تعرف على الأسس التي يقوم عليها النظام الاقتصادي في الإسلام

الإسلام له نظرة في النظام الاقتصادي تحقق العدالة للجميع، ولا تنحاز لأحد على حساب أحد، كما يحدث في غيره من النظم الاقتصادية الأخرى.

الأسس الاعتقادية للنظام الاقتصادي

الإسلام يربط بين العقيدة والتطبيق العملي لها، فيعتبر أن النظام الاقتصادي إنما هو بمنزلة التطبيق العملي لتلك العقيدة التي يؤمن بها المسلم، فهو يؤمن أن التصور الاقتصادي الذي ورد في القرآن إنما هو تشريع إلهي من عند الله، أمر الله نبيه بتبليغه للناس.

فالمال والعمل هما الركيزتان الأساسيتان اللتان يقوم عليها النظام الاقتصادي في الإسلام، وليس هذا النظام خاضعا لأعراف ولا تقاليد كان عليها العرب وإنما هو تشريع إلهي يتجاوز حدود المكان والزمان.

قال الله: (‌ثُمَّ ‌جَعَلۡنَٰكَ ‌عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ).

المال مال الله والإنسان خليفة فيه

الأصل أن المال هو مال الله، قال الله: (وَءَاتُوهُم مِّن ‌مَّالِ ‌ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ ءَاتَىٰكُمۡۚ)، والإنسان مستخلف فيه ليختبر الله إيمانه ولينظر ما هو فاعل فيه، فيحاسبه الله على حلاله، ويعاقبه على حرامه، قال الله: (وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم ‌مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ).

وعن ‌أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، ‌فاتقوا ‌الدنيا، ‌واتقوا ‌النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)[مسلم]

تسخير الكون للإنسان

من أجل أن ينطلق الإنسان في هذا الكون لعمارته جعل الله الكون بكل ما فيه مسخرا لخدمته.

فالسماء بما فيها من نجوم وكواكب، والأرض بما فيها من بحار ومحيطات ودواب كله مسخر لخدمة الإنسان ليكون الإنسان قائما بامر خالقه.

قال الله: (ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ ‌وَسَخَّرَ ‌لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ لِتَجۡرِيَ فِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦۖ ‌وَسَخَّرَ ‌لَكُمُ ٱلۡأَنۡهَٰرَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَآئِبَيۡنِۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ)

وهذا التسخير يعني أن الله أراد منا أن ننتفع بما سخره الله لنا؛ لأنه ذكره في معرض الامتنان علينا لنزيد من قدراتنا المادية والروحية.

وبهذا يكون السعي لطلب الرزق والاستفادة مما خلق الله فيه تنفيذ لأمر الله، والتقاعص عن طلب الأرزاق يكون عصيانا وانحرافا عن أوامر الله.

قال الله: (‌قُلۡ ‌مَنۡ ‌حَرَّمَ ‌زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ).

النظرة الحقيقة للحياة

الحياة مجرد متاع زائل لا ثبات له، والكل عنها زائلون؛ لذا كان من الواجب أن نتعامل معها على أنها وسيلة للحياة الأبدية التي لا منتهى لها.

قال الله: (ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا ‌لَعِبٞ ‌وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ).

المال في نظر الإسلام

لم تكن نظرة الإسلام للمال نظرة عداء وإنما نظر الإسلام للمال على أنه عصب الحياة، بل لا أكون مبالغا إذا قلت إن المال هو حياة العصب.

فالمال هو غريزة فطرية فطر الله الإنسان على حبها، وبدون المال لا تستقيم الحياة، قال الله: (ٱلۡمَالُ ‌وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا).

حب الإنسان للمال غريزة فطرية

من الغرائز الفطرية التي فطر الله الإنسان عليها حب المال، وحب التملك من أجل ذلك أعطى الإسلام الإنسان حرية التملك وجمع المال بما شرعه الله له.

قال الله: (وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ ‌حُبّٗا ‌جَمّٗا) وقال الله: (وَإِنَّهُۥ ‌لِحُبِّ ‌ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ).

عناية الإسلام بالمال

مما يدل على عناية الإسلام بالمال هو أن الله تعالى ذكر المال في القرآن ستا وسبعين مرة ووضع التشريعات التي تتعلق بالمال بما يضمن تحقيق المصالح للناس من ناحية الكسب والإنفاق والتنمية.

الإسلام يحفظ المال من الضياع

من التشريعات التي وضعها الله في الجانب المالي أنه حرم أي معاملة من شأنها أن يترتب عليها أكل أموال الناس بالباطل، فحرم الله السرقة والنهب والاختلاس والغصب وأي نوع من أنواع الاعتداء على مال الغير بغير حق.

قال الله: (وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم ‌بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ).

وقال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم ‌بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا).

المال خادم للإنسان

المال في الإسلام ليس غاية في حد ذاته وإنما وظيفته أن يكون في خدمة الإنسان فلا ينبغي أن يكون غاية تشغلنا عن طاعة الله وعبادته.

إنما الحياة لها قيم أعلى من المال، فالمال ليس من الأسس التي على أساسها نعرف بها أقدار الناس، وإنما نعرف أقدار الناس بما يحملونه من إيمان وقيم ومبادئ، قال الله: (إِنَّ ‌أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ).

المال فتنة ونعمة

يصور الإسلام المال بصورتين فهو يعتبر المال فتنة إذا اعتبره الإنسان الغاية التي يسعى إليها وانحرف عن طريق الله، فهو بذلك يكون فتنة وضلالا للإنسان، قال الله: (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ ‌أَمۡوَٰلُكُمۡ ‌وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ).

لكن الإنسان إذا رعى حق الله في المال وحرص على طيب المصدر الذي يحصل على المال منه، وأنفقه في مصدر طيب، وأدى حق الله فيه كان هذا المال نعمة لله وأجر في الآخرة. فينال به عفة الدنيا وطهارتها وسعادة الآخرة،

لذلك سمى الله المال الطيب خيرا فقال الله: (كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن ‌تَرَكَ ‌خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ).

للاطلاع على المزيد:

Exit mobile version