الرفق والرحمة بالأطفال من الأسس التربوية الناجحة، وتخير الوقت المناسب لتقديم الموعظة للطفل، والاعتدال والتوسط في التربية من أهم أسس التربية.
الرفق والرحمة بالأطفال
لا يؤتي الإرشاد والتوجيه ثمرته إلا في جو من اللطف والرفق والرحمة، فإن هذا من شأنه أن يحول العداوة لمحبة.
قال الله: (وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ).
وحث الله على مبدأ العفو والتسامح فقال: (خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ).
وعن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)[مسلم]
تخير الوقت المناسب لنصح الطفل
من غير المقبول ألا يتخير المربي الوقت المناسب لولده ليقدم له النصيحة، وإنما ينبغي عليه أن يختار الوقت الذي يكون فيه الطفل عنده استعداد نفسي وذهني لتقبل الموعظة.
لأن الموعظة أو النصيحة إذا كانت في غير وقتها فقدت مفعولها وخرج الطفل منها كما دخل فيها دون فائدة.
وهذا هو المنهج الذي كان يتعامل به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه حيث كان يتخير أوقات نشاطهم وتقبلهم لسماع الموعظة.
عن شقيق قال: كنا ننتظر عبد الله إذ جاء يزيد بن معاوية، فقلنا: ألا تجلس؟ قال: لا، ولكن أدخل فأخرج إليكم صاحبكم وإلا جئت أنا فجلست، فخرج عبد الله وهو آخذ بيده، فقام علينا فقال:
أما إني أخبر بمكانكم، ولكنه يمنعني من الخروج إليكم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتخولنا بالموعظة في الأيام، كراهية السآمة علينا)[البخاري]
تعليم آداب الطعام للطفل
لقد كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتحين الوقت المناسب للموعظة فإذا وقع الطفل في خطأ وجد الوقت مناسبا لإصلاح هذا الخطأ حتى لا يعتاد على فعله، أو لا يظن أن سكوتنا إقرار له.
عن عمر بن أبي سلمة يقول: كنت غلاما في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. فما زالت تلك طعمتي بعد)البخاري
النصيحة حال الاحتضار
كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- غلام يهودي يقوم على خدمته فلما حضرته الوفاة دعاه رسول الله إلى الإسلام فأسلم.
عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: (أسلم).
فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار)[البخاري]
التوسط والاعتدال مع الأطفال
خير الأمور أوسطها، والطفل الصغير مازال عوده طريقا لا يتحمل الأخذ بالشدة وإنما يحتاج للتوسط والاعتدال في المعاملة، فقد أوصانا رسول الله بالتوسط مع الكبار فما بالك بالصغار.
عن أبي مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله، إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها.
فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضبا منه يومئض، ثم قال:
(يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فمن أم الناس فليتجوز، فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة)[البخاري]
تجنب شدة الغضب
الغضب الشديد يغلق عقل الإنسان فلا يرى إلا الانتقام، وإذا تعامل المربي مع الطفل بهذه النفسية ستكون العواقب وخيمة والضرر أشد.
من أجل ذلك حذر رسول الله من الغضب الذي يغلق على الإنسان عقله.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رجلا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أوصني، قال: (لا تغضب). فردد مرارا، قال: (لا تغضب)[البخاري]
فليس الشديد الذي يصرع الرجال إنما الشديد من الناس من يتحكم في غضبه ويسيطر على نفسه.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)[البخاري]
المساواة بين الأبناء
من أخطر الأمور التي توغر صدور الأبناء وتوقع بينهم العداوة والبغضاء عدم المساواة بينهم في المعاملة، لأنه يترتب عليه الحقد والغل والكره، لذلك حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك.
عن النعمان بن بشير قال: (تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفعلت هذا بولدك كلهم؟) قال: لا. قال: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة)[مسلم]
اترك كثرة اللوم للطفل
كثرة اللوم والعتاب من الأمور التربوية الخاطئة التي لها مردود سلبي على نفسية الطفل، لأن هذا يجعل الطفل يألف التقصير ويستهين باللوم.
عن أنس -رضي الله عنه- قال: (خدمت النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا: لم صنعت؟ ولا: ألا صنعت)[البخاري]
ترك التعدي على حق الطفل
الأطفال لهم حقوق يجب على الآباء ألا يتعدوا عليها؛ لأنهم إن تعدوا على حقوقهم اليوم سينشئون على التعدي على حقوق الآخرين، فإن كان لهم حق وأردنا أخذه وجب على المربي أن يستاذنه في ذلك.
عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقدح فشرب، وعن يمينه غلام هو أحدث القوم، والأشياخ عن يساره، قال:
(يا غلام، أتأذن لي أن أعطي الأشياخ). فقال: ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحدا يا رسول الله، فأعطاه إياه)[البخاري]
للاطلاع على المزيد:
- تربية الطفل على تعريفه بحقوق الآباء على الأبناء والبر لهما
- الاهتمام بالنظافة الشخصية للأطفال وحمايتهم من الأمراض
- معاملة النبي للأطفال ورحمته بهم، تعرف على ذلك
- ما هي الأسس التي وضعها الإسلام للتربية الجنسية للطفل؟
- رحمة النبي بالأطفال ومدحه وتشجيعه لهم
- كيفية التنشئة السليمة للطفل على العقيدة الإسلامية