هناك أسس لابد من إقامة بنيان الأسرة عليها حتى تكون على أساس متين، وحتى تقوى أوصر الترابط فيها بين أفرادها فتكون لبنة قوية في بناء المجتمع.
التدقيق في اختيار الزوجين
الزواج لا يقتصر أمره على مجرد إشباع الغريزة بل إن أمر الغريزة في الحياة الزوجية لا يأخذ المساحة الأكبر،
وإنما هناك ما هو أهم من ذلك، فهناك النشئ الذي يحتاج لعناية ورعاية وتربية على أساس من الإيمان والأخلاق،
وهذا لا يكون بامرأة فاقدة للدين، لذلك حرم الله علينا الزواج من الوثنيات المشركات فقال الله: (وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ وَلَأَمَةٞ مُّؤۡمِنَةٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكَةٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡۗ ).
وحرم الله كذلك على المرأة الزواج من غير المسلم فقال الله: (وَلَا تُنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤۡمِنُواْۚ وَلَعَبۡدٞ مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡۗ).
وأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن نبحث عن صاحبة الدين التي تصون زوجها في غيبته وتحفظه في ماله وتسره إذا نظر إليها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)[البخاري]
وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة أيضا أن تقبل بصاحب الدين المناسب والمكافئ زوجا لها فقال:
(إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض)[الترمذي]
معرفة المحرمات من النساء
المحرمات من النساء على نوعين فهناك محرمات على سبيل التأبيد بسبب القرابة أو المصاهرة أو الرضاع وهن من ورد ذكرهن في قول الله:
(حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُمۡ وَعَمَّٰتُكُمۡ وَخَٰلَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ
وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ وَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنۡ أَصۡلَٰبِكُمۡ)
وهناك محرمات على سبيل التأقيت فإذا زال السبب حل الزواج، كحرمة الجمع بين الأختين، فإذا ماتت زوجة الرجل أو طلقها حل له الزواج بأختها.
وزوجة الغير لا يحل الزواج بها حتى يطلقها زوجها وتنتهي عدتها، قال الله: (وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ).
وهذا التحريم احتراما لصلة القرابة ولمن يريد التزوج بهن حتى لا تنتهك حرمة تلك القرابة وإذا وقع هذا الزواج يكون باطلا.
الخطبة قبل الزواج
من مقدمات عقد الزواج الخطبة التي تكون كالوعد بالزواج وهي فترة يختبر فيها كل من الزوجين الآخر حتى لا يتفاجئ كل منهما بعد الزواج بما لم يكن يتوقعه ولا في حسبانه، فيكون كل منهما على بينة من أمر الآخر فإما أن يأخذ قراره بالإقدام أو بالإحجام.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصي الخاطب أن ينظر لمخطوبته حتى يكون هذا النظر إما سببا في الإحجام أو في دوام المودة بينهما.
عن المغيرة بن شعبة، أنه خطب امرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)[الترمذي]
الإشهاد على الزواج
أوجب الإسلام الإشهاد على الزواج وإعلانه بين الناس لأن هذا مما يقوي بناء الأسرة، وهذا هو فرق ما بين الحلال والحرام، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا نكاح إلا بولي)[الترمذي]
الصداق للمرأة
من الحقوق التي قررها الإسلام للمرأة الصداق، وهو عطية وهبة يقدمها الزوج لزوجته وهو مما يؤلف قلبها ويقوي الترابط بينهما قال الله: (وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ).
قوامة الرجل على المرأة
من أجل تسيير سفينة الحياة الزوجية لابد وأن تسلم القيادة لواحد؛ لأن السفينة التي لها أكثر من قائد تغرق ولا تصل لهدفها.
وهذه القيادة ليست قيادة تشريف وإنما هي قيادة تكليف وقيام بمسئوليات وأعباء هذه الأسرة.
فالزوج هو المسئول الأول عن الأسرة وهو الذي يتحمل أعباء الأسرة المالية وغيرها، قال الله: (ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ).
الحقوق والواجبات بين الزوجين
ليس هناك حق مطلق بدون واجبات، وليست هناك واجبات بدون حقوق، فمن يريد أن يكون له الحق في أن يستنشق الهواء النقي كان واجبا عليه ألا يساهم في تلويث هذا الهواء، ولن ينال الإنسان هذا الحق بدون أن يؤدي هذا الواجب الذي عليه.
وكذلك الزوج لكي يأخذ حقه لابد وأن يؤدي الواجب الذي عليه، وهكذا المرأة لكي تأخذ حقها لابد وأن تؤدي ما عليها من واجبات.
قال الله: (وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
استمتاع كل من الزوجين بالآخر
أحل الإسلام إشباع الغريزة الجنسية بالطرق المشروعة كالزواج لأنها فطرة جسدية لا يمكن منعها.
ونظرة الإسلام لتلك الغريزة بين الزوجين نظرة سامية حيث جعلها حقا مشروعا لكل من الزوجين لا يحل لأحدهما أن يحرم الآخر منه وإلا كان مقصرا وآثما في حق الآخر.
فبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجرم الذي ترتكبه المرأة عندما تمنع نفسها من زوجها فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها، باتت تلعنها الملائكة ..حتى ترجع)[أحمد]
والرجل الذي يتعنت مع زوجته ويهجرها فلا يقربها ويمنعها هذا الحق المشروع لها حتى كانت مدة هجره أربعة أشهر كان في حكم الشرع مُوليا.
والإيلاء معناه أن يمتنع الزوج مدة أربعة أشهر عن الاقتراب من زوجته، في هذه الحالة يجوز للمرأة أن ترفع أمرها للقاضي ويجبره على إعطاء الزوجة حقها فإن امتنع جاز للقاضي أن يطلق عليه زوجته.
قال الله: (لِّلَّذِينَ يُؤۡلُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ تَرَبُّصُ أَرۡبَعَةِ أَشۡهُرٖۖ فَإِن فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ وَإِنۡ عَزَمُواْ ٱلطَّلَٰقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ)
وعلى هذا فالزواج هو الطريق المشروع لإشباع الغريزة الجنسية دون إضرار بالمجتمع.
للاطلاع على المزيد: