ثبت بالأدلة العقلية والنقلية أن الله واحد في صفاته وأفعاله، فلا يشبه شيئا، ولا يشبهه شيء، وأنه هو الخالق لكل شيء.
الدليل على كون الله خالقا
ورد في القرآن الكريم الكثير من الأدلة التي تؤكد على أن الله هو الخالق لكل شيء من ذلك قول الله:
(قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ لَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعٗا وَلَا ضَرّٗاۚ
قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِي ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ).
وقال الله: (ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ)
فأثبت الله الخلق لنفسه ونفاه عن غيره، وهذا معناه أنه لا يجوز لأحد أن يدعي لنفسه قدرة على الخلق والإيجاد.
على أي شيء يحاسب الإنسان؟
وليس معنى أن الله هو الخالق أن الخلق مجبورون على أفعالهم، بل معنى هذا أن الله هو الذي خلق الفعل والإنسان هو الذي اكتسبه، قال الله: (تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡـَٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ).
والجزاء من الله للإنسان إنما يكون على الكسب؛ لأنه كاف للثواب والعقاب، قال الله: (لِيَجۡزِيَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ).
ومثال ذلك أن الله إذا علم أن العبد يختار الكفر يخلقه وييسره له على وفق ما أراده العبد.
وإذا علم أن العبد يختار الإيمان يخلقه وييسره له على وفق ما أراد العبد، فينسب الإيمان والكفر للعبد على سبيل الكسب، وينسبان لله على سبيل الخلق.
فلا يوصف بالإيمان والكفر إلا من اكتسبه وهو الإنسان، أما الله فهو خالق لهما فلا يوصف بهما.
صفة الحياة لله
مما يجب اتصاف الله به اتصافه بصفة الحياة، لأنها صفة تصحح اتصاف الله بالعلم والإرادة.
فمن كان حيا يجوز أن يكون عالما ومريدا وكل من كان عالما ومريدا وجب أن يكون حيا، ودليل تلك الصفة في قول الله: (ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ).
صفة العلم لله
مما يجب لله تعالى اتصافه بصفة العلم، ومعناه: صفة أزلية تنكشف بها الموجودات والمعدومات على ما هي عليه انكشافا لا يحتمل النقيض بوجه، وعلمه تعالى محيط بالأشياء كلها واجبها وجائزها ومستحيلها.
قال الله: (هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ).
صفة القدرة لله
صفة القدرة لله تعالى يتأتى بها الإيجاد والإعدام، فالإيجاد هو إعطاء الأمر بالوجود بعد العدم، والإعدام هو سلب هذا الوجود عن الموجود.
ومما يدل على اتصاف الله بصفة القدرة الكثير من الآيات منها قول الله: (أَوۡ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرۡيَةٖ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا
قَالَ أَنَّىٰ يُحۡيِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٖ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِاْئَةَ عَامٖ
فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ يَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَيۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمٗاۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ).
صفة الإرادة لله
هي صفة تخصص بعض الممكن ببعض ما يجوز عليه من وجود أو عدم، ومقدار وزمان، ومكان وجهة وصفة.
وكل شيء موجود أراد الله له الوقوع، فلا يقع في ملك الله إلا ما يريد، فما شاء الله كان أي أوجده، وما لم يشأ أن يوجد لا يوجد.
وسواء كان هذا الموجود أمرنا الله به أم نهانا عنه، فإن الله أوجد كل ما هو موجود من خير وشر لكن لم يأمرنا إلا بفعل الخير، وبهذا يتضح لنا أن الأمر غير الإرادة.
قال الله: (تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖۚ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدۡنَٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ
وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ).
الله الجليل الجميل الولي
الجليل هو العظيم الذي خضع لجلاله كل عظيم، واستحقر في جانب عظمته كل عظيم، وهو الذي عظم شأنه فلا يوازيه ولا يدانيه غيره.
والجميل هو المتصف بصفات الجمال والكمال من علم وحياة وقدرة وغيرها، منزه عن العيوب والنقائص.
والولي هو مالك الخلائق ومتولي أمورهم قال الله: (ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ).
وأما وصف العبد بالولي فمعناه من يحب الله ويحب أولياءه وينصره وينصر أولياءه ويعادي أعداءه.
معنى الظاهر والقدوس
الظاهر من أسماء الله ومعناه أنه المنزه عن كل ما لا يليق به، فهو ظاهر من جهة التعريف به، وباطن من جهة التكييف أي من جهة معرفة كنه الحقيقة.
وأما القدوس فهو العظيم عن كل نقص، وحقيقة القدوس الاعتلاء عن قبول التغير، فهو الذي لا يجوز عليه نقص في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فلا يلحقه نقص ولا تغير.
قال الله: (وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا).
معنى اسم الرب
الرب هو المالك المربي للخلائق، والرب في الأصل بمعنى التربية وهو أن تبلغ بالشيء إلى درجة الكمال شيئا فشيئا.
قال الله: (الحمد لله رب العالمين) أي أن الله يدبر أمرهم شيئا فشيئا.
والتربية تطلق ويراد بها متابعة شأن من تربيه، وهذا يستلزم الأمر والنهي والإعدام، فمعنى رب العالمين أنه ينشئهم ويرعاهم لا يأمرهم وينهاهم.
معنى اسم الله العلي والكبير
العلي هو المرتفع القدر المبرأ عن كل نقص، فليس العلو علو جهة ولا اختصاصا ببقعة.
والكبير ليس بكبر جثة وإنما هو نعت فيه استحقاق صفات الكمال، قال الله: (فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِيِّ ٱلۡكَبِيرِ).
للاطلاع على المزيد: