تعرف على الأسس الأخلاقية في النظام الاقتصادي الإسلامي
النظرة الإسلامية للاقتصاد ليست قائمة فقط على جلب الرفاهية للإنسان وتحقيق الغلبة بالمال فحسب، وإنما الإسلام له نظرة أعمق من ذلك بكثير، منها:
سد حاجة الإنسان
الإنسان له حوائج ضرورية لا يستطيع الحياة بدونها من هذه الحوائج الطعام والشراب والمأوى وغير ذلك مما لا تستتقيم حياة الإنسان بدونه.
من أجل ذلك أمر الإسلام الإنسان ألا يستسلم للعجز والكسل وأن يعمل حتى يسد حوائجه الضرورية ولا يحتاج لسؤال الناس.
فقال الله: (فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ).
وامتن الله على العباد بأن سهل لهم السير في الأرض لطلب معاشهم وأرزاقهم فقال الله: (هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ).
الاستغناء عن سؤال الناس
من أكثر الأمور التي يكرهها الإسلام أن يكون هناك أناس عالة يطمعون في أخذ المال بدون جهد وتعب من أيدي العاملين الكادحين.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما يزال الرجل يسأل الناس، حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم)[البخاري]
قال أبو العباس الآجري؛ قال: سألت أحمد بن حنبل عن رجل جلس في بيته وقال: لا أعمل ولا أسأل حتى يأتيني رزقي في بيتي.
فقال أحمد: هذا رجل جهل العلم، قال الله -عز وجل-: (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (جعل الله رزقي تحت ظل رمحي)، وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتجرون في البر والبحر، والقدوة بهم.
جلب النفع للناس
من الأسس الأخلاقية في النظام الاقتصادي الإسلامي جلب المنافع للناس، فليس معنى أن الإنسان يريد أن ينمي ماله أن يسلك أي طريق يوصله لهذا الهدف حتى ولو كان على حساب الجماعة الذين يعيش بينهم.
فلا يباح للإنسان أن يتاجر فيما يضر بعقول الناس وأجسامهم كالخمر والمخدرات، ولا ما يضر بدينهم ككتب الكفر والإلحاد، إنما الإسلام يأمر بفعل ما يكون فيه جلب المنافع للناس، وجعل في هذا أجرا للإنسان إذا انتفع منه آخر.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة)[البخاري]
أخوة الإسلام
من المبادئ التي أرساها الإسلام بين المسلمين هو مبدأ الأخوة والمساواة فالمسلم يتعامل مع المسلم كما يتعامل مع أخيه من أبيه وأمه لأن الذي يربط بينهما هو رابط الإيمان ورابط الإنسانية قبل ذلك، قال الله وهو يقرر هذه الحقيقة: (إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ).
ومن صفات المؤمنين أنهم أذلة على المؤمنين أي يعطف بعضهم على بعض، ويرحم بعضهم بعضا.
قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ).
إحساس المؤمن بأخيه
من الإسلام أن يكون المسلم عنده إحساس بأخيه المسلم، فلا يكون همه فقط هو جلب الربح لنفسه دون نظر لأي شيء آخر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع)[الأدب المفرد]
التمتع بالطيبات في الزينة
من فضل الله على الإنسان أنه أباح له التمتع بالطيبات فقال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ).
وباب الطيبات التي أباحها الله باب واسع فهناك الطيبات في الزينة واللباس فقال الله: (يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ).
وعن عبد الله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).
قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: (إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)[مسلم]
الطيبات من الزروع والثمار
ومن الطيبات تلك الزروع والثمار التي أخرجها الله من الأرض وأخرج منها ثمارها لمتعة الإنسان.
فقال الله: (أَمَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهۡجَةٖ مَّا كَانَ لَكُمۡ أَن تُنۢبِتُواْ شَجَرَهَآۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ يَعۡدِلُونَ).
الطيبات من الحيوان
ومن الطيبات تلك الحيوانات التي خلقها الله وفيها منافع للإنسان لحمله وحمل متاعه عليها والتي تكون له كالزينة، قال الله: (وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ).
الطيبات من اللهو البريء
وأباح الله لنا اللهو البريء الذي لا تركب معه المحرمات، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث: فاضطجع على الفراش وحول وجهه،
ودخل أبو بكر فانتهزني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال: (دعهما). فلما غفل غمزتهما فخرجتا.
وكان يوم عيد، يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- وإما قال: (تشتهين تنظرين).
فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: (دونكم يا بني أرفدة). حتى إذا مللت، قال: (حسبك). قلت: نعم، قال: (فاذهبي)[البخاري]
القيام بالمسئولية
ليس في الإسلام أحد يخلوا من المسئولية تجاه أي عمل يقوم به، وإنما يحاسب الإنسان على عمله فإن كان خيرا أجر عليه وإن كان شرا عوقب عليه، وكل سيحاسب عما قدم في دنياه.
قال الله: (يَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَيۡرٖ مُّحۡضَرٗا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوٓءٖ تَوَدُّ لَوۡ أَنَّ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَهُۥٓ أَمَدَۢا بَعِيدٗاۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ).