الإساءة للزوجة من الأمور التي حرمها الإسلام، فما صور تلك الإساءة؟
يوجد العديد من صور إساءة الزوج للزوجة وكلها توقع نوعا من الظلم والقهر بالمرأة، فمن أجل حماية المرأة من هذا الظلم وضع الإسلام التشريعات التي تمنع وقوع هذا الأمر.
ظلم المرأة
من المعاملة السيئة التي حرمها الإسلام على الزوج أن يسيء صحبة زوجته بإيقاع الظلم عليها، فإن ذلك من الإساءة التي يحرمها الإسلام.
لذلك أوجب الله على الأزواج معاشرة الزوجات بالمعروف، فقال: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا).
فمن المعروف أن يعطي الزوج لزوجته حقها، وألا يؤذيها بالكلام الجارح، وأن تكون معاملته لزوجته ورحمته بها أكثر من الغرباء، فهي أولى بإحسانه ومعروفه، فإن كره منها خلقا فالأولى له أن يذكر محاسنها فلعل الخير فيها.
إساءة المعاملة
مما حرمه الإسلام على الزوج إساءة معاملة الزوجة، فربما يكون الرجل لطيفا ظريفا في معاملته مع الآخرين، لكنه بمجرد أن يدخل بيته يتحول حاله من الإحسان إلى الإساءة، ولا يرى أهله منه إلا سوء المعاملة.
لقد أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن نظهر جانب الخير الذي فينا لأهلنا أولا فهم أولى ببرنا من الغرباء فقال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)[الترمذي]
كره الزوج لزوجته
بعض الأزواج أحيانا يضمرون كرها لزوجاتهم لمجرد أنهم يرون صفات معينة في زوجاتهم لا يرضون عنها.
بينما زوجاتهم يشتملن على صفات أخرى يرضون عنها، لكنهم لا يذكرون لها إلا السيء، ولا يذكرون الحسن من صفاتها.
وهذا أمر فيه ظلم للمرأة فليس هناك أحد كامل في كل صفاته، حتى الرجل نفسه الذي ينكر ذلك على زوجته فيه الحسن والسيء من الصفات.
لذلك أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا نكره زوجاتنا لمجرد أنها تفعل شيئا لا نرضى عنه، فربما يكون لها جوانب أخرى نحبها، فليس هناك أحد كامل المحاسن والأخلاق، فقال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)[مسلم]
إهمال الزوج لمظهره أمام زوجته
من الأمور التي ينبغي على الزوج أن يهتم بها أمام زوجته أن يظهر الاهتمام بالمظهر الحسن حتى لا تنفر منه.
فإن الشرع كما طلب من الزوجة أن تهتم بمظهرها لزوجها كذلك طلب منه أن يهتم بظاهره، قال ابن عباس: “إني أحب أن أتزين لها كما أحب أن تتزين لي”.
بخل الزوج بوقته على زوجته
ينبغي على الزوج أن يعطي لزوجته جزءا من وقته ليرفه عنها، ولا يتعلل بأن وقته لا يسمع بأن يعطيها جزءا من وقته؛ لأنها جزء من حياته الأساسية.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرغم من كثرة مشاغله إلا أنه كان لا يبخل بوقته على زوجاته ليرفه عنهن.
عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: (هذه بتلك السبقة)[أبو داود]
امتناع الزوج عن مجامعة الزوجة
من حق الزوجة على زوجها ألا يمتنع عن معاشرتها، فهذا حق لها من زوجها كما أن من حق الرجل ألا تمتنع زوجته عنه فهو من الحقوق المتبادلة.
فالجماع أمر لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال الزواج، فقد أوجب الإسلام على الزوجة ألا تمتنع عن زوجها.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح)[البخاري]
وأما الزوج إذا امتنع عن زوجته وحلف ألا يقربها فهذا يسمي بالإيلاء، والشرع يعطي أقصى مدة أربعة أشهر، فإذا زاد عن ذلك خيّر القاضي الزوج بين أن يرجع لزوجته، فإذا امتنع طلق القاضي عليه زوجته إذا طلبت الزوجة ذلك.
فقد كان الرجل في الجاهلية يحلف على زوجته إذا غضب منها ألا يطأها السنة والسنتين أو ألا يطأها أبدا، وقد تقضي المرأة عمرها كالمعلقة فلا هي زوجة تتمتع بحقوق الزوجة ولا هي مطلقة تستطيع أن تتزوج برجل آخر.
فلما جاء الإسلام حرم ذلك ووضع له ضواط حيث حدد بمدة أربعة أشهر، وألزم الزوج بالرجوع لمعاشرة زوجته أو يطلقها.
قال الله: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
حرمان الزوجة من الميراث
المرأة لها حق في الميراث سواء كانت ابنة أو زوجة، فلها حق الميراث من أبيها أو أمها أو من أي واحد حدد الشرع لها نصيبا منه سواء كان قليلا أو كثيرا.
قال الله: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا).
وحدد الإسلام للزوجة ميراثا من زوجها وللزوج من زوجته فقال الله: (وَلَكُمۡ نِصۡفُ مَا تَرَكَ أَزۡوَٰجُكُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٞ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡنَۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصِينَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖۚ
وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡتُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّكُمۡ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَكُمۡ وَلَدٞ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكۡتُمۚ مِّنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ تُوصُونَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖۗ).
ويعد أن فصّل الله أحكام المواريث وقدرها تقديرا دقيقا هدد هؤلاء الذين يمنعون أصحاب المواريث من أن ينالوا حقوقهم فقال الله:
(تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ)