العقيدة الإسلامية

هل يجب الإيمان بالحشر ووقوع الثواب والعقاب؟

يجب على المسلم أن يؤمن بوقوع الحشر وهو سوق الأجساد بعد بعثها من قبورها إلى أرض المحشر للثواب والعقاب.

الدليل على وقوع الحشر من القرآن

ورد الكثير من الآيات التي تدل على وقوع الحشر في الآخرة بسوق الناس لأرض الحساب بعد بعثهم من قبورهم.

وهذا الحشر إنما يكون للأجساد والأرواح معا، قال الله: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ ‌تُحۡشَرُونَ).

وقال الله: (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ ‌وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ). وقال الله: (وَلَئِن مُّتُّمۡ أَوۡ قُتِلۡتُمۡ لَإِلَى ٱللَّهِ ‌تُحۡشَرُونَ).

وبين الله في بعض الآيات أن هذا الحشر إنما يكون للإنس والجن معا، قال الله: (وَيَوۡمَ ‌يَحۡشُرُهُمۡ ‌جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ

وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ).

وهذا الحشر يشمل الجميع من إنسان أو حيوان أو جان أو كل ما خلق الله، قال الله: (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي ‌كُنتُ ‌تُرَابًا).

ورد في تفسير هذه الآية أن الله يحضر البهائم للحساب فيقتص للبهيمة الجلحاء من القرناء ثم يقول لها: كوني ترابا. فعندما يرى الكافر ذلك يقول: يا ليتني كنت ترابا.

عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة. حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)[مسلم]

الإيمان بالعقاب على الذنوب والكفر

يقع العقاب في الآخرة على الذنوب التي ليست بكفر وعلى الكفر، ففعل المعصية يضر بقوة الإيمان ولا ينتزعه من أصله.

فلا يخرج الإنسان من الإيمان إلا بالجحود والإنكار، أو ما جعله الله علامة على الكفر كالسجود لغير الله عن إرادة واختيار.

قال الله: (إِنَّ ٱللَّهَ ‌لَا ‌يَغۡفِرُ ‌أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا).

وأما وقوع ما يدل على الكفر على سبيل الإكراه والقلب مطمئن بالإيمان فلا يكفر الإنسان بذلك.

قال الله: (‌مَن ‌كَفَرَ ‌بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ).

النعيم والعذاب في القبر

يقع العذاب على الذنوب، وعلى الكفر في القبر، وهي حياة البرزخ فيتألم العبد ويتنعم وأحيانا يكون عذابه دائما، وأحيانا يكون متقطعا على حسب ما اقترفه من الذنوب.

قال الله: (فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ‌أَشَدَّ ‌ٱلۡعَذَابِ)

وعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع ‌قرع ‌نعالهم، أتاه ملكان فأقعداه، فيقولان له:

ما كنت تقول في هذا الرجل محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك في النار، أبدلك الله به مقعدا من الجنة).

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فيراهما جميعا، وأما الكافر، أو المنافق: فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس.

فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين)[البخاري]

النعيم والعذاب في أرض المحشر

يحصل للناس نعيم في أرض المحشر وهم هؤلاء الذي يستظلون في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله.

عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌سبعة ‌يظلهم ‌الله في ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد،

ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله،

ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه)البخاري

وهناك من يحصل لهم عذاب في أرض المحشر من طول المدة ودنو الشمس من الرؤوس وغرق الناس في عرقهم.

عن ‌المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل.

قال ‌سليم بن عامر : فوالله ما أدري ما يعني بالميل، أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين.

قال: (فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون ‌إلى ‌حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما).

قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه)[مسلم]

النعيم والعذاب بعد المحشر

ورد العديد من الأدلة التي تدل على وقوع النعيم والعذاب في الآخرة بعد وقوف الناس في المحشر فيرون مصيرهم إما إلى الجنة وإما إلى النار، فيلقى كل واحد حسابه إما نعيم وإما عذاب.

قال الله: (قُلۡ يَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ ‌عَلَىٰ ‌مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَامِلٞۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ).

وقال الله: (وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞ وَلَهُمۡ ‌فِي ‌ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ).

وما يدل على وقوع النعيم في الآخرة بعد المحشر قول الله: (ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ‌وَفِي ‌ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ).

وقال الله: (أُوْلَٰٓئِكَ ‌جَزَآؤُهُم ‌مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ).

مواضيع ذات صلة