الكبر في اللغة بمعنى العظمة، ومعناه في الاصطلاح هو خلق باطن يرى الإنسان به نفسه فوق المتكبر عليه، والكبر هو بطر الحق أي إنكاره، وغمط الناس أي احتقارهم.
معنى اسم الله المتكبر
المتكبر من أسماء الله ويعني أن الرفعة والشرف وكمال الذات لا يوصف به إلا الله تعالى، فالله هو العظيم ذو الكبرياء المتعالي عن صفات الخلق.
قال الغزاليّ: المتكبّر: “هو الّذى يرى الكلّ حقيرا بالإضافة إلى ذاته، ولا يرى العظمة والكبرياء إلّا لنفسه، فينظر إلى غيره نظر الملوك إلى العبيد،
فإن كانت هذه الرّؤية صادقة كان التّكبّر حقّا، وكان صاحبها متكبّرا حقّا، ولا يتصوّر ذلك على الإطلاق إلّا لله تعالى”.
معنى الكبرياء والعجب
الكبرياء هو الترفع عن الانقياد وذلك أمر لا يستحقه إلا الله، قال الله: (وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله -عز وجل-: (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما، قذفته في النار)[أبو داود]
وأما العجب فهو الزهو وكثرة السرور بالعمل، ويرى ابن حجر الهيتمي: “أن العجب هو استعظام النعمة والركون إليها مع نسيان إضافتها إلى الله تعالى”.
حكم الكبر
اتفق العلماء على أن الكبر من كبائر الذنوب، عن عبد الله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)[مسلم]
وقول النبي: (مثقال ذرة). يشمل تحريم قليل الكبر وكثيره، قال الشوكاني: والحديث يدل على أن الكبر مانع من دخول الجنة وإن بلغ من القلة إلى الغاية.
أسباب الكبر
للكبر أسباب تدعوا المتكبر للوقوع في هذه الكبيرة، ويبدأ هذا بعجب الإنسان بعمله، أو حبه الظهور والرياء بالعمل، ثم يتطور لأن يكون نوعا من الحسد والحقد على المتكبر عليه.
مظاهر الكبر
الكبر له مظاهر كثيرة منها:
1 – تصعير الوجه، ومعناه ميل العنق والإشاحة بالوجه عن النظر كبرا، قال الله: (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور).
2 – الاختيال في المشي تبخترا وتعاليا، قال الله: (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها).
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بينما رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مرجل جمته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة)[البخاري]
3 – الترفع عن مجالسة من هو أدنى منزلة كما فعل المشركون لما رفضوا مجالسة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يطرد الفقراء من عنده حتى يجالسوه فقال الله:
(وَلَا تَطۡرُدِ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ مَا عَلَيۡكَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَمَا مِنۡ حِسَابِكَ عَلَيۡهِم مِّن شَيۡءٖ فَتَطۡرُدَهُمۡ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ).
4 – حبه أن يتمثل الناس قياما له، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار)[الترمذي]
علاج الكبر
قال ابن قيم الجوزية: إن الكبر من المهلكات، ومداواته فرض عين، ولك في معالجته مقامان:
الأول: في استئصال أصله وقطع شجرته، وذلك بأن يعرف الإنسان نفسه، ويعرف ربه، فإنه إن عرف نفسه حق المعرفة، علم أنه أذل من كل ذليل،
ويكفيه أن ينظر في أصل وجوده بعد العدم من تراب، ثم من نطفة خرجت من مخرج البول، ثم من علقة، ثم من مضغة، فقد صار شيئا مذكورا بعد أن كان جمادا لا يسمع ولا يبصر ولا يحس ولا يتحرك،
فقد ابتدأ بموته قبل حياته، وبضعفه قبل قوته، وبفقره قبل غناه، وقد أشار الله تعالى إلى هذه بقوله: (من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره)
وبقوله: (فجعلناه سميعا بصيرا) فأحياه بعد الموت، وأحسن تصويره، وأخرجه إلى الدنيا فأشبعه وأرواه، وكساه وهداه وقواه، فمن هذه بدايته فأي وجه لكبره وفخره؟
والثاني: من اعتراه الكبر من جهة النسب، فليعلم أن هذا تعزز بكمال غيره، ثم يعلم أباه وجده، فإن أباه القريب نطفة قذرة، وأباه البعيد تراب.
ومن اعتراه الكبر بالجمال فلينظر إلى باطنه نظر العقلاء، ولا ينظر إلى ظاهره نظر البهائم.
ومن اعتراه من جهة القوة، فليعلم أنه لو آلمه عرق عاد أعجز من كل عاجز، وإن شوكة دخلت في رجله لأعجزته، وبقة لو دخلت في أذنه لأقلقته.
ومن تكبر بالغنى، فإذا تأمل خلقا من اليهود وجدهم أغنى منه، فأف لشرف تسبقه به اليهود، ويستلبه السارق في لحظة، فيعود صاحبه ذليلا.
ومن تكبر بسبب العلم، فليعلم أن حجة الله على العالم آكد من حجته على الجاهل،
وليعلم أيضا: أن الكبر لا يليق إلا بالله تعالى، وأنه إذا تكبر صار ممقوتا عند الله بغيضا عنده، وقد أحب الله تعالى منه أن يتواضع، وكذلك كل سبب يعالجه بنقيضه، ويستعمل التواضع. باختصار من مختصر منهاج القاصدين
درجات الكبر
قال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين: اعلم أنّ العلماء والعبّاد في آفة الكبر على ثلاث درجات:
الأولى: أن يكون الكبر مستقرّا في قلب الإنسان منهم، فهو يرى نفسه خيرا من غيره، إلّا أنّه يجتهد ويتواضع، فهذا في قلبه شجرة الكبر مغروسة، إلّا أنّه قد قطع أغصانها.
الثّانية: أن يظهر لك بأفعاله من التّرفّع في المجالس، والتّقدّم على الأقران، والإنكار على من يقصّر في حقّه،
فترى العالم يصعّر خدّه للنّاس كأنّه معرض عنهم، والعابد يعيش ووجهه كأنّه مستقذر لهم، وهذان قد جهلا ما أدّب الله به نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم-. حين قال: (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
الدّرجة الثّالثة: أن يظهر الكبر بلسانه كالدّعاوى والمفاخرة، وتزكية النّفس، وحكايات الأحوال في معرض المفاخرة لغيره، وكذلك التّكبّر بالنّسب، فالّذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب.
أنواع الكبر
للكبر أنواع منها:
الكبر على الله، وهو أفحش أنواع الكبر، والكبر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يمتنع عن الانقياد له، والكبر على العباد بأن يستعظم نفسه ويحتقر غيره.