موضوعات اسلامية

تعرف على الأسس التربوية الصحيحة في تأديب الأطفال

تأديب الطفل من الأساليب التربوية الضرورية التي لا غنى عنها لأي مربي، وهذا التأديب ليس عملا انتقاميا يلجأ إليه المربي، وإنما هو أسلوب ردع يقصد منه التقويم إذا فشلت الطرق الأخرى.

تأديب الطفل في الصغر

من أنفع الأساليب التربوية في تأديب الطفل أن تتم هذه العملية في الصغر، فمن لم يربه أبوه صغيرا لا تصلح معه التربية كبيرا.

فغرس القيم والتربية الحسنة في الصغر تساعد الطفل على أن ينشأ نشأة صالحة، وأن ترسخ الفضائل في نفسه فلا يشعر بمعاناة أثناء تطبيقها، والالتزام بها،

والتأديب في الصغر يحول الطفل من الطبع المذموم إلى الطبع المحمود.

تصحيح الأفكار الخاطئة للطفل

قد يخطئ الطفل لأنه لا يعرف الصواب، أو أنه يظن أن هذا الخطأ هو الصواب، فيتصرف تصرفا خاطئا ليس عن تعمد وإنما لأنه تلتبس المفاهيم عنده، فهو في كلا الحالين يحتاج لمن يرفق به ليصحح له الخطأ الذي وقع فيه.

عن عائشة -رضي الله عنها- أن يهود أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم، ولعنكم الله، وغضب الله عليكم.

قال: (مهلا يا عائشة، ‌عليك ‌بالرفق، وإياك والعنف والفحش). قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: (أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في)[البخاري]

وتصحيح المفاهيم الخاطئة يكون بما يتناسب مع حال الطفل، فهناك طفل تكفيه الإشارة ليصحح خطأه، وهناك من  لا تنفع الإشارة معه وإنما يحتاج للكلام بلطف ولين أو يحتاج للزجر ليلتزم بما هو واجب عليه.

تصحيح الخطأ بالإشارة للطفل

فأما التصحيح بالإشارة فهو مثل ما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الفضل بن العباس.

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الفضل رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه،

وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ‌يصرف ‌وجه ‌الفضل إلى الشق الآخر، فقالت:

يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه. قال: (نعم). وذلك في حجة الوداع)[البخاري]

تصحيح الخطأ بالزجر للطفل

وأما تصحيح الخطا بالزجر فهو ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الحسن بن علي ابن ابنته فاطمة.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه.

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كخ كخ). ليطرحها، ثم قال: (أما شعرت أنا ‌لا ‌نأكل ‌الصدقة)[البخاري]

تصحيح الخطأ بالتوبيخ للطفل

قد يكون تصحيح الخطا بالتوبيخ واللوم على فعل ما حتى لا يعود صاحبه لهذا الأمر مرة أخرى.

عن المعرور قال: لقيت أبا ذر بالربدة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-:

(يا أبا ذر، ‌أعيرته ‌بأمه، إنك امرو فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)[البخاري]

تصحيح الخطأ بصورة عملية

قد يخطئ الطفل أحيانا في أمر من الأمور لأنه يجهل ما ينبغي عليه القيام به، فيكون الأنفع له في تلك الحالة أن نقوم بتعليمه ما ينبغي عليه فعله بصورة عملية.

عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بغلام وهو يسلخ شاة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌تنح ‌حتى ‌أريك)

فأدخل يده بين الجلد واللحم، فدحس بها حتى توارت إلى الإبط، ثم مضى فصلى للناس ولم يتوضأ)[أبو داود]

تأديب الطفل بهجره

عندما يصر الطفل على ارتكاب الخطأ وتكريره فلابد للمربي أن يلجأ لطرق تأديبية أشد زجرا حتى لا يكرر هذا الأمر.

عن عبد الله بن مغفل أنه رأى رجلا يخذف، فقال له: لا تخذف، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخذف، أو كان يكره الخذف، وقال:

(إنه لا يصاد به صيد ولا ينكأ به عدو، ولكنها قد تكسر السن، وتفقأ العين).

ثم رآه بعد ذلك يخذف، فقال له: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن الخذف أو كره الخذف، وأنت تخذف، ‌لا ‌أكلمك ‌كذا ‌وكذا)[البخاري]

تذكير الطفل المخطئ بمن تم عقابه

من طرق التأديب أن يقوم المربي بتذكير الطفل بمن أخطأ قبله وكيف تم عقابه، فإن ذلك يكون فيه زجر له عن ارتكاب الخطأ.

وهذا من الوسائل التي أمر الإسلام بها، حيث أمر في إقامة الحد على جريمة الزنى أن يتم ذلك على مرأى ومسمع من الناس حتى يكون تطبيق الحد زاجرا للمخطئ، وزاجرا لمن يشاهد إقامة الحد.

قال الله تعالى: (ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ ‌وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ).

ضرب الطفل العاق

هناك من الأطفال من لا يجدي النصح معهم شيئا، ويصرون على المخالفة، فأمثال هؤلاء لابد من التدرج في وسيلة التأديب معهم باستخدام الضرب.

لكن الضرب له آداب ينبغي على المربي أن يلتزم بها، منها أن يبدأ الضرب من سن العاشرة، وهذا الضرب لا يكون دائما مستمرا لأن الاستمرار عليه يفقده مفعوله ويجعل الطفل يعتاد عليه فلا يتأثر به.

وإنما ينبغي أن يشعر الطفل بلذة وحلاوة الاحترام والتقدير وأن يشعر بمرارة الضرب والإهانة حتى يتوقى ما يوقعه في ذلك.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين).

وأداة الضرب لها مواصفات لابد وأن يلتزم بها من يقوم بتأديب الطفل بحيث لا تجرح لحما ولا تكسر عظما ولا تشوه وجها، وإنما كل الغاية منها هي الإيلام؛ لئلا يعود للفعل مرة أخرى.

وهذا الإيلام يكون للجلد فلا يصل إلى اللحم والعظم، وهذا مستفاد من قول الله: (فاجلدوا) في قول الله: (ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ).

توقي ضرب الطفل أثناء الغضب

من الأمور التي تضر ولا تنفع أن يقوم الوالد بمعاقبة ولده أثناء غضبه فيكون الضرب ضرب انتقام يؤدي في النهاية لإيقاع الأذى بالطفل.

لكن ينبغي على المربي أن يعطي نفسه مهلة من الوقت حتى يذهب عنه الغضب فيكون عنده قدرة أكبر على التفكير ويدرك أن قيمة ولده أكثر من قيمة الشيء الذي أتلفه، وأنه لا يضربه من باب الانتقام منه وإنما يضربه ليقوم سلوكه وليؤدبه.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أوصني، قال: (‌لا ‌تغضب). فردد مرارا، قال: (‌لا ‌تغضب)[البخاري]

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة