العقيدة الإسلامية

تعرف على أدلة وحدانية الله وتفرده بالخلق والعبادة

ساق القرآن حشدا هائلا من الأدلة التي تدل على وحدانية الله تعالى وتفرده بالخلق والإبداع، وأنه المستحق وحده للعبادة دون سواه، فضرب الله الأمثال لذلك وناقش العقول.

دعوة الأنبياء واحدة

مما يؤكد على وحدانية الله أن كل الرسالات التي جاء بها الأنبياء تدعوا لأمر واحد وهو عبادة الله وحده دون سواه.

قال الله: (‌وَمَآ ‌أَرۡسَلۡنَا ‌مِن ‌قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ).

فكل الرسالات متفقة في جوهرها فهي تدعوا الناس إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وأصول الديانات.

وأما الاختلاف بين رسالات الأنبياء إنما هو اختلاف في الفروع وبعض التشريعات حيث شرع الله لكل قوم في كل زمان ما يتناسب مع حالهم.

قال الله: (‌شَرَعَ ‌لَكُم ‌مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ

أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِينَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَيۡهِۚ ٱللَّهُ يَجۡتَبِيٓ إِلَيۡهِ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَن يُنِيبُ).

فرسالات الأنبياء يكمل بعضها بعضا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌مثلي ‌ومثل ‌الأنبياء، كرجل بنى دارا، فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون ويقولون: لولا موضع اللبنة)[البخاري]

ضرب الأمثال

من أهم الأدلة والبراهين التي ساقها الله للدلالة على أنه لا معبود سواه ضرب الأمثال التي تقرب المعنى البعيد وتصور المعقول بالمحسوس حتى لا يكون هناك لبس أو غموض في فهم المعنى المراد.

قال الله : (‌ضَرَبَ ‌ٱللَّهُ ‌مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَمَن رَّزَقۡنَٰهُ مِنَّا رِزۡقًا حَسَنٗا فَهُوَ يُنفِقُ مِنۡهُ سِرّٗا وَجَهۡرًاۖ هَلۡ يَسۡتَوُۥنَۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ)

فضرب الله المثل هنا لعبد مملوك لا يقدر على التصرف في شيء، ورجل آخر حر مالك لأمر نفسه عنده مال وفير ينفق منه كيف يشاء.

فأما العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء فهو مثل لتلك الألهة المزعومة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ولا تقدر على جلب نفع أو دفع ضر عن نفسها.

وأما الحر الذي يملك المال وينفق منه كيف يشاء فهو مثل لله المالك لكل شيء ولا يغيب عنه شيء ويقدر على فعل كل شيء.

هل يستويان في حكم العقل أيها الجهلاء، الحمد لله فهذا ثناء من الله على نفسه يأمر به العقلاء أن يحمدوا الله الذي علمهم وأرشدهم، بل أكثر هؤلاء المشركين لا يميزون بين الحق والباطل لانطماس بصائرهم.

التحدي والمقارنة

من الأساليب التي لجأ إليها القرآن لتقرير حقيقة وحدانيته وتفرده بالخلق والعبادة أسلوب التحدي والمقارنة لهؤلاء المشركين بأن يخلقوا مثل ما خلق فقال الله: (‌أَفَمَن ‌يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ).

وهذا استفهام فيه توبيخ وإنكار على هؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله، وختام الآية بقوله: (أفلا تذكرون). فيه توبيخ آخر عليهم، والمعنى أبلغ بكم السفه والحمق أن تسووا بين الخالق والمخلوق.

دليل الوحدانية من القرآن

ورد في القرآن الكريم الكثير من الأدلة التي تقرر حقيقة وحدانية الله وتفرده بالخلق واستحقاقة للعبادة وحده دون سواه فقال الله:

(وَإِلَٰهُكُمۡ ‌إِلَٰهٞ ‌وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ) وقال الله: (إِنَّمَا ٱللَّهُ ‌إِلَٰهٞ ‌وَٰحِدٞۖ ) وقال الله: (قُلۡ إِنَّمَا هُوَ ‌إِلَٰهٞ ‌وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ).

دليل وحدانية الله بالعقل

لو افترضنا أن العالم له إلهان، وأراد أحدهما أن يوجد شيئا، وأراد الآخر إعدامه، فإما أن يتم مرادهما معا وهذا مستحيل؛ لأنه يلزم اجتماع الضدين، واجتماع الضدين مستحيل.

وإما ألا يتم مرادهما معا وهذا أيضا مستحيل لأن هذا معناه العجز عليهما، والإله لا يكون عاجزا.

وإما أن يتم مراد أحدهما دون الآخر فيكون من عجز عن تنفيذ مراده عاجزا والعاجز لا يكون إلها، فبطل التعدد وثبتت الوحدانية لله.

ولو افترضنا وجود آلهة مع الله لقال أحدهما أريد أن تطلع الشمس اليوم، والآخر يقول لا أريدها أن تطلع.

وأحدهما يريد أن يجعل الليل مكان النهار والآخر يريد العكس ولو كان الأمر كذلك لفسد نظام هذا الكون، لكن انتظام الكون وسير كل شيء فيه بقدر يبطل التعدد ويثبت الوحدانية لله.

وهذا هو ما ذكره الله فقال: (لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ‌ءَالِهَةٌ ‌إِلَّا ‌ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ).

وقال الله: (مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ ‌مِنۡ ‌إِلَٰهٍۚ ‌إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ).

ويقول الإمام الشوكانى عن وجه التلازم بين التعدد والفساد: “ووجه الفساد أن كون مع الله إلهًا آخر يستلزم أن يكون كل واحد منهما قادرًا على الاستبداد بالتصرف، فيقع عند ذلك التنازع والاختلاف، ويحدث بسببه الفساد”.

دليل التمانع من أدلة الوحدانية

وكذلك من الأدلة على وحدانية الله دليل التمانع أي أنه لو كان هناك آلهة غير الله لنازعوه الملك وقاتلوه من أجل الاستعلاء على العرش لكن هذا لم يوجد فبطل التعدد وثبت الوحدانية لله.

قال الله: (قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا).

تقرير الوحدانية بالرد على المخالف

أكد القرآن الكريم أنه لا تعدد في الآلهة فليس هناك إله غير الله يشبهه في ذاته وصفاته، فلا تركيب في ذاته، وليس له والد ولا ولد.

قال الله: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ).

وقال الله: (قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ‌لَمۡ ‌يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ)

مواضيع ذات صلة