تعرف على وصف الحياة الدنيا في القرآن الكريم
الحياة الدنيا مهما طال بقاؤها فهي إلى زوال، وهي دار العمل التي لا حساب فيها، وأما الدار الآخرة فهي دار البقاء، وهي دار الحساب التي لا عمل فيها.
الدنيا لا تذم لذاتها
هذه الدنيا لا تذم لذاتها؛ لأنها هي محل العمل، وهي التي بسببها يكتسب الإنسان سعادة الآخرة، فهي تذم إذا أضاعها لإنسان في غير طاعة الله، وتحمد إذا بذلها المرء في طاعة ربه وكانت سببا في نيله سعادة الآخرة.
الدنيا لعب ولهو
وصف الله الحياة الدنيا في القرآن بأنها لعب ولهو، فاللعب وقت يتلذذ الإنسان به ولا يستفيد منه شيئا في آجله، فإذا انقضى وقت لعبه وانتهى بقي نادما على إضاعة وقته دون فائدة.
وهكذا الدنيا إذا أضاعها الإنسان في لعب ولهو لا يبقى للإنسان إلا الحسرة والندامة، فمن عبد غير الله فقد اتخذ دنياه لعبا ولهوا، ومن جعل دينه وسيلة لكسب دنياه فقد اتخذ دنياه لعبا ولهوا، قال الله:
(وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ
وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلٖ لَّا يُؤۡخَذۡ مِنۡهَآۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبۡسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْۖ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ).
وقال الله: (ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَهۡوٗا وَلَعِبٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ نَنسَىٰهُمۡ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوۡمِهِمۡ هَٰذَا وَمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ).
الحياة مصيرها إلى زوال وفناء
بين الله في القرآن أن مثل زينة هذه الحياة الدنيا كمثل الماء النازل من السماء على الأرض وبسبب هذا الماء أخرجت الأرض الكثير من الزروع والثمار وتزينت الأرض وعظم الرجاء فيها والانتفاع بها
ثم وقع اليأس منها بموت هذا النبات، فهذا مثل لمن يتمسك بهذه الدنيا ويبذل نفسه من أجلها ويضيع على نفسه آخرته من أجل دنياه، عندما يأتيه الموت لا ينفعه شيء.
قال الله: (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ
حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
الدنيا مقارنة بالآخرة
الدنيا متاع قليل زائل، والآخرة هي دار القرار التي لا زوال لها، فهذه الدنيا هي أيام قليلة يستمتع فيها المرء ثم سرعان ما تنقطع وتزول.
وأما الآخرة فهي باقية دائمة والدنيا منقضية منقرضة، والدائم الذي لا يزول خير من المنقضي الذي سرعان ما يزول، وهذه الآخرة كما أن نعيمها دائم فكذلك عذابها دائم.
قال الله: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ).
وقال الله: (إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ)، وقال: (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ).
الاستمتاع بطيبات الدنيا
ليس معنى أن الله قلل لنا أمر الدنيا أن نحدث قطيعة بيننا وبين الدنيا فلا نتمتع بشيء من طيباتها.
وإنما الإسلام أباح لنا ما في الدنيا من طيبات لنستعين بها على أمر الآخرة، فلا نسرف في الاستمتاع ولا نحرم على أنفسنا طيباتها، من أجل ذلك أنكر الله على هؤلاء الذين يحرمون طيبات هذه الدنيا.
قال الله: (قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ).
الدنيا ليست غاية
إذا كان الله أباح لنا طيبات هذه الدنيا وأمرنا ألا نحدث قطيعة بيننا وبين هذه الدنيا فإنه في ذات الوقت عنف أولئك الذين يجعلون الدنيا هي غايتهم وهدفهم فلا يرون غيرها، وينسون آخرتهم التي هي مصيرهم.
فمن كان في غاية المحبة لدنياه دل ذلك على أنه في غاية الغفلة عن آخرته، فحب الدنيا وحده ليس مذموما إلا إذا صاحبه نسيان الآخرة.
قال الله: (ٱلَّذِينَ يَسۡتَحِبُّونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ).
وقال الله: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى)
تقديم الدنيا على الآخرة
هدد الله أولئك الذين يقدمون دنياهم على أخراهم، ويجعلون همهم ومقصدهم التمتع والتلذذ بمتع هذه الدنيا.
قال الله: (مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ).
فالله يعنف في القرآن رجلين أحدهما كفر باليوم الآخر، وأنكره، واعتقد أنه ليس هناك إلا الدنيا، وثانيهما رجل آثر الحياة الدنيا على الآخرة.
قال الله: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ).
المثل الأعلى
المثل الأعلى الذي ضربه الله للعباد هو أن ينال الإنسان متعة الدنيا وسعادتها، وأن يظفر بسعادة الآخرة.
قال الله: (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).
للاطلاع على المزيد: