كيف رفع الإسلام مكانة المرأة وأصلح من شأنها؟
وضع الإسلام الكثير من الأسس والمبادئ التي من شأنها أن تعلي من مكانة المرأة، وأن ترفع من شأنها، والتي من شأنها أن تساوي بين الرجل والمرأة منها:
أخوة النسب بين الرجل والمرأة
الأصل الذي ينتسب إليه الرجل هو نفس الأصل الذي تنتسب إليه المرأة، فليست المرأة من أصل أقل قيمة من الأصل الذي ينتسب إليه الرجل، وإنما كلاهما ينتسبان لأصل واحد وهو آدم وحواء -عليهما السلام-
قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ).
قال الآلوسى: “أى خلقناكم من آدم وحواء، فالكل سواء في ذلك، فلا وجه للتفاخر بالنسب”.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما النساء شقائق الرجال)[أبو داود]
قال ابن الأثير: “شَقَائِق” الشَّقيق: المِثْل والنظير، كأنه شُقَّ هو ونظيره من شيء واحد، فهذا شِق، وهذا شِق، ومنه قيل للأخ: شقيق، وشقائق جمع شقيقة تأنيث شقيق”
الرجل والمرأة سواء في الإنسانية
نظر الإسلام للرجل والمرأة على أنهما في الإنسانية سواء فلا فضل لأحدهما على الآخر.
قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا).
والمعنى أن مرد الناس جمعا إلى نفس واحدة وهي آدم -عليها السلام- حتى زوجته حواء خلقها من نفسه.
فالرجل والمرأة مردهم إلى نفس واحدة، فما يكون للرجل يكون للمرأة ولا تمايز بينهما على أساس الجنس، وإنما التغاير الذي يكون بينهما يكون على أساس التكامل وما يتناسب مع طبيعة كل من الرجل والمرأة.
المرأة والرجل في مجال العمل الاجتماعي
من المجالات التي تتعاون فيها المرأة مع الرجل مجال العمل الاجتماعي حيث أمر الله تعالى الرجل بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك المرأة مطلوب منها أن تقوم بهذا الواجب أيضا بقدر طاقتها واستطاعتها.
قال الله: (وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ).
الرجل والمرأة في المجال الإيماني
كما أن المرأة مطلوب منها الطاعة والعبادة كالرجل بما يتناسب مع طبيعتها فإن الله أعد لها الأجر في الآخرة كالرجل لا فرق بينهما.
فقال الله: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ).
مشاركة المرأة في الحياة العامة
أعطى الإسلام المرأة الحق في المشاركة الفعالة في الحياة العامة السياسية وغيرها كالرجل لكن بما يتناسب مع طبيعتها وتكوينها.
قال الله: (فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ).
إدارة المرأة للمال
أعطى الإسلام للمرأة اليتيمة التي تكون تحت وصاية أحد أوصيائها الحق في إدارة مالها إذا بلغت وظهرت عليها أمارات النجابة التي تجعلها قادرة على الحفاظ على مالها وحسن التصرف فيه.
قال الله: (وَٱبۡتَلُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدٗا فَٱدۡفَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡۖ وَلَا تَأۡكُلُوهَآ إِسۡرَافٗا وَبِدَارًا أَن يَكۡبَرُواْۚ).
حق المرأة في قبول أو رفض الزواج
من الحقوق التي قررها الإسلام للمرأة أنه أعطاها الحق في أن تقبل أو ترفض من يتقدم للزواج بها، وليس من حق وليها أن يجبرها على من لا ترغب في الزواج منه؛ لأن هذه حياتها التي ينبغي أن تكون صاحبة القرار فيها.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن). قالوا: كيف إذنها؟ قال: (أن تسكت)[البخاري]
فالمرأة الثيب التي سبق لها الزواج يطلب منها وليها الأمر المباشر لأنها لا تستحي مثل البكر التي لم يسبق لها الزواج لذلك فإذنها يكون بسكوتها.
للمرأة حقوق وعليها واجبات
المرأة في نظر الإسلام إنسان كامل لا يقل أبدا عن الرجل، له حقوق واجب على الزوج أن يؤديها لها، وعليها واجبات يجب عليها أن تؤديها لزوجها.
فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة المساواة من حيث الجنس لكنها لا تقوم على المماثلة والمطابقة باعتبارهما نوعين لجنس واحد يشتركان في أمور ويفترقان في أمور أخرى فأعطى لكل واحد ما يتناسب مع طبيعته، قال الله: (وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ).
خطاب التكليف موجه للرجل والمرأة
الخطاب الذي وجهه الله للعباد هو موجه للرجال والنساء على حد سواء، لكننا دائما ما نرى أن الخطاب موجه للذكور دون النساء من باب التغليب حتى لا يكون هناك تكرار في الكلام في كل يوجهه الله يخاطب به الرجال مرة والنساء مرة أخرى.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين أن النساء شقائق الرجال، لكن من أجل التأكيد على أن النساء مخاطبات بما يخاطب به الرجل إلا فيما اختصهن الشرع به من أجل اختلاف طبيعتهن، ذكر الله في بعض الآيات الخطاب موجها للنساء وللرجال.
عن أم عمارة الأنصارية، أنها أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء؟
فنزلت هذه الآية: (إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلصَّٰدِقَٰتِ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰبِرَٰتِ
وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّٰٓئِمِينَ وَٱلصَّٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا)[الترمذي]