ما معنى اليأس وما حكمه؟ وما أنواع اليأس؟

اليأس معناه انقطاع الأمل وهو ضد الرجاء، وليس في هناك في كلام العرب كلمة في صدرها ياء بعدها همزة إلا هذه الكلمة.

اليأس بمعنى العلم

من معاني كلمة اليأس أنها تأتي بمعنى علم كما في وقل الله: (أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا).

معنى اليأس في اصطلاح العلماء

اليأس معناه القطع أن الشيء لا يكون وانقطاع الأمل في تحقيقه، وقال العزّ: “اليأس من رحمة الله: هو استصغار لسعة رحمته ومغفرته، وذلك ذنب عظيم وتضييق لفضاء جوده”.

معنى اليأس في القرآن

ورد اليأس في القرآن بمعنيين: أحدهما: القنوط كما في قول الله: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).

وثانيهما: العلم كما في قول الله: (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً).

حكم اليأس

اليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب لقول الله تعالى: (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).

توبة اليائس من الحياة

من يئس من الحياة بأن بلغت روحه الحلقوم وهي مرحلة الغرغرة، ورأى دلائل الموت وانقطع أمله في الحياة، وأراد التوبة لا تقبل توبته.

قال الله: (‌وَلَيۡسَتِ ‌ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا).

قال ابن رجب في كتاب اللطائف: “فمن تاب قبل أن يغرغر قبلت توبته؛ لأن الروح تفارق القلب عند الغرغرة فلا يبقى له نية ولا قصد”.

اليأس عند نزول الشر

من طبيعة الإنسان أنه إذا أنعم الله عليه بالخير من صحة أو مال ونال كل ما يطلبه أعرض عن طاعة الله، وابتعد عن طاعته، وإذا نزل به شر من فقر أو مرض كان شديد اليأس والقنوط من فرج الله الذي وعده الله للمؤمنين.

قال الله: (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ ‌كَانَ ‌يَئُوسًا).

لا تيأس من رحمة الله

لا تجعل اليأس حاجزا بينك وبين التوبة إلى الله، فمهما ارتكبت من الذنوب والمعاصي فلا تيأس من توبة الله عليك فالله أشد فرحا بتوبة عبده.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌لله ‌أشد ‌فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة،

معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ، وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال:

أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته، وعليها زاده وطعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده)[مسلم]

من يأس فقتل نفسه

عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم،

وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، لا يدع لهم شاذة ولا فاذة، إلا اتبعها يضربها بسيفه،

فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إنه من أهل النار).

فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه،

قال: فجرح الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه،

فخرج الرجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: (وما ذاك).

قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه،

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: (إن الرجل ‌ليعمل ‌عمل ‌أهل ‌الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة)[البخاري]

ما ورد في ذم اليأس

ورد الكثير من الآثار التي تؤكد ذم اليأس وأنه ليس من صفة المؤمن، فعن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: (أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله).

وقال مجاهد، في قوله تعالى: (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) قال: كما يئس الكفّار في قبورهم من رحمة الله تعالى، لأنّهم آمنوا بعد الموت بالغيب فلم ينفعهم إيمانهم حينئذ.

وقال محمّد بن عبد الملك بن هاشم، قال: سمعت ذا النّون المصريّ يقول في دعائه: اللهمّ، إليك تقصد رغبتي، وإيّاك أسأل حاجتي، ومنك أرجو نجاح طلبتي،

وبيدك مفاتيح مسألتي، لا أسأل الخير إلّا منك، ولا أرجوه من غيرك، ولا أيأس من روحك بعد معرفتي بفضلك.

Exit mobile version