.
قال الله: (وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ أَرِنِي كَيۡفَ تُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ قَالَ أَوَلَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ
قَالَ فَخُذۡ أَرۡبَعَةٗ مِّنَ ٱلطَّيۡرِ فَصُرۡهُنَّ إِلَيۡكَ ثُمَّ ٱجۡعَلۡ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٖ مِّنۡهُنَّ جُزۡءٗا ثُمَّ ٱدۡعُهُنَّ يَأۡتِينَكَ سَعۡيٗاۚ وَٱعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي).
ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبث في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي)[البخاري]