النكاح سنة من سنن الله الماضية في الخلق، وهو خلق من أخلاق الأنبياء، فمن أراد عفة فرجه، وغض بصره عما حرمه الله فعليه بالنكاح.
هل الزواج أفضل أم الانقطاع للعبادة؟
اختلف العلماء في فضل الزواج فمنهم من فضل الانقطاع للعبادة على الزواج، ومنهم من فضل الزواج على الانقطاع للعبادة إذا كانت نفس الإنسان تتوق للجماع حتى لا يقع في المعصية وحتى لا يتشوش عقله فلا يؤدي العبادة على الوجه المطلوب.
الأمر بالنكاح في القرآن
ورد الأمر بالنكاح في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى: (وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَآئِكُمۡۚ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ).
الأمر بالنكاح في السنة
أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أمر الله به في القرآن من الأمر بالنكاح فقال:
(يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)البخاري
وهذا يدل على أن الترغيب في الزواج هو لخوف الوقوع في الفتنة، فيكون هذا سببا معينا للإنسان على أن يحفظ بصره فلا يطلقه في الحرام.
وأن يحفظ فرجه فلا يهتك به الأعراض، ولا ينتهك به الحرمات، فإذا لم يقدر على الزواج فإن الصيام يعين الإنسان على أن يحفظ نفسه لأنه مضعف للشهوة.
النهي عن عضل النساء
نهى الله عباده في القرآن الكريم عن منع الزوجات من الرجوع لأزواجهن إذا كن يردن ذلك فقال الله:
(وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ إِذَا تَرَٰضَوۡاْ بَيۡنَهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ مِنكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ ذَٰلِكُمۡ أَزۡكَىٰ لَكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ).
عن الحسن: (فلا تعضلوهن) قال: حدثني معقل بن يسار: أنها نزلت فيه، قال: زوجت أختا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له:
زوجتك وفرشتك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدا وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه.
فأنزل الله هذه الآية: (فلا تعضلوهن) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه.البخاري
الزواج من سنن الأنبياء
بين الله تعالى أن الزواج إنما هو سنة من سنن الأنبياء والمرسلين في وصف الرسل ومدحهم: (وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ).
وأكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ذكره القرآن فقال لهؤلاء الذين أرادوا أن يشددوا على أنفسهم:
(أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله أتي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)البخاري
طلب الذرية الصالحة
ذكر الله في معرض الامتنان سؤال الصالحين له أن يرزقهم بالذرية الصالحة فقال الله: (وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا).
الزواج نصف الدين
من فضائل الزواج أن من تزوج بامرأة صالحة يكون كأنما أتى بنصف الدين، وعليه أن يتق الله في النصف الثاني.
فعن أنسٍ -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: (مَنْ رزَقهُ اللهُ امْرأةً صالحةً؛ فقد أعانَهُ على شَطْرِ دينِه، فلْيَتقَّ الله في الشطرِ الباقي)الطبراني
أغلب الخطايا من الفروج
كان للزواج هذا الفضل العظيم لأن أغلب الفساد الذي يقع الإنسان فيه إنما هو من قبل شهواته، وأعتى هذه الشهوات هي شهوة الفرج؛
لذلك بين رسول الله أن من يحفظ شهوة فرجه ولسانه كان النبي ضامنا وكفيلا له بالجنة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)البخاري
طلب الولد الصالح
من فضائل طلب الولد الصالح أنه يكون من الأعمال الصالحة التي يخلفها الإنسان بعد موته ويصل إليه منه دعوة صالحة ولا يستطيع الإنسان أن يحصل على هذا الولد إلا بالزواج، فكان هذا أيضا مما يضاف لفضائل الزواج.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)الترمذي
فوائد الزواج
جعل الله انجذابا طبيعيا بين الرجل والمرأة يترتب على هذا الانجذاب الزواج الذي يكون كسر الشهوة عند الرجل والمرأة،
وقضاء الرجل حوائج المرأة، وقضاء المرأة حوائج الرجل، ثم يترتب على ذلك طلب الذرية التي يكون بها الأهل والعشيرة وبقاء النوع الإنساني.
قال الإمام الغزالي وهو يتكلم عن فوائد الزواج: “أن السيد إذا سلم إلى عبده البذر وآلات الحرث وهيأ له أرضاً مهيأة للحراثة وكان العبد قادراً على الحراثة ووكل به من يتقاضاه عليها فإن تكاسل وعطل آلة الحرث وترك البذر ضائعا حتى فسد ودفع الموكل عن نفسه بنوع من الحيلة كان مستحقاً للمقت والعتاب من سيده
والله تعالى خلق الزوجين وخلق الذكر والأنثيين وخلق النطفة في الفقار وهيأ لها في الأنثيين عروقاً ومجاري وخلق الرحم قراراً ومستودعاً للنطفة
وسلط متقاضى الشهوة على كل واحد من الذكر والأنثى فهذه الأفعال والآلات تشهد بلسان ذلق في الإعراب عن مراد خالقها وتنادى أرباب الألباب بتعريف ما أعدت له”.
الأسباب التي تمنع من الزواج
من الأمور التي تمنع الإنسان من النكاح أن يعجز الإنسان عن الزواج وهذا العجز قد يكون من الناحية المادية وقد يكون من الناحة البدنية.
أو أن يكون الإنسان فاجرا لا يحفظ نفسه عن الوقوع في المعاصي، فهذا مما يجعله زاهدا في أمر الزواج.
الأمور التي تزهد الإنسان في النكاح
مما يجعل الإنسان زاهدا في أمر الزواج هو الكلفة وعظم القيام بمسئولية الزوجة والأولاد، وقد قيل : قلة العيال أحد اليسارين وكثرتهم أحد الفقرين.
وسئل أبو سليمان الداراني عن النكاح فقال: “الصبر عنهن خير من الصبر عليهن والصبر عليهن خير من الصبر على النار”.
آفات الزواج
من آفات الزواج التوسع في طلب الحلال لأن أمر النكاح يحتاج للتوسع في أمور الدنيا فربما اتبع هواه ودخل مداخل السوء، وهذه آفة قل من يتخلص منها إلا من وسع الله عليه من حلال.
ومن آفات الزواج العجز عن القيام بحق الزوجة والصبر عليها واحتمال أذاها، وهذا يكون فيه شغل للإنسان عن الله وربما أدى به للتقصير في طاعة ربه.
للاطلاع على المزيد: